تحية للصّامدين في وجه الاستيراد
ينبغي أن نُوجّه التّحية اليوم لمن بقي صامدا من المتعاملين الاقتصاديين الجزائريين وقادرا على التعريف بمنتوجه في معرض للإنتاج الوطني يُعقد ببلادنا هذه الأيام، مهما كانت نوعية السلع والخدمات المعروضة، مهما كانت مساهمة الطرف الجزائري فيها عالية أو متواضعة، مهما كانت القيمة المضافة بسيطة، ذلك أن الصمود أمام آلة الاستيراد التي اكتسحت كل المجالات يُعدّ في حد ذاته معجزة، والوقوف في وجه العراقيل البيروقراطية التي يشكو منها الجميع وعلى جميع المستويات يعدّ قدرة خارقة، وقبل كل ذلك الصمود أمام مغريات الربح السريع يعدّ شجاعة لا تُقاس.
كل المساهمين في معرض الإنتاج الوطني كان بإمكانهم أن يتحولوا إلى مستوردين، أن يغلقوا أبواب مؤسساتهم، ويتجهوا إلى السوق الدولية لطلب هذه السلعة أو تلك، في مقدورهم جميعا أن يفعلوا ذلك ويتخلصوا من هموم تسيير معامل أو ورشات أو عمال ومستخدمين.. الجميع كان بإمكانه أن يفعلها وبخاصّة المنتمين للقطاع الخاص من الذين رهنوا كل مدخراتهم وحياتهم الشخصية في مشروع أو منتج يعرفون أنه مهدد في كل لحظة. ما الذي تركهم يصارعون في مناخ اقتصادي غير ملائم؟ ما الذي ترك مساحة الأمل لديهم كبيرة رغم عوامل القنوط واليأس الكثيرة؟
أعتقد أن هناك أمرا ما يُبقِي هؤلاء في مثل هذه الحالة من الصمود: أنهم أرادوا أن يكونوا مساهمين بحق في الاقتصاد المنتج، لا مساعدين على إغراق السفينة الوطنية بمزيد من السلع والخدمات التي كان ومازال بالإمكان إنتاجها محليا، مثلهم مثل كل المواطنين الذين مازالوا، كل في موقعه، يؤمن بأن البلاد قادرة على أن تكون وتتحدى وتتفوق بسواعد أبنائها وبناتها، مثلهم مثل ذلك الفلاح الذي مازال مؤمنا بأن من واجبه زراعة الأرض ولو بربح قليل، وذلك العامل الذي مازال يعتقد بأن مستقبله في بلده وفي إنتاجه الوطني وفي المعمل أو المصنع أو الإدارة التي يشتغل بها، أو ذاك الأستاذ الذي مازال يحرص على تكوين المهندس أو الطبيب أو التقني تكوينا لائقا لكي يكون في مستوى غيره على الصعيد العالمي… وقس على ذلك من تشاء…
هذا الصنف من الناس مازال موجودا رغم كل المناخ الطارد لوجودهم، سياسيا واقتصاديا، ومازال يُقدّم لنا الدليل على أن الأمل باق في هذه البلاد رغم السياسات الفاشلة المنتهجة من قبل مسؤولين ليسوا في مستوى المسؤولية والأداء.
ألا يكفينا هذا لنعيش على أمل سقوط حائط الاستيراد الاصطناعي وقد بدأت أركانه تهتز بالسقوط الحر لأسعار البترول؟