الرأي

تعهد بوتين وترامب بضمان أمن مستدام لإسرائيل

حبيب راشدين
  • 1063
  • 7

إذا ما صدقنا تصريحات بوتين وترامب عقب قمة الاثنين الماضي، يفترض أن يعجل المشرفين على “ساعة القيامة” بتأخير عقاربها بأكثر من خمس دقائق، لأن الرئيس الروسي يؤكد “أن الحرب الباردة في طريقها إلى الزوال”، فيما صرح ترامب “أن العلاقات بين البلدين صارت منذ أربع ساعات في أفضل حال”، وأن ملف الخلاف الأكبر بين البلدين له صلة بالتنافس على سوق الغاز بأوروبا العجوز لن يفسد عليهما التوافق على ضمان أمن مستدام للكيان الصهيوني.
الصورة الأكثر رمزية في هذا اللقاء التقطت خلال الندوة الصحفية حين سلم بوتن “كرة قدم” لنظيره الأمريكي ولسان حاله يقول: “الكرة في ملعبك ولك واسع النظر ايها الصديق”، وهو لا يقصد استضافة الولايات المتحدة لفعاليات كأس العالم لسنة 2026 بقدر ما يضمر مباركة روسية لمجمل السياسات التي يقودها ترامب للعودة بالولايات المتحدة إلى حقبة ما قبل سيطرة دعاة “القرن الأمريكي” وهيمنة مبدأ الأدميرال سيبروفسكي، الذي شهد أفضل انجازاته في الحروب الإمبراطورية في العراق وأفغانستان، ثم في توظيف الربيع العربي لتفكيك الدول.
حجم التوافق الواسع مع بوتين يكون قد فاجأ ترامب الذي لم يتردد في القول: “أن الولايات المتحدة قد تصرفت بغباء مع روسيا”، وأنه ربما يكون قد “غامر بفتح هذا الحوار من أجل التوصل إلى السلم”، لكنه يستشرف فرصا كثيرة لبناء توافق بين البلدين، خاصة في ملف منع انتشار الأسلحة النووية: وهو يؤشر إلى النووي الكوري والإيراني، فيما يكون بوتين قد سعد باستبعاد ملف أوكرانيا وجزيرة القرم من جدول أعمال القمة، وحصول توافق مبدئي حول النزاع السوري، على الأقل من جهة التوافق على مواصلة التعاون في “الحرب على الإرهاب” وخاصة في تدبير حل نهائي للنزاع السوري يضمن في الحد الأدنى أمن الكيان الصهيوني: أبرز محطة توافق بين البلدين.
فحسب بوتين، قد يتحول التعاون لاستعادة السلم والأمن في سورية إلى “نموذج للتعاون الفعال لتجاوز الأزمة الإنسانية ومساعدة اللاجئين على العودة”، ليضيف “أن العساكر الروس والأمريكان قد اكتسبوا تجربة جيدة في التعاون الميداني بما منع نشوء أزمات خطيرة”، وكأن ساحة القتال السورية التي أودت بحياة نصف مليون سوري، وتسببت في تهجير الملايين لم تكن أكثر من ساحة “لتدريب عسكر البلدين على التعاون” (هكذا في النص؟؟)، وأن انفراج الأزمة بين المعسكرين لا يحتاج لأكثر من “التوافق على ضمان أمن مستدام للكيان الصهيوني في أي ترتيب قادم للحل” يكون ترامب قد حصل بشأنه على ضمانات ملموسة مع اعتراف بوتين بأن “روسيا تعمل منذ عقود مع اسرائيل، وأن بوتين على تواصل دائم مع نتنياهو”.
ومع هذا الحجم من التوافق بين الروس والأمريكان، يحسن بنا في العالم العربي على الأقل أن ننقل مؤشر القلق من خانة الخوف الزائف من تبعات احتدام الصراع بين روسيا والولايات المتحدة ـ كان ممتنعا في سورية ـ إلى استشراف تبعات توافق أمريكي روسي معلن قد اتخذ من “ضمان أمن اسرائيل” حجر الزاوية لبناء تعاون مستدام بينهما، توافق من شأنه أن يشجع ترامب على المضي قدما في تنفيذ “مشروع القرن” القائم على تحقيق الأمن الشامل والدائم للكيان الصهيوني بنسخ الحد الأدنى من الحقوق التي منحتها الشرعية الدولية للشعب الفلسطيني.

مقالات ذات صلة