تعميم الخصاصة!
هزيمة النفط والدينار، دفعت السلطة إلى نفض يديها من ملكية الدولة والخطوط الحمراء التي رسمتها الجزائر لنفسها منذ الاستقلال، وباتت السلطة التي لا تفكر اليوم إلا في نفسها بعد أن أجبرها الفساد المنهجي المستشري في الأوصال بفعل البحبوحة المالية على أن تفكر في البقاء لمدة أطول وحماية نفسها من نقمة الناس والشعب بكل أشكال “التأمين” على مدى الحياة: ماديا وحصانة!
السلطة تنقل الآن إلى الطغم المالية والسياسية (المال والسياسة الوسخة)، المسماة “أوليغارشيات”، وباتت الخصخصة تنتقل من مرحلة “تخصيص التعميم” إلى “تعميم التخصيص”، ليصبح القطاع المخوصص، والذي ولد من رحم البحبوحة المالية والمال السياسي الفاسد، هو المسيطر، وبالتالي تتنقل السلطة تدريجيا وبخطة حثيثة نحو سلطة المال الخوص في تسيير بيت مال العوام! ولما تصل هذه الطغم الاقتصادية والمالية إلى الحكم سياسيا فعليا بعد 5 سنوات أو حتى أقل (وقد بدأت)، سوف نجدها تحمي نفسها من المنافسة الدولية للتقوى وتفرض نفسها على السوق باعتبارها لا منافس لها بعد تقليص الاستيراد! هكذا، ستجد مجموعات المستثمرين المحضوضين سياسيا (المدعنون والمساندون)، تتغول اقتصاديا وسياسيا لتفرض نمط وطبيعة إنتاجها وذوقها ـ إذا كان عندها ذوق ـ وتجد المواطن مخيرا بين “أحذية قدور” وسراويل ” عبدقة”! لا غير! وهذا بعد أن تفرض ماركة “مصنوع في الجزائر” على المواطن المغلوب على أمره، ليشتري ما يجده في السوق من منتوج وطني على علاته، بدعوى إرغام إشراك المواطن في التنمية المحلية وتطوير “الاقتصاد الوطني” من خلال اقتناء وفقط الإنتاج الوطني ولو كان على قدر كبير من التواضع!
نفس الشيء مع المدارس والجامعات التي ستعرف الخصخصة وفتح باب تملك الجامعات لأرباب العمل و”الطاشرونات” والبارونات وكل من يملك مالا.. وليس بالضرورة علما! وتعالى لترى العلم!
نمت على هذا الهم والتساؤلات المشوشة، لأجد نفسي، باعتباري مستفيدا من الدعم السياسي البنكي، باعتباري مساندا لكل العهدات ومستميثا لها، أظفر بامتيازات ضخمة كانت ستذهب حتما لأصحاب رؤوس أموال “مربربة”، لولا عناية الله ورفض سكر وزيت الممانعة الذوبان في قهوة وحليب المبايعة!: أسست جامعة علوم دقيقة بمال الدقيق، ووظفت أساتذة وأغدقت عليهم بمرتبات تضاهي مرتبات نظرائهم في فرنسا ورحت اليوم أفتتح الدرس الأول: “على كل حال قراو مليح والدكاترة نتاوعكم هذو نخلوصهم غاية: أحنا نعلفوهم كالعواد وهم يخصهم يحرثوا كالبغال وأنتم تقروا كالحمير! أنتم تخلصونا وحنا نخلصوا الشيوخة نتاوعكم، ونعطوكم الديبلومات باش تخدموا في فرنسا بلا مشكل! حنا نستعرفوا بالديبلوم نتعهم وهما يسعترفوا بنا! يخصكم كذلك تشريوا غير الإنتاج المحلي نتاعنا.. نتاعي! كما هذا السروال “سراويل بوعزة” وأديداص الخوان” تحيا الجزائر ويعيش الشهداء.
وأفيق وأنا أزغرد أحسن من زوجتي!