الرأي

تصدير السيّاح لتونس!

قادة بن عمار
  • 2926
  • 8

من حقّ مدير الديوان الوطني للسياحة في تونس أن يفتخر بعدد الجزائريين الذين زاروا بلاده في الأربعة أشهر الأولى من السنة الجارية، بعدما تجاوزوا نصف مليون شخص، ومن حق وزيرة القطاع في حكومة جارتنا الشرقية، أن تقول للإعلاميين إنه في صلب أولوياتها الحفاظ على الزبون الجزائري بل وجلب 3 ملايين سائح هذا الموسم!
من حق هؤلاء أن يخططوا ويطوّروا ويفتخروا، طالما أن السياسة المنتهَجة في الجزائر هي قتل السياحة وطرد السياح والعمل على عدم استقرار القطاع وليس العكس!
هل سمعتم مثلا بوزير في دولة تحترم نفسها يدعو مواطنيه إلى زيارة دولة أخرى وصرف أموالهم لصالح اقتصادها؟ لقد فعلها الوزير “خالد الذكر” عمار غول يوما، حين قال إنه سعيد جدا بالأعداد الكبيرة للسياح الجزائريين الذين يتوافدون على تونس الشقيقة في إطار التضامن الأخوي بين الدولتين؟!
تمنينا لو أن الوزير حينها، ومن باب السخرية، وفي إطار خصخصة قطاعه و”تدويل” سياحة مواطنيه، لو اعتمد قاعدة 51/49 على الأقل، والتي لا تجعل من الجزائريين يفرون جماعات جماعات نحو البلد الشقيق ويحافظون على بعض أموالهم لفائدة السياحة الداخلية!
حتى رئيس اتحادية كرة القدم خير الدين زطشي حشر أنفه في مسألة الاستثمار السياحي أول أمس، حين قال مدافعا عن حصيلته بأنه لا يريد إدخال “الفاف” في “استثمار فاشل” يتمثل في بناء فندق، طالما أن الفنادق بالعاصمة كثيرة جدا وينقصها الزبائن، وهو يفضِّل أن يحرث 1000 هكتار أو حتى يستثمر في المناجم بدلا من بناء مشروع سياحي في بلد بلا سياحة وفنادقه مفلسة!
السياحة باتت بلا حماية في بلادنا، حتى إن مسؤولا رفيع المستوى قالها بصريح العبارة مؤخرا إنه ضد عودة السياح الأجانب إلى الصحراء فـ”أن يتعرض واحد منهم إلى الأذى، كفيل بنسف كل مساعي استرجاع الأمن التي حققناها وصرفنا عليها الملايير في سنوات سابقة”!
لو فكَّر الأشقاءُ في تونس ومصر بمثل هذه العقلية لامتنعوا عن استقبال السياح بعد الجرائم الإرهابية البشعة التي وقعت في متحف الباردو بتونس العاصمة، وعلى شاطئ البحر هناك، أو حين تم تفجير طائرة روسية وإسقاطها في شرم الشيخ!
في النهاية، لقد تبيَّن بأن سياسة الحكومة القائمة على تنويع ركائز الاقتصاد واستبدال المحروقات بالسياحة، لم تكن تعني تنويع الدخل، وإنما تنويع الوزراء بدليل استبدال أربعة منهم على رأس قطاع السياحة في ظرف سنة واحدة، وكل من يأتي حديثا يكفر بما حققه سابقه، آخرهم الوزير الحالي عبد القادر بن مسعود، حين قال إنه يرفض كل ما اطلع عليه من برامج وسياسات، فهي عبارة عن “نسخ ولصق” لبرامج سابقة، وهذا الكلام إن كان صحيحا فليس بوسعنا أمامه سوى الدعاء: كان الله في عون السياحة و.. في عون الجزائر!

مقالات ذات صلة