-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
ظاهرة متجددة كل سنة رغم التحذيرات

تلاميذ يودّعون مدارسهم بالتخريب!

نادية سليماني
  • 1407
  • 0
تلاميذ يودّعون مدارسهم بالتخريب!

عادت ظاهرة الفوضى وتخريب المدارس وتكسير الطاولات وتمزيق كراريس المتمدرسين، لتتصدر مشهد الشوارع المحاذية للإكماليات والثانويات، هذه الأيام، بعد انتهاء الاختبارات الفصلية لعديد المستويات الدراسية، رغم تحذيرات الطاقم التربوي ومناشدات عمال النظافة للقضاء على هذه الظاهرة السلبية ذات الدّلالات الخطيرة جدا اجتماعيا وتربويا.

كراسي وطاولات مكسرة وكراريس وكتب مدرسية مترامية هنا وهناك، وأوراق متناثرة في كل مكان، وعمال نظافة “يجاهدون” لجمعها بشق الأنفس، بينما يفرح المخربون وينتشون بأفعالهم المرفوضة أخلاقيا وتربويا.

ورغم التحذيرات المتكررة كل سنة، والتطرق إلى أبعادها النفسية والاجتماعية والتربوية، ولكن لا حياة لمن تنادي. فالمشهد يأسف له كل من يراه ويكشف عن واقع مرّ ومستوى منحدر جدا بلغة المنظومة التعليمية في بلادنا، بعد أن غاب عنها تقدير العلم الذي بات يداس بالأقدام.

تلاميذ يبررون: سلوكنا بسيط ولا ضرر منه

ويبدو من خلال شهادات وتصريحات بعض التلاميذ “المخربين” أنّهم فعلا لا يدركون حجم خطورة أفعالهم، وأنهم يدمرون مؤسساتهم بأيديهم، لأنّهم في النهاية هم المستفيدون الوحيدون منها، كما أنّ تمزيق الكراريس في الشارع يعطي انطباعا سيئا عن الفاعلين الذين عادة ما يوصفون بالمخربين.

“سمير”.. طالب ثانوي بالعاصمة، واحد من هؤلاء، أكّد أنه يقوم بتمزيق كرّاس كلّ مادة بمجرد انتهاء امتحانها ويرمي بالأوراق في الهواء وأمام المارة، وبرّر سلوكه بأنه تقليد طلابي، لا ضرر منه..!! دون أن يدرك تبعاته وتأثيراته على عمال النظافة والمارة، حيث قال: “هي ظاهرة تحدث مرّة واحدة في السنة، فلم يشتكون منها؟”

مختصة اجتماعية: الظاهرة تنفيس عن الضغط وغياب للضمير الجمعي

تلميذ آخر استفسرناه عن الظاهرة، فردّ مباشرة: “كرهونا في القرايا..”؟؟ موضحا أن الضغط الممارس عليهم طيلة الموسم الدراسي، وكثرة الدروس والتمارين، والفروض داخل القسم، إضافة إلى دروس الدعم، والمراجعة في المنزل، ولّد في أنفسهم “ضغطا رهيبا جدا، يحاولون التخلص منه ولو بتمزيق الكراريس”.

وتأسّف مواطن لهذا السلوك الذي اعتبره “مسيئا” للمدرسة الجزائرية، وقال: “حتى الكراسي والسبورات، يقومون بتكسيرها عند مغادرتهم الدراسة في نهاية الفصل الثالث، وليس الكراريس فقط، وأنا أعتبرها مشكلة تربية لا أكثر ولا أقل”.

الظاهرة إفراغ للمكبوتات وتدلّ على انحطاط مكانة العلم

وفسّرت المختصة في علم الاجتماع التربوي، نبيلة مزواق، في تصريح لـ “الشروق”، الظاهرة، بأنها تنفيس عما يعتبره التلاميذ حشوا في المناهج الدراسية، وكثرتها، فيسعون للتخلص من عبء الدراسة، عن طريق هذا السلوك للتنفيس عن دواخلهم.

واعتبرت المختصة أنّ ضعف التكوين لبعض الأساتذة، له تبعات على سلوكيات التلميذ “الذي لم يجد نظاما تشجيعيا وردعيا، يجعله يميز بين الخطإ والصواب”.

كما حملت محدثنا الأسرة جانبا من المسؤولية، باعتبارها المسؤولة عن تلقين القيم لأبنائها، وأكّدت أنّ تركيز الأولياء على أهمية الدروس الخصوصية لأبنائهم، جعل التلاميذ “لا يقيمون وزنا للتعليم العمومي، إذ قد نجده يحتفظ بالكراس الذي دون عليه دروس الدعم أو أي مواضيع أخرى، في مقابل تمزيق كراريس المدرسة العمومية”.

بينما يفسر المختصون في علم النفس، الظاهرة على أنها “إفراغ لكبت نفسي، يعيشه التلميذ طوال عام دراسي كامل، وهو سلوك هدفه الحصول على الراحة النفسية والاسترخاء والفرح بقدوم العطلة”. ويفسر أيضا، في خانة “الانتقام العاطفي للتلميذ، من حرمانه من اللعب أو النوم أو من نشاطات أخرى، ومن كل الضغوط التي واجهها في المدرسة”.

ويقولون إنّ ظاهرة تمزيق الكراريس تخفي وراءها “تخلص التلميذ من ضغط الدراسة، وضغط الامتحانات، وضغط المعلم والعائلة”.

ويكمن الحل، بحسب المختصين، بالأساس في تحبيب المدرسة والعلم والمعلم للتلميذ، وإدراكه أن الكراس قيمة علمية، لابد من الحفاظ عليها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!