اقتصاد
تبعا لعبث شكيب خليل بقطاع الطاقة لمدة 10 سنوات

تسوية “أزمة” الوقود في الجزائر لن يكون قبل 2020

الشروق أونلاين
  • 12595
  • 5
الأرشيف

حولت الحكومة إخفاقاتها بالجملة في تسيير قطاع المحروقات خلال 10 سنوات الماضية إلى ما يشبه حروب الدونكيشوت. فبعد 10 سنوات من “العبث اللامنتهي” لشكيب خليل وزمرته في وزارة الطاقة والمناجم، اكتشفت حكومة عبد المالك سلال، أن وزارة الطاقة على عهد الوزير السابق الذي غادر الجزائر في الظروف التي يعلمها الجميع، لم تنفذ أي استثمار حقيقي في مجال التكرير على سبيل المثال، وأن الشغل الشاغل للوزير السابق هو العمل على ضخ المزيد من النفط الخام إلى الخارج بطريقة من يتسابق ضد الزمن لتنفيذ مخطط ما(؟).

المفاجأة كانت بحجم الصدمة على حكومة سلال الذي لم يجد سوى مهاجمة أشباح شبكات تهريب الوقود الجزائري نحو تونس والمغرب، والشروع في حملة إعلامية واسعة النطاق لتحسيس الرأي العام المحلي بحجم الأخطار الاقتصادية والأمنية التي تمثلها ظاهرة تهريب الوقود  .

الوزير الأول أمام حلول أحلاها مر، فهو من ناحية القانون عاجز عن منع نشاط وكلاء السيارات، أي أنه يستحيل منع الجزائريين من شراء سيارات جديدة، ومن ناحية أخرى يخاف مجابهة الجزائريين بالحقيقة التي لا مفر منها وهي رفع الأسعار لضرب مجموعة من العصافير بحجر واحد، أي الحد من التهريب والتحكم في الطلب المحلي وتخفيض عجز الموازنة الناجم عن توسع مخصصات الدعم للوقود، والحد من التلوث، لأن أسعار الوقود المنخفضة حولت السيارة بالنسبة للجزائري إلى وسيلة للنزهة.  

وللمرة الأولى في تاريخ العلاقات بين الجزائر والمملكة المغربية، يتحدث الوزير الأول عن المخاطر التي تمثلها الظاهرة التي كانت تعتبرها الجزائر إلى وقت قريب شبه مسموحة أو تغض عنها الطرف في إطار ما تسميه الجزائر الرسمية بواحدة من أشكال الدعم غير المباشرة لسكان الدول المجاورة. 

ولم تعرف الجزائر في تاريخ الاتصال الرسمي تركيزا بالطريقة التي تتعامل بها الحكومة منذ مطلع الصائفة الجارية مع أزمة الوقود الناتجة في الحقيقة عن توقف الاستثمارات في مجال التكرير والنقل منذ العام 1980.

ومنذ مطلع جويلية تحركت كل الأجهزة ومنها قوات الأمن المختلفة وخاصة حرس الحدود التابع لجهاز الدرك الوطني وقوات الشرطة والجمارك الجزائرية والجيش ووزارة الطاقة والمناجم، كما اجتمعت الحكومة في مجلس وزاري مشترك مرتين لبحث الموضوع وتحضير الرأي العام لقرار رفع أسعار الوقود من خلال تركيزها على الخسائر التي تسببها ظاهرة التهريب، ولكنها غير متأكدة من عواقب قرار رفع الأسعار على المستوى الاجتماعي بسبب الخوف من أن يكون القرار الشرارة التي تشعل فتيل الاحتجاجات الاجتماعية، على الرغم من الدعم الواسع الذي تتوفر عليه الحكومة بخصوص رفع السعر من الخبراء الاقتصاديين والصناعيين والسياسيين نظرا لحجم التبذير الذي يعرفه استهلاك المواد المكررة في الجزائر. 

ولم تلجأ الحكومة إلى زيادة أسعار الوقود منذ عام 2005 على الرغم من رفع الحد الأدنى للأجور ثلاث مرات خلال العشرية الأخيرة إلى جانب الزيادات المهمة في أجور العاملين في قطاعات الوظيف العمومي والقطاع الاقتصادي، فضلا عن الارتفاع الكبير في واردات السيارات وواردات المواد المكررة.

ويرجع مختصون في شؤون الطاقة أصل المشكلة لتراجع الاستثمارات في مجال التكرير وليس لظاهرة التهريب التي تريد الحكومة جعلها المشجب الذي تعلق عليه جميع إخفاقاتها في مجال الاستشراف وخاصة في قطاع النقل أو بالنسبة لزيادة قدرات التكرير الوطنية وقدرات تخزين المواد المكررة.

وجاء إعلان الجزائر عن بناء 5 مصاف جديدة متأخر جدا بعد تفويت فرصة العشرية الفارطة التي كانت تتميز بضغط أقل من حيث الطلب المحلي بسبب محدودية الطلب من القطاع الاقتصادي ومن المستهلكين بسبب محدودية الحظيرة الوطنية التي بدأت في الانفجار منذ 2006، وحتى مع الشروع في بناء المصافي اليوم فلن تحل المشكلة قبل 2020 وبغلاف مالي لا يقل عن 20 مليار دولار مع حساب الخسائر الناجمة عن الاستيراد ودعم الوقود.

وتضاعفت أسعار بناء المصافي بداية من عام 2008 بالمقارنة مع المرحلة 2000 إلى 2008، وهو ما كشفت عنه الأرقام الخاصة ببناء مصفاة بولاية تيارت التي كانت في حدود 6.2 مليار دولار بالنسبة لمصفاة بطاقة 10 ملايين طن، قبل مراجعة الطاقة التكريرية وتخفيضها إلى النصف أي 5 ملايين طن بنفس الكلفة تقريبا نتيجة ارتفاع الأسعار في السوق العالمية.

 

مقالات ذات صلة