-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تراجع الإقبال على الأمومة.. بين ضغط المجتمع وصعوبة الظروف

نسيبة علال
  • 1461
  • 0
تراجع الإقبال على الأمومة.. بين ضغط المجتمع وصعوبة الظروف

تغيرت الكثير من المفاهيم في مجتمعنا اليوم، فلا الزواج ظل سترة للمرأة وتكملة لها، ولا الإنجاب بقي بتلك القدسية، التي تتوج الأم بأعظم إنجازاتها في الحياة.. فقد بدأ التراجع عن الأمومة ينتشر في الجزائر، كما هو في بلدان عربية تبعت العالم الغربي الساعي إلى تحديد النسل وتحرير المرأة، وإن اختلفت الظروف والدوافع، إلا أن النتائج تكاد تكون ذاتها.

نفسك أولا.. لا تضحي بها من أجل الآخرين

انتشار الفكر الأنثوي، والحركات المناهضة لاضطهاد المرأة وهضم حقوقها، تأتت عنها بعض الأفكار الدخيلة على المجتمع المسلم. وهي أن ما تقدمه المرأة العصرية كأم لا يخدم صالحها، فهي تعاني في أثناء حملها بما أنها ربة بيت أو سيدة عاملة، عليها الكثير من المسؤوليات، ثم قد تضطر إلى الولادة القيصرية وشق بطنها فتخلف لها الولادات المتكررة تشوهات في جسدها، وفقدان رشاقتها وصحتها البدنية، ثم عليها أن تضحي براحتها، ووقتها وطموحاتها لأجل أن ينعم أشخاص آخرون بحياة هادئة ومريحة، ويحققوا أهدافهم وطموحاتهم ثم ينسحبوا من حياتها مبكرا، ليرتبطوا بطرف آخر، يصبح بالنسبة إليهم محور الكون.. كل هذه الأفكار، وإن كان فيها جانب من الصحة، إن تم النظر إليها بموضوعية وحياد، أصبحت تسيطر على عقول النساء، اللواتي كبرن بفطرة الأمومة، وجعلتهن يفكرن ألف مرة قبل الإقبال على الحمل. أضف إلى ذلك، ما باتت تروج له مواقع التواصل الاجتماعي، بمؤثريها الذين يعيش أغلبهم حياة وهمية، وسيناريوهات المسلسلات المقتبسة من الإنتاج التركي، بأن للمرأة الحق في أن تعيش مع زوجها بعض الوقت الذي يسمح لهما بالتعرف أكثر على طباع بعضهما، والسفر معا، واغتنام أوقات حميمة وذكريات جميلة قبل الالتفات إلى تربية الأطفال.

الظروف المادية فوق رغبة الأبوة

للواقع رأي مغاير تماما عن كل تلك الوجهات التي تحمل طابعا سياسيا عن حقوق المرأة، وضرورة تقدير ذاتها، وعدم إهلاكها بالولادات وتربية الأبناء، سواء بتأخير الحمل أم تحديد النسل.. وعندما نتحدث عن الواقع، فإننا نشير إلى الوضع الاقتصادي الصعب، الذي بات يرهق الأولياء، حيث إن الطفل قبل أن يقبل على الحياة، تبدأ تكاليفه في الارتفاع، وعلى الوالدين أن يكونا جاهزين لها، ولكل تلك المصاريف الكثيرة اللاحقة في زمن البرستيج والانفتاح على المواقع وضرورة توفير مأكل وملبس مناسبين للطفل، حتى لا يتأخر عن أقرانه. يقول خالد، 41 سنة، موظف بشركة خاصة: “قبل أن أتزوج زميلتي في العمل، اتفقنا على أن نؤجل فكرة الإنجاب لسنتين تقريبا، حتى نتمكن من تحسين ظروفنا، تسديد ديوننا واستئجار منزل خاص. تمر اليوم أربع سنوات، نرغب بشدة في الإنجاب، لكن زوجتي تستمر في تأخير الموضوع، لظروفنا الصعبة، ديون وضيق المسكن، رغم العمل على مدار السنة، ولا يمكن أن تترك وظيفتها لتربية الصغار”.

ضغط مجتمعي.. الأمومة ليست إنجازا

بدأ الجميع يتفق مؤخرا على أن الأمومة لوحدها لا تعتبر إنجازا للنساء في وقتنا الحالي، ما لم تدرس المرأة وتتحصل على شهادات عالية، أو تتقلد وظيفة مميزة، أو حتى تنشئ مشروعها الخاص.. فالزواج والإنجاب بات يعتبر إضافة للأنثى، على عكس ما كان في السابق، مثله مثل قيادة السيارة أو السفر.. نظرا إلى كثرة الطلاق وفشل العلاقات الزوجية، وما ينجر عنها من معاناة للنساء في ما بعد. وهو ما جعل أصواتا كثيرة تنادي بضرورة أن تؤمن المرأة نفسها ومستقبلها، قبل إنجاب أفراد جدد للمجتمع. تقول ليندا، 33 سنة، طبيبة أسنان: “تزوجت بعد تخرجي مباشرة، لم أكن قد تحصلت على وظيفة، وقررت تأخير الإنجاب حينها، لأن في عائلتي، كوني دكتورة، أن أساعد الناس أهم من كوني أما. تحصلت على قرض وأنشأت عيادتي الخاصة، أعمل مع زوجي حاليا، وأنجبت منذ أشهر طفلتين توأما. على الصعيد الشخصي، أضافت لي الأمومة الكثير، رغم أني أتقاسمها مع والدتي ومربية تعيش معنا، أما في المجتمع، فالناس يحترمونني ويقدرونني على أنني سيدة ناجحة، تتقن عملها وتطور مشروعها، ولا يهمهم كوني أما”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!