-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تجهيل العلم

عمار يزلي
  • 1445
  • 0
تجهيل العلم

وجدت نفسي أعيش حالة من التعليم الذي لا يعلمه إلا الله! فبعد الضغط الذي مارسه طلبة النهائي في مسألة التسقيف ورضوخ الوصاية لمطالب المحتجين والمضربين، كما رضخت مرات ومرات في البكالوريا وفي تسقيف عتبة الدروس ومحاولة رفع “كوطة” الناجحين في الباك حتى من غشوا وتظاهروا وأضربوا، وجدت نفسي أعيش حالة من اليأس الذي لم يصل إليه أحد! يأس ليس من تلامذتنا وطلبتنا وذهنية المطالب السياسية ذات الطابع العلمي، بل من خنوع السلطة وضعفها وخوفها من الشارع الملتهب ومحاولة إسكات هذا الشارع في هذه الفترة العصيبة من حكم رئيس بلا رئيس وحكومة ديمقراطية بلا انتخابات، وأحزاب لا تمثل أحدا.

فلقد أعلن أن الوزارة، ستعفي طلبة النهائي من الدروس الصعبة، وستعطي أسئلة في غاية السهولة تكون في متناول الجميع، حتى سلال نفسه! لكن التلاميذ أضربوا من جديد وطالبوا بأن تحدد الأسئلة من الآن، أي أن “يقولوا لهم الأسئلة ليحضروا الأجوبة”!! وإلا فإنهم سيخرجون للشارع ويغلقون كل الطرقات والمقرات الرسمية وشل الحركة في البلاد. الوزارة مع باقي الوزارات (التداخلية، التخارجية، التدافعية، الترابية)، برئاسة الوزير الأول (والأخير)، اجتمعت وقررت أن تعلن عن الأسئلة قبل موعد الامتحان بأسبوع وليس قبل شهر كما طالب به المضربون وهذا بعد مفاوضات “عسيرة” خرجت فيه الوصاية والسلطة، غالبة لأنها فرضت شروطها: مش قبل أسبوع! ما راناش نلعبوا! هذا علم هذا مش بزنس ولا شيفون!”.

وجاء يوم الامتحان، وجاءت الأسئلة كلها على صيغة: “كنا قد طرحنا عليكم السؤال فأجيبوا عنه في ظرف كذا… ساعات”. السؤال في العربية للأدب وأصحاب قلة الأدب، كان يقول: “أكتب قصيدة تمدح فيها بوتفليقة، على ألا تتجاوز 40 بيت ولا تقل عن “كوزينة” أي بيت واحد!” في التاريخ:” أجب على السؤال المعروف في 6 ساعات: ما اسم الزعيم الألماني الذي فجر الحرب العالمية الثانية وكان عنده موستاش مثل شارلو، يبدأ اسمه بأدولف وينتهي بـ ..تلر. ضع حرف الهاء في محل النقط” في الجغرافيا: أجب على الأسئلة المعروفة بنعم أو لا: الجزائر وطننا نحن فقط، الإسلام دين البعض منا، العربية لغة الجاهلية عندنا” (في 3 ساعات قابلة للتطويل!). في الإنجليزية: (السؤال بالعربية) أجب على السؤال في 4 ساعات بأية لغة كانت: ما معنى ” آآيام أدونكي”! حلل وناقش بالعربية أو بالدارجة. في التربية الإسلامية: أجب على السؤال المعروف في ساعتين: صلاة المغرب فيها 3 ركعات، كم ركعة في صلاة المغرب؟. في الفرنسية: أجب على السؤال بالعربية ونحسبه لكم كما لو أجبتم بالفرنسية، ومن أجاب بالفرنسية فأخطأ فلا أجر له ولا ثواب:  أجب بـ”صافا” أو ما صافاش”: صافا إذا ترشح بوتفليقة؟ مع العلم أن الجواب الخاطئ هو “ماصافاش”. في الرياضيات لقسم الرياضيات: أجب على السؤالين: على المعادلة ذات المبني للمجهول وفي 5 ساعات: جزائري يخلص مليون ويستهلك 5 ملايين، كم  يربح؟. السؤال الثاني: قاوري، يخلص 5 ملايين ويستهلك 3 ملايين، كم يخسر؟ برهن أنه عندنا خير من عندهم!. بالنسبة للعلميين: مادة العلوم في 4 ساعات قابلة للتجديد: قط إذا قطعت قائمته الأولى وكان جائعا، ثم قلت له: بشبش وأعطيته الأكل، يأتي إليك، وإذا فعلت نفس الشيء مع القائمة الثانية والثالثة، لكن إذا قطعت له القوائم الأربعة، ولو قلت له “هاو هاو” لا يأتيك، أثبت أن القط إذا قطعت له القوائم الأربعة يفقد حاسة السمع!

.. مع ذلك خسر 10 في المائة، وفاز في الباك 90 في المائة في الرياضيات، وخسر 60 في المائة في الأدب و30 في المائة في العلوم. وأعلن على أية حال أن نسبة النجاح تضاهي نسبة الدول المتقدمة: 89 في المائة! ووقعت حملة تثني على التعليم عندنا وتندد باليونسكو المنحازة ضد الجزائر ورئيسها فخامة الرئيس، والثورة ومانيش عارف واش..والمجاهدين والأمير عبد القادر (واش دخل الأمير في هذا الأمور؟). ورحنا نفتخر بمنظومتنا التربوية التي تنتج العباقرة وبالمدرسة الجزائرية التي أصبحت تشكل “مدرسة” في تعليم كيف نعلم أننا نعلم والعلم لله!

مع ذلك، لم يرض الراسبون، وقرروا في الموسم الموالي الإضراب والتهديد بالخروج إلى الشارع، وبدأت حملة جدية من المفاوضات مع التلاميذ والطلبة في الجامعة على أساس: معادلة الباك بالليسانس! ورضخت السلطة وأصبح الطالب “يمنح له الليسانس” مجانا عندما يدرس 3 سنوات في الليسي! ثم طالب التلاميذ بأن يعدوا لهم السنة 3 نهاية سنة أولى جامعي! وقبلت مطالبهم وأصبح فيما قبول التلاميذ في الجامعة من السنة الرابعة متوسط، حيث أصبحت “الجامعات الثانوية” في كل ولاية ومدينة ودائرة وبلدية ودوار، وصارت الجامعة للجميع: يدخل التلميذ في السنة أولى ابتدائي، ثم يخرج طالبا بالدكتورة في 10 سنوات! نوابغنا أكبادنا تمشي على الأرض! وصلنا وجلنا في الإعلام ودفعنا الملايير من الدولارات للإشهار في كبريات القنوات والفضائيات التجارية “والمختصة” و”الموضوعاتية” العالمية بأن التعليم عندنا لم “يتحسن” وحسب، بل “حسنا له بلا ما”! بول أزيرو! كوجاك! طاراس بولبا!.وأنا متأكد لو أن المنام هذا طال قليلا ولم تأت زوجتي لتوقظني كما جرت العادة والعوايد، لكنا قد وصلنا إلى ميلاد الطفل الجزائر دكتورا! وغغغغ وغغغغ أنا دكتور وغغغغ.. اين الدكتور! يولد متعلما فوق التعليم! يعني أكثر من المسيح عليه السلام! لا يكلم الناس في المهد صبيا، بل يعلم الناس في البطن نبيا!.. ولا حول ولا قوة إلا بالله!

“نوض، راها 12 نتاع النهار وأنت غير راقد، روح شري لبنتك شهادة دكتوراه، راها باغية تهبل! قاع صحابتها والديهم شراولهم وهي جبرت بوها حمار ما عنده حتى شهادة الميلاد! (ونهضت أريد أن ضرب جد أمها في جدارة الأذن: لقيط يعني؟ حمار ما عليهش! إنما لقيط، درك نضربك نفتت لك الأضراس حتى تلقطيهم من الأرض باللقاط! ..غير أن سيفها سبق العدل وضربتي بوراق الخبز، لأجد نفسي أنهي الكابوس في “ليرجانس” مع قتلى الحوادث والدم والذبان والناموس!

http://ammar-yezli.blogspot.com

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!