-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
رشاشات كلاشينكوف ومسدسات وبنادق وقاذفات قنابل

تصنيع السلاح بأيادٍ جزائرية

نوارة باشوش
  • 16624
  • 0
تصنيع السلاح بأيادٍ جزائرية
ح.م

حلم يتحول إلى حقيقة.. رشاشات كلاشينكوف.. بنادق ومسدسات إلى قاذفات القنابل.. تصنع محليا بأنامل مائة بالمائة جزائرية وبسواعد وكفاءات وطنية… هي معركة التصنيع التي تخوضها المؤسسة العسكرية بالتوازي مع محاربة بقايا الإرهاب والوقوف بالمرصاد للمهربين والمتآمرين على أمن الشعب الجزائري، هي مؤشر قوي على أن الجيش الوطني الشعبي دخل مرحلة متقدمة من العصرنة والاحترافية في الاعتماد على قدراته الذاتية، باعتبار أن الصناعات العسكرية الوطنية جزء لا يتجزأ من الإستراتيجية الوطنية الشاملة والمتكاملة للاقتصاد الوطني، بغية تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليص فاتورة الاستيراد وكبح نزيف العملة الصعبة نحو الخارج.
“الشروق” وقفت على صناعات هذه الأسلحة التي تقودها مؤسسة البناءات الميكانيكية بخنشلة بالناحية العسكرية الخامسة، ذات خبرة تفوق 32 سنة في مجال صناعة وتجارة الأسلحة المختلفة كاملة ومجزأة وقطع التصنيع والتصهير وكذلك دراسة وتطوير وإنتاج وتسويق الأسلحة الخفيفة بنسبة إدماج مائة بالمائة وتقديم الخدمات التقنية وإنتاج قطع الغيار وأدوات للمناولة للخواص والشركات العمومية، حيث عاينت منتجاتها بالجناح المخصص لها بقصر المعارض والتي تمثلت في عينة من الأسلحة الخفيفة المصنعة محليا.
الأمر الذي سجلناه في عين المكان هو عرض نماذج تقدمت بها مؤسسة البناءات الميكانيكية بخنشلة لأول مرة لمختلف الأسلحة التي يتم انتاجها على مستوى المؤسسة، بداية من المسدسات الرشاشة عيار 7.62 الذي تم انتاجه منذ انطلاقة المؤسسة، في أوائل تسعينيات القرن الماضي إلى غاية الرشاش 12.7 ملم الذي شرع في تصنيعه خلال العام الماضي موجه للمركبات العسكرية المصنعة محليا من طرف مديرية الصناعات العسكرية، حسب ما كشف عنه لـ”الشروق”، المقدم عبد الوهاب بحري، المكلف بالمشاريع الجديدة بمؤسسة البناءات الميكانيكية بخنشلة بالناحية العسكرية الخامسة.

بنادق صيد.. صناعة محلية مائة بالمائة
وخلال دردشتنا مع المقدم بحري، استعرض هذا الأخير مسار وجديد المؤسسة في السوق الوطنية، قائلا “المؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري، تابعة لمديرية الصناعات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع الوطني، لها باع طويل، فهي تنشط في مجال صناعة الأسلحة منذ سنة 1990، إذ تتمثل مهمتها الرئيسية في دراسة وتطوير وإنتاج الأسلحة لفائدة قوات الجيش الوطني الشعبي ومختلف الأسلاك الأمنية وكذا مؤسسات شبه عسكرية على شاكلة الشرطة، الجمارك والسجون، كما تعكف المؤسسة على تقديم الخدمات التقنية المختلفة، إلى جانب إنتاج قطع الغيار وأدوات الإنتاج، على غرار أدوات القطع وأدوات القياس ومراقبة الجودة للاستعمال الداخلي، أو لفائدة المؤسسات الاقتصادية العمومية والخاصة، في إطار المناولة، من أجل إثراء النسيج الاقتصادي الوطني، تنفيذا لتعليمات القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي، مثل المنتجات التي تم عرضها في الطبعة الـ30 لمعرض الإنتاج الجزائري”.
وبخصوص آفاق تطوير المؤسسة، وكذا مشاريعها، قال ممثل وزارة الدفاع الوطني، “الخبرة التي تحوزها مؤسسة البناءات الميكانيكية بخنشلة والتي تفوق 32 سنة في مجال الصناعة الميكانيكية، مكنها من تطوير قدراتها التكنولوجية والإنتاجية والصناعية، خاصة في ظل سياسة العصرنة التي توليها قيادة الجيش الوطني الشعبي اهتماما كبيرا، سواء على صعيد التجهيزات أو التكوين المستمر للمورد البشري، وهذا ما يعكسه اليوم التنوع المسجل في منتجات المؤسسة، انطلاقا من المسدس الرشاش عيار “7.62 ملم”، الذي تم إنتاجه منذ بداية نشاط المؤسسة، له أخمص خشبي، والمسدس الرشاش عيار 7.62 له أخمص حديدي مطوي، ليتم في سنة 2003 إدماج كل من البندقية الرشاشة عيار 7.62 والبندقية المضخية عيار 12 ملم والمسدس الآلي 9 ملم، إلى غاية صناعة الرشاش عيار “12.7 ملم” الذي شرعت المؤسسة في تصنيعه العام الماضي”.
بالإضافة – يقول الضابط الأمني – “إلى بعض المنتجات المبرمج طرحها خلال عام 2023، على غرار بندقية الصيد بنسختين، حيث سجلنا هناك طلبا كبيرا من طرف المواطنين عبر مختلف ولايات القطر الجزائري، حيث ارتأت المؤسسة تلبية احتياجاتهم، من خلال تمكين المواطنين من اقتنائها في الجزائر عوض استيرادها من الخارج”، مؤكدا أن المؤسسة العسكرية، تمتلك إمكانات كبيرة لاعتمادها على التكنولوجيات الحديثة في الصناعة الميكانيكية، يجعلها قادرة على تلبية كل احتياجات المؤسسات حسب الطلب، مما مكّن الجزائر اليوم من صنع محليا كل ما تحتاجه من أسلحة خفيفة وذخائر ومركبات وعربات نقل عسكرية، كما طورت قطاع صيانة بعض الأسلحة المتقدمة، وتسعى إلى تطوير قاعدة تكنولوجية وصناعية من خلال التحالفات الإستراتيجية في مجال الأسلحة الصغيرة والخفيفة والصناعات الأخرى لاسيما الميكانيكية.

نحو تحقيق الاكتفاء الوطني وتجسيد السيادة الاقتصادية
وفعلا، فقد سجلنا خلال الساعات القليلة التي رافقنا فيها هذه المؤسسة الرائدة في الجناح المخصص لها بقصر المعارض بالجزائر العاصمة، إقبالا كبيرا جدا من قبل المواطنين على الجناح، حيث تمكنوا من التعرف على المنتجات الوطنية للأسلحة، والإمكانات التي تتوفر عليها، كون الكثير منهم كان يجهل أن الجزائر تنتج سلاحها 100 بالمائة، كما حضرنا جزءا من الأسئلة التي يطرحها الموطنون من مختلف الأعمار والتي تلتقي جميعها تقريبا حول مصدر الأسلحة والدولة المصنعة لها، وإذا ما كانت الأسلحة المعروضة حقيقية أم لا، فبين من أصابته الدهشة، وبين من افتخر بما وصلته المؤسسة العسكرية من الإنجازات باعتبارها خطوة هامة نحو تحقيق الاكتفاء الوطني وتجسيد السيادة الاقتصادية، نجد فئة ثالثة تحاول أن تجمع كل المعلومات المتعلقة بشروط التوظيف في هذه المؤسسة، فيما سارعت الفئة الرابعة لأخذ صور تذكارية إلى جانب هذه الأسلحة.
وأضاف المكلف بالمشاريع الجديدة بمؤسسة البناءات الميكانيكية بخنشلة المقدم بحري، أن المؤسسة تتوفر على عدة ورشات منها ورشة التصنيع الرقمي، ورشة الحقن بالمواد المركبة، الحقن بالمعادن، المعالجة الحرارية، مراقبة الجودة والنوعية بوسائل جد متطورة، كما تملك القدرات لصناعة أي سلاح خفيف ووفق التطورات الحاصلة، إلى جانب إنتاج منتجات ثانوية، مثل آلات القطع، في مجال المناولة وقطع الغيار، أدوات القطع والمراقبة، وكل أنواع النوابض، القوالب وهذه المنتجات توجه لجميع وحدات الجيش، والخواص كذلك، حيث تعتمد في تحقيق أهدافها على الكفاءات الوطنية من خريجي المدارس والجامعات الجزائرية، حيث يتم إخضاعهم لتكوين خاص على مستوى المؤسسة بعد توظيفهم، كما اعتمد تكوين مستمر لصالح أفراد المؤسسة بعد دخولهم العمل مع الجامعات ومراكز التكوين المهني، لأن العمال من جميع الأصناف، ويستفيدون من دورات رسكلة وإعادة تأهيل، كلما اقتضت الضرورة.

عين على النفقات وأخرى على التصدير
المعروضات المحلية جزائرية الصنع، التي كشفت عنها مؤسسة البناءات الميكانيكية بخنشلة، التابعة لمديرية الصناعة العسكرية بوزارة الدفاع الوطني، والتي أثارت اهتمام الزوار الذين توافدوا عليها بالآلاف، كشف أن هذه المؤسسة التي توصف بالصامتة، تقوم بعمل حثيث وتبذل جهدا جبارا بعيدا عن الأضواء، حيث أصبحت لديها صناعة محلية بأنامل جزائرية وبسواعد وكفاءات وطنية بإمكانها الاستجابة ليس فقط للحاجات الأساسية لوحدات الجيش الوطني الشعبي، بل حتى للمؤسسات شبه العسكرية والعمومية وأكبر المجمعات الاقتصادية منها النفطية الواقعة في عمق الصحراء الجزائرية على شاكلة “سوناطراك”، مما جعلها من بين المؤسسات التي حققت اكتفاء وفائضا يمكن تصديره، وهو هدف استراتيجي تسعى إلى تحقيقه الجيوش الحديثة التي أصبحت ترى أن توفير حاجياتها الأساسية بنفسها، هو تأمين لها وهو المعركة الأولى التي يجب ربحها قبل باقي المعارك، خاصة أن الجزائر في صدد الاستعداد للتحول من استيراد الأسلحة والآلات الحربية إلى تصدير منتجاتها العسكرية، بعد أن دعا رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أول سعيد شنقريحة إلى ولوج الأسواق الإقليمية، بل وحتى الدولية، والتفكير جديا في تصدير منتجات الجزائر العسكرية، بما فيها السلاح والذخيرة، مشددا على ضرورة التصدير والتصنيع وعدم الاكتفاء بالتركيب، قائلا “إنه يتعين على الجيش توسيع دائرة اهتمامات الصناعات العسكرية، لتشمل ليس فقط تلبية احتياجات الجيش وأسلاكه المشتركة والسوق المحلية، بل تتعداه إلى الولوج إلى الأسواق الإقليمية، بل وحتى الدولية، والتفكير جديا في تصدير منتجاتنا، شريطة الحرص على جودتها ومطابقتها للمعايير الدولية فضلا عن اعتماد الشفافية وأحدث طرق التسيير العصرية، والرفع من الإدماج”.
كما شدد الفريق خلال الزيارة التي قام بها إلى مؤسسة البناءات الميكانيكية بخنشلة أن الهدف الأساسي الذي تسعى إليه القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي إلى بلوغه، هو التحسين المستمر والمتواصل للمعارف والمهارات لكافة الإطارات والمستخدمين، والعمل بدون هوادة وبتفان شديد من أجل المحافظة على هذه المكاسب الهامة وتطويرها وترقيتها، وكذا المساهمة بفعالية في الرفع المستمر لمستوى صناعتنا العسكرية، لاسيما الصناعات الميكانيكية بمختلف تخصصاتها، التي استطاعت أن توفر عددا هاما من مناصب الشغل، وأن تساهم بشكل كبير في تلبية احتياجات قواتنا المسلحة، وتدعيم جهود الاقتصاد الوطني.

الصناعات العسكرية.. توفير للملايير بتقليص لفاتورة الاستيراد
إلى جانب وقوفنا على آخر إبداعات مؤسسة البناءات الميكانيكية بخنشلة، فقد تنوعت الاستثمارات العسكرية التي احتواها الجناح المخصص لمديرية الصناعات العسكرية بقصر المعارض بالجزائر العاصمة، في مختلف المجالات، فبين توفير حاجيات الجيش في صناعة النسيج والألبسة والأسلحة الخفيفة والذخيرة التقليدية، وبين صناعة العربات القتالية والسيارات المستعملة لأغراض عدة ومنها حمل الأفراد العسكريين والمدنيين، مرورا بصناعة العتاد، والمدرعات، وأجهزة الإشارة والمراقبة وصولا إلى المركبات والشاحنات من علامة عالمية، وكذا ما تقوم به مؤسسة البناء والتصليح البحري من عمل جبار في صناعة السفن الحربية وتجهيزها وصيانتها داخل الجزائر، كما تقوم بصيانة سفن الصيد التي كان أصحابها يجدون صعوبة بالغة في جرها إلى دول الجوار لتصليحها، تعددت المنتجات، نجد أن الهدف واحد، وهو توفير احتياجات القطاع العسكري والمدني على حد سواء، وتمتين الاقتصاد الوطني، بصناعة محلية وفق معايير عالمية، تقتصد ملايير الدولارات من فاتورة الاستيراد وتجنيب الدولة تكاليف باهظة في نقلها وتشحينها ثم توزيعها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!