-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
اللقاء يتجدد بقيادة الجزائر وتونس وليبيا بعد 30 سنة من الغياب

تفكيك ألغام المخزن لإجهاض العمل المغاربي

طاهر فطاني
  • 7811
  • 0
تفكيك ألغام المخزن لإجهاض العمل المغاربي
ح.م

انعقد الإثنين بتونس، اجتماع تشاوري تاريخي، ضم قادة ثلاث دول مغاربية، وهم الرئيس التونسي قيس السعيد، الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ومحمد يونس المنفي، رئيس المجلس الرئاسي بدولة ليبيا، حيث تمت مناقشة عدة نقاط وملفات ذات الاهتمام المشترك.
وبعيدا عن مخرجات الاجتماع، يعتبر اللقاء في حد ذاته تاريخيا لعدة اعتبارات، نظرا لما يحمله من طموح بناء وحدة وقوة مغاربية طالما انتظرتها شعوب المنطقة بعدما تبخرت آمالها في مشروع اتحاد المغرب العربي الذي اجتهدت قوى داخلية وخارجية في إجهاضه.
وينعقد اجتماع تونس بعد 30 سنة من غياب التنسيق بين قادة الدول المغاربية، حيث يعود آخر لقاء إلى سنة 1994 بالحمامات التونسية التي احتضنت المجلس الرئاسي للاتحاد، بمعنى اجتماع على مستوى القمة، حضره قادة الدول الخمس، لذلك فإن الاجتماع الجديد حتى وإن كان تشاوريا فقد بعث الأمل في إحياء عمل مغاربي مشترك لمواجهة التحديات والمخاطر الأمنية التي تهدد دول المنطقة.
عدم انعقاد قمة مغاربية لمدة 30 سنة، يعني تضييع فرص التنسيق والعمل المشترك لفترة تجاوزت ثلث قرن من الزمن بسبب العراقيل والتعطيلات التي كان يمارسها المغرب بداية من طلب تجميد العمل المغاربي في ديسمبر 1995 مع إصدار تعليمة للأمين العام السابق للاتحاد محمد عمامو، بمنعه من المشاركة في كل اللقاءات الجهوية والدولية، مما يفسر غياب الاتحاد عن المؤتمر المتوسطي في برشلونة سنة 1995، حيث هدد المغرب الأمين العام بسحب الاعتماد منه وطرده من المملكة في حال حضوره مؤتمر برشلونة، بالإضافة إلى رفض الملك المغربي محمد السادس المشاركة على مرتين في قمتي الجزائر سنة 2003 وطرابلس الليبية سنة 2005، ما تسبب في إلغاء القمة.
عمليا، مساهمة المغرب في تجسيد الالتزامات المتفق عليها بين الدول المغاربية تبقى ضئيلة جدا مقارنة بالدول الأخرى، على غرار الجزائر وليبيا، حيث أمضى المغرب على 8 اتفاقيات فقط من أصل 37 اتفاقية أقرها اتحاد المغرب العربي، في حين أمضت الجزائر على 29 اتفاقية وتونس على 28 اتفاقية وليبيا 27 اتفاقية.
كما التزمت الجزائر بإنجاز المشاريع التنموية المسجلة في الإطار المغاربي، على غرار مشروع الطريق السيار المغاربي، حيث تمكنت من تجسيد المشروع من أقصى نقطة في الغرب إلى أقصى نقطة في الشرق، بالإضافة إلى خط السكة الحديدية الرابط بين الجزائر وتونس.
“غياب” المغرب مجددا عن الاجتماع التشاوري ما هو إلا تكملة لسلسلة الغيابات والتعطيلات التي كانت تضعها المملكة منذ إنشاء التكتل المغاربي، مما دفع بالدول الثلاث إلى خلق فضاء تشاوري تنسيقي لمواجهة التحديات التي تهدد استقرارها وأمنها، خاصة مع الانتشار الواسع للحركات الإرهابية في منطقة الساحل والتي تتقاسم شريطا حدوديا كبيرا مع هذه الدول.
الخطر القادم من الجنوب لا يبدو أنه يرهق السلطات المغربية بما أنها لا تملك حدودا مع دول الساحل، أكثر من ذلك، أفادت عدة تقارير إعلامية تورط النظام المغربي في تدهور الأوضاع الأمنية في بعض الدول الساحلية على غرار النيجر ومالي، حيث يساهم في تغذية النزاعات الداخلية التي أدخلت هاتين الدولتين في نفق مظلم.
بالمقابل، فإن التنسيق الثنائي بين الجزائر وتونس وبين ليبيا وتونس وبين الجزائر وليبيا لم يتوقف، بل استمر رغم تعطل مشروع الاتحاد المغاربي، وأبانت هذه الدول، في أكثر من مناسبة، عن تناسق وتوافق تام في الرؤى، حيث تتقاسم نفس المقاربة لمواجهة التهديدات الأمنية في المنطقة، وهذا ما يرمي إليه اللقاء التشاوري المنعقد حاليّا بدولة تونس الشقيقة.
المحاولة البائسة الأخرى من المغرب لجعل اتحاد المغرب العربي رهينة المخزن، تتمثل في تمديد عهدة الأمين العام السابق الطيب البخوش الذي انتهت ولايته منذ سنوات، إلا أنه يواصل انتحال شخصية الأمين العام للمرافعة على مصالح المملكة المغربية في علاقاتها مع التكتلات الدولية تحت غطاء اتحاد المغرب العربي.
بين آخر لقاء في تونس سنة 1994 وأول لقاء تجديدي في تونس سنة 2024، تبقى الآمال معلقة في رؤية فضاء وصرح مغاربي قوي يصمد في وجه المخططات والمناورات التي تحاك في الخفاء.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!