لست مفتيا ولا رجل قانون لأقول أنه »يجوز أو لا يجوز«، ولكنني مقتنع بأن من يفكر في تغيير دينه، بغض النظر عن الهدف، هو شخص ليس جديرا بالاحترام، إلا إذا كان صادرا عن إيمان بالدين الجديد. لأن تغيير الدين هو تغيير هوية وثقافة ومبادئ وقيم.
ولهذا أقول للذين تمسحوا تحت شعار »اللي في القلب يبقى في القلب« إن اختيار دين جديد يأتي من القلب، بعد أن يكون الاقتناع صار ثابتا في النفس. والذين يملكون القدرة على تغيير الدين الأصلي بدين آخر، لأغراض دنيوية، هم أخطر على من يتنكر لدينه دون تعويضه بدين آخر.
والخيانة، في مفهومها البسيط هي لباس أقنعة الآخر بهدف تحقيق أغراض غير نبيلة. ومن يقرأ تاريخ الجوسسة في العالم والخيانات والعمالة يجد أصحابها ممن يملكون أكثر من دين أو جنيسة أو جواز سفر مزيف.
المؤكد أن الكثير من الآباء يريدون لأبنائهم حياة أفضل من حياتهم حين ينجبونهم في فرنسا أو بلدان أخرى، بهدف حصولهم على الجنسية، لكنهم يورّثون أبناءهم »خيانة الوطن« ومشاكل لا حصر لها. فالذي يولد في غير بلده الأصلي سيجد نفسه »مزدوج الشخصية«. وكان يفترض من علماء الاجتماع معالجة هذه الظاهرة أو الآفة التي صارت موضة الإطارات السامية في الجزائر.
إن توريث الخيانة للوطن يبدأ من توريثهم الأبناء جنسيات آبائهم غير الأصلية، وتوريثهم المال الحرام والنهب والفساد، بحيث أن الإبن حين يكبر يرث أباه فساده وبالتالي يكون أكثر تأهيلا لخيانة البلاد والعباد.
ومتى تدرك السلطات الجزائرية أن المساعدات التي تقدمها لما يسمى بـ (المهاجرين الجزائريين) إنما هي تقدمها لأشخاص صاروا عالة على البلاد والعباد، ومتى يصير للجزائر مهاجرون أمثال المغاربة والتوانسة وسلطة تدرك أن لها مهاجرين لهم الحقوق والواجبات مثل بقية المواطنين.
أما مسألة ولي العهد في النظام الملكي أو الأميري فهي قضية بسيطة، لأن الطبخة تكون بين الملك أو الأمير والجهة النافذة في ذلك البلد، وما حدث في الأردن لا يحتاج إلى تعليق، والأمر نفسه بالنسبة للمغرب، وكذلك السعودية وغيرها من الأقطار العربية.
ولهذا، نقول لأولئك الذين يتحدثون عن توريث الحكم في مصر وليبيا والجزائر وغيرها، إنما يتحدثون عن »سلطة افتراضية« يراد توريثها. فالسلطة الحقيقية لا تورث، ومادامت هذه السلطة مفقودة في وطننا العربي. فما هو الخيار أو الخيارات المطلوبة.
وحين يكون البرنامج واضحا والمشروع محددا، والإطارات متوفرة، تتلاشى المحسوبية والجهوية، ويصبح الوطن بمنأى عن أي عاصفة تهب من الغرب أو الشرق، ويكون المستقبل مضمونا للجيل الصاعد، وتنتهي »أساطير توريث الحكم أو السلطة«.