الرأي

تكسير التزوير !

جمال لعلامي
  • 515
  • 3
ح.م

الحديث عن “التزوير”، خلال السنوات السابقة، يستدعي تشريحا دقيقا وتشخيصا أدقّ، حتى تمرّ الطبقة السياسية ومعها كل الجزائريين، إلى انتخابات حرّة ونزيهة وشفافة، لا تشوبها شائبة، وتفرز رئيسا شرعيا، ولاحقا نوابا في البرلمان وأميارا ومنتخبين في المجالس المنتخبة، وفق ما تقتضيه وتختاره الإرادة الشعبية، بما يكسر زجاجة التزوير، ويجسّد كلمة الأغلبية وانصياع الأقلية إليها !

الجميع يعرف أن “الإدارة” المتهمة بالأمس واليوم، بممارسة التزوير وخدمة مرشح أو حزب بعينه دون غيره، كانت تستعين خلال العمليات الانتخابية بآلاف الإداريين “الزوالية”، وبآلاف المعلمين ومستخدمي قطاع التربية، وحتى الكثير من الكهول والشبّان البطالين والناشطين في الجمعيات الرياضية، بغرض تأطير الانتخابات و”مراقبتها” وحراسة الصناديق !

الحديث عن التزوير خلال الفترات السابقة، يورط في زاوية من الزوايا هؤلاء الآلاف الذين كانوا يتقاضون “تعويضا ماليا”، حتى وإن كان مجرّد بقشيش، ومع أن بعض السياسيين “المتعثرين” في المنافسة الانتخابية والفاشلين في إقناع الناخبين، ظلوا يتهمون “حزب الإدارة” ويركّزون سهامهم نحو الولاة الذين يتلقون “الأوامر” من وزارة الداخلية، فإن “المستخدمين” المذكورين سلفا، يجدون أنفسهم تلقائيا في قفص الاتهام !

هؤلاء “المتهمون” أو “المشبوهون” من “العاملين عليها” في الانتخابات المختلفة السابقة، مطالبون الآن بعد سحب صلاحيات الإدارة لصالح سلطة الانتخابات، بنفض الغبار عن أنفسهم، والمشاركة في إنتاج رئاسيات وتشريعيات ومحليات “جديدة” ذات مصداقية مقارنة بسابقاتها المضروبة في نزاهتها، ولذلك، فإن أولئك “الإداريين” و”التربويين” و”الجمعويين” أمام فرصة تاريخية لتبرئة أنفسهم وإثبات أنهم لم يكونوا في السابق سوى ديكور فقط !

السلطة المستقلة للانتخابات، قلّمت برأي جموع السياسيين والقانونيين والخبراء الدستوريين، أظافر الإدارة التي كانت تتلقى الأمر بالهاتف، خلال الانتخابات، وهو ما وضعها خلال المواعيد الفائتة في موضع “القاضي والجلاد”، و”المنافس الحقيقي” للمترشحين والأحزاب، ممّا جعل شبهة التزوير تطارد الانتخابات منذ أكثر من عشرين سنة، الأمر الذي ساهم مع تكرار التجارب، في ظاهرة العزوف والمقاطعة والامتناع، ووسّع دائرة ما يُعرف بالأغلبية الصامتة !

الرهان اليوم، هو أن تعمل سلطة الانتخابات، والأحزاب، والمترشحون، على إقناع “الصامتين” والعازفين والممتنعين، أمّا بعض “المقاطعين” -وليس كلهم- فالظاهر أن الواقفين وراءهم لم يتجدّدوا ولم يتبدّدوا، بسبب مرضهم بعقلية “الكوطة” والتعيين واقتسام الغنيمة في الانتخابات، وهو ما يستدعي المشاركين في الاستحقاقات القادمة، إلى تغيير خطة الطريق عند مخاطبة جموع الناخبين، الذين فقدوا للأسف الثقة في الإدارة وفي المترشحين وفي الأحزاب، بسبب الإصرار على الخطإ والخطيئة خلال فترة العصابة !

مقالات ذات صلة