جواهر
أصدره معمل أبحاث القوات الجوية

تقرير للجيش الأمريكي يعتبر ارتداء الحجاب “إرهابا سلبيا”

جواهر الشروق
  • 5023
  • 0
ح.م

أصدر معمل أبحاث القوات الجوية وثيقة توجيهية عنوانها “التصدي للتطرف العنيف.. الطرق العلمية والاستراتيجيات”، تحوي فصلا ينص على نظريات مثيرة للجدل، ولا أساس لها من الصحة عن التطرف، ترتكز على فكرة أن دعم الجماعات المسلحة يحركها “الحرمان الجنسي”، وأن غطاء الرأس الذي ترتديه النساء المسلمات يمثل شكلاً من أشكال “الإرهاب السلبي”.

وقد تم إعادة إصدار الوثيقة التي نشرت بالأساس عام (2011م)، من قبل معمل القوات الجوية الأمريكية، الصيف الماضي، بعد إعلان الرئيس أوباما عن إستراتيجية وطنية لمواجهة التطرف، وقام موقع البحث مفتوح المصدر “Public Intelligence “، بنشر النسخة المنقحة للوثيقة في يناير الماضي.

وتُسوق مقدمة التقرير المنقح، أن القمة التي عقدها أوباما عن التطرف، كانت سببًا لإعادة النظر في الموضوع، مضيفة أن “المعلومات الواردة في هذه الوثيقة أكثر صلة بالموضوع من ذي قبل”.

وكثير من المقالات التي تحتويها الوثيقة، تتسم بالجدارة العلمية، وقد كتبها أكاديميون وباحثون في مجال مواجهة الإرهاب، لكن الفصل الذي يحمل عنوان “خطة إستراتيجية لهزيمة الإسلام الراديكالي”، والذي كتبه دكتور حميد توفيق، الذي يصف نفسه بأنه إسلامي متطرف سابق وزميل معهد بوتوماك للدراسات السياسية، يتضمن عددًا من الأفكار الغريبة عن كيفية هزيمة الإسلام الراديكالي، والتي يبدو أن كثير منها لا تدعمه أي أدلة تجريبية.

وكان من بين ادعاءات حميد “أن دعم التطرف هو بالأساس نتيجة الحرمان الجنسي وأن الإرهاب له علاقة بالزي الإسلامي، ومن ثم فإن أفكاره لهزيمة الإرهاب تتضمن “معالجة أسباب الحرمان الجنسي” بين الشباب، بالإضافة إلى “إضعاف ظاهرة الحجاب”.

ويدعي حميد أن الحجاب، بالإضافة إلى العقيدة الأصولية، “يساهم في فكرة الإرهاب السلبي” ويمثل رفضًا ضمنيًا “لمعارضة الإرهاب أو مقاومته”.

ولم يوضح حميد كيف وصل إلى هذه النتائج، وهو الذي يصف نفسه على موقعه الخاص بأنه “مفكر وإصلاحي إسلامي” ويقول بأنه حاصل على درجة علمية في الطب الباطني من جامعة القاهرة، ودرجة الماجيستير في علم النفس المعرفي وطرق التدريس من جامعة أوكلاند.

كما يدعي أن له الفضل في “تطوير واحد من أكثر نماذج علم النفس المعرفي ابتكارًا، وهو نموذج التعليم متعدد الأبعاد”.

وقد شكك اثنان من خبراء الإرهاب، وإحدى أساتذة الدراسات الإسلامية، في ادعاءات الفصل الذي كتبه حميد في وثيقة القوات الجوية، وقالوا بأنها لا أساس لها من الصحة.

وقال أرون كوندناني المحاضر في دراسات الإرهاب بجامعة نيويورك: “هذا الوصف للحجاب يسيء لملايين من النساء اللواتي لم يرتدين الحجاب بأسباب تتعلق بتأييد العنف السياسي”، كما أوضح” أن الوثيقة تتضمن مجموعة من الباحثين الجادين، لكن يبدو أن غرض هذا الفصل الذي كتبه حميد لم يكن تحقيق جاد في جذور الإرهاب، ولكنه محاولة لتقديم حجج وهمية للمراقبة لوكالات الأمن القومي”.

وتقول نظرية حميد عن التطرف، إن “التطرف ينبع من عدم ممارسة الشباب لنشاط جنسي، وأن معالجة هذه المشكلة أمر أساسي لتقليل دعم الجماعات المسلحة”، وقد كتب “أنا أؤمن أن ما يدفع الشباب المسلم إلى الالتحاق بالجماعات المتطرفة هو الحرمان الجنسي”، مدعيًا أن “معالجة العوامل التي تتسبب في الحرمان في هذه الحياة يمكن أن يعيق عملية التطرف ويقلل عدد الهجمات الانتحارية التي ينفذها الجهاديون”.

ويختلف مع حميد، خبير في موضوع المقاتلين الأجانب، فيقول أماراناث أماراسينجام زميل جامعة جورج واشنطن لشؤون الإرهاب، “ليس هناك أي دليل أن الحرمان الجنسي هو بشكل ما سببًا للتطرف، أو الهجمات الانتحارية، ويتابع ” من خلال مقابلاتي مع جهاديين في عدة منظمات، يتضح أنهم قد التحقوا بهذه الجماعات لأسباب كثيرة معقدة، وأن نقول بأن الدافع لالتحاقهم بهذه الجماعات كان الحرمان الجنسي هو أمر خاطئ تمامًا”.

كما أن المخطط الذي أرفقه حميد بنظريته المزعومة لا أساس له، هذا ما أكده أماراسينجام بقوله: “الشيء الواضح جدًا من دراسات التطرف هو أن نموذج الانتقال من “المعتقدات المحافظة” إلى “العنف” ليس صحيحا أيضا”.

وتقول انجريد ماتسون، وهي أستاذة في الدراسات الإسلامية بجامعة ويسترن أونتاريو، “أن تعليقات حميد بشأن الحجاب مثيرة للحيرة”. وتقول بأن هذا الزي ترتديه مجموعات متنوعة للغاية من النساء، بمن فيهم مالالا يوسفزاي الحائزة على جائزة نوبل، والتي خضعت لمحاولة اغتيال من قبل طالبان بعد مناصرتها لحقوق المرأة شمال غرب باكستان.

وتقول ماتسون: “هل المقصود بالحجاب هو أي غطاء للرأس؟ أي طراز؟ أي دولة؟ لأن تغطية الرأس هي أمر منتشر بكثرة بين النساء المسلمات”، “ليس هناك منطق، هل مالالا التي ترتدي الحجاب وتعرضت لإطلاق نار من قبل طالبان إرهابية؟ ليس هناك للأسف شيئ أكثر ابتذالا من أن يطلب أصحاب النفوذ من النساء أن تخلعن ملابسهن”.

كما يعبر مقال حميد أيضا عن إيمان بقوة جهود العلاقات العامة الحكومية لتجاوز سياساتها تجاه الشرق الأوسط التي لا تحظى بأي شعبية.

فهو يدعي أن تحسين سمعة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط “لن تتأتى من تغييرات جذرية في السياسة”، ولكن من حملات العلاقات العامة الحكومية بدلا من ذلك.

ويقول حميد في مقاله: “على سبيل المثال، في نهاية السبعينات وبداية ثمانينات القرن الماضي أرسلت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية مساعدات غذائية لمصر، فصور الدجاج المغلف بأغلفة تحمل علم أميركا قد حسن بالفعل النظرة المصرية لأميركا، بالرغم من أنها لم تغير سياساتها المناصرة لإسرائيل”.

ويبدو أن نظريات حميد تتناقض مع دراسة كلفت بها قوة مهام “مجلس علوم الدفاع بالبنتاجون”، في عهد رامسفيلد، وقد عزت الدراسة السمعة السيئة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، إلى سياسات الحكومة وليس إلى جهود العلاقات العامة غير الكافية.

وقال التقرير إن “المسلمين لا يكرهون حريتنا، لكنهم يكرهون سياساتنا”، مشيرًا إلى أن دعم الولايات المتحدة للأنظمة الديكتاتورية، واحتلالها العسكري لدول مثل العراق وأفغانستان، و” دعمها من جانب واحد لإسرائيل” هي العوامل الأساسية لسمعتها السيئة في الدول الإسلامية.

كما أن أفكار حميد على ما يبدو ليست مؤثرة داخل الحكومة؛ فهو يقول على موقعه أن رأيه قد استرعى انتباه عدد كبير من الوكالات الحكومية، بما فيها وزارة الدفاع، ووكالة الأمن القومي، وقيادة العمليات الخاصة، ومكتب مدير الاستخبارات الوطنية، وليس واضحًا ما إذا كان قد تلقى أموالاً لقاء ظهوره في مثل هذه الوكالات.

ويعمل حميد الآن كاتبًا في موقع نيوزماكس اليميني، حيث يكتب في عمود تحت اسم “داخل الإسلام”، وقد كتب في الأسابيع الأخيرة العديد من المقالات التي تمدح المرشحين الجمهوريين للرئاسة، دونالد ترامب وبن كارسون، لتصريحاتهم العلنية التي توضح آرائهم عن المسلمين الأمريكيين، ولم يرد حميد عندما طلب منه التعليق.

وتتضمن النسخة المعدلة من وثيقة “التصدي للتطرف العنيف: الطرق العلمية والاستراتيجيات” مقدمة تنسب إلى حميد تقديم ” خطة إستراتيجية وافية” لهزيمة التطرف، تتناول دورة الإرهاب الإسلامي على المستوى الفكري والنفسي والاجتماعي والاقتصادي”، وقد استعانت المباحث الفيدرالية بالنسخة الأصلية للتقرير في تطوير إستراتيجيتها ضد التطرف عام (2014م)، وتتضمن كلتا النسختين الأصلية والمنقحة الفصل الخاص بحميد عن التطرف.

وفي نهاية الفصل الخاص به، يسوق حميد حجة مربكة لاستخدام القوة العسكرية القاسية في محاربة الإرهاب، مقارنًا إياه باستخدام العلاج الكيماوي لمكافحة السرطان، ويقول ” لا يؤيد أحد القتل العمد للمدنيين الأبرياء”، “لكن في الحرب كما في الطب تموت الخلايا الحميدة عندما نعالج الخلايا الخبيثة، وليس من العدل أن نلوم الطبيب على قتل الخلايا الحميدة”.

ويقول كوندناني أن الفصل الخاص بحميد “ليس إلا دعاية للإسلام وفوبيا وكان من الواجب ألا يتم وضعه في أي مواد تدريبية حكومية أو أبحاث منشورة”.

مقالات ذات صلة