اقتصاد
مؤشرات الوضع المالي تهب بما لا تشتهي سفينة الجهاز التنفيذي

ثلاثي النفط واحتياطات الصرف وطبع الدينار يحاصر الحكومة في 2019

حسان حويشة
  • 3701
  • 6
ح.م

وجدت الحكومة نفسها في وضع لا تحسد عليه في ظل المؤشرات العامة للوضع المالي للبلاد، التي جعلت من حكومة أحمد أويحيى شبه محاصرة عبر 3 جهات، وتواجه سنة مجهولة بالنظر للسقوط الحر وغير المنتظر لأسعار النفط، وتآكل احتياطات الدوفيز بوتيرة أسرع من المتوقع، والمخاطر المحتملة من الاستمرار في عملية طبع الدينار على القدرة الشرائية للجزائريين.
أظهر العرض الذي قدمه محافظ بنك الجزائر أن الخيارات والحلول الممكنة أمام حكومة أحمد أويحيى لتخطي الوضع المالي الهش الذي تمر به البلاد قد صارت محدودة فعلا، حيث اعترف لوكال من خلال الأرقام المقدمة أن احتياطات البلاد من الدوفيز تتآكل بوتيرة أسرع من المتوقع.
وفي هذا السياق، سبق لوزير المالية أن توقع نزول احتياطات الصرف بالعملة الصعبة نهاية العام الجاري إلى 85 مليار دولار، لكن الحقيقة كانت خلاف ذلك وهي أن الاحتياطات نزلت إلى 82 مليار دولار نهاية نوفمبر الماضي، حسب الأرقام التي قدمها أمس محافط بنك الجزائر محمد لوكال، ومن غير المستبعد توقع أن تنهي العام في حدود 80 مليار دولار لتغطية واردات شهر ديسمبر.
ومن خلال أرقام محمد لوكال التي قدمها الأحد، أمام نواب البرلمان فقد خسرت الجزائر 15 مليار دولار من احتياطات الصرف في 11 شهرا فقط (دون احتساب شهر ديسمبر)، حيث بلغت 82.12 مليار دولار، مقابل 97.33 مليار مطلع جانفي 2018،
كما أن توقعات الحكومة (وزارة المالية) تشير إلى استمرار تآكل احتياطات الصرف بالعملة الصعبة خلال العام الجديد لتتدحرج إلى 79.7 مليار دولار، ثم 76 مليار دولار في 2020، رغم أنها أرقام تبدو بعيدة عن الواقع بحكم سرعة التآكل التي كانت أعلى من المتوقع.
أما العامل الثاني الذي يحاصر الحكومة ولو أنه برز منذ شهرين فقط وتحديدا منذ مطلع أكتوبر، فيتمثل في التهاوي المخيف وغير المتوقع لأسعار الخام التي أنهت عامين من التعافي، وفقدت في ظرف شهرين 33 دولارا للبرميل.
وتفاعلت أسعار النفط عكس التوقعات مباشرة عقب قرار التخفيض بواقع 1.2 مليون برميل يوميا الذي تم التوصل إليه في 7 ديسمبر الماضي بفيينا النمساوية، بين منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك والمنتجين من خارجها أو ما يعرف بـ”أوبك+”.
وهبطت أسعار الخام من أعلى مستوى لها في 4 سنوات وهو 86 دولارا للبرميل في 3 أكتوبر الماضي، لتبلغ 53 دولارا في جلسة الإغلاق لمساء الجمعة الماضي، وهو أدنى مستوى منذ صائفة 2017.
وفقدت الجزائر بموجب هذا التراجع مداخيل هامة كانت ستكون ذات أهمية كبيرة للحكومة وهي في أمس الحاجة إليها، بالنظر إلى أن البرميل الواحد فقد نحو 33 دولارا في غضون شهرين فقط.
أما العامل الثالث الذي يحاصر الحكومة فهو التمويل غير التقليدي أو ما يعرف بـ”طبع الدينار”، الذي انجر عنه إصدارات نقدية بقيمة 4005 مليار دينار، وهو ما يفوق 36 مليار دولار.
وتكمن مخاطر هذا التمويل حسب الخبراء في تأثيراته البعدية على القدرة الشرائية للجزائريين وارتفاع مستويات التضخم التي يمكن أن تأتي على قدرة شرائية ضعيفة وهشة في الأساس.

إصلاح حقيقي أو توجه نحو المديونية الخارجية بشروط “الأفامي”

وفي السياق، يرى الخبير وأستاذ الاقتصاد بجامعة البليدة كمال رزيق أن المؤشرات السلبية التي تحاصر الحكومة في 2019، يمكن أن تتحول لأمر ايجابي وتدفع الحكومة نحو فتح حقيقي لملف الإصلاح الاقتصادي العميق.
وأوضح كمال رزيق في تصريح هاتفي لـ”الشروق” أن تحسن مداخيل النفط في 2017 و2017 أدى بالحكومة لأن تتقاعس مجددا في إصلاح المنظومة الاقتصادية والتوجه نحو اقتصاد منتج، حيث أن النموذج الاقتصادي الجديد للنمو اختفى ولم يعد أحد يتكلم عنه.
واعتبر كمال رزيق أن الحكومة ما زالت تمارس سياسة الهروب أو سياسة النعامة، ولم تف بوعودها التي أطلقتها منط أكثر من 4 سنوات لفتح جميع ورشات الإصلاح الاقتصادي العميق، مشيرا إلى أنه بعد استنفاد مدخرات صندوق ضبط الإيرادات لجأت لامتصاص عجز ميزان المدفوعات من احتياطات الصرف بالعملة الصعبة.
وتساءل رزيق قائلا “من أين ستأتي الحكومة بموارد العملة الصعبة لتمويل الاقتصاد وحاجيات المواطنين عند استنفاد مدخرات احتياطي الصرف”؟
وأشار محدثنا إلى أن الحكومة وجب عليها الإسراع في إيجاد كيفيات التعامل مع الوضع المالي الحالي بالنظر إلى انهيار أسعار النفط وتآكل مدخرات احتياطات الصرف والاستمرار في طبع الدينار.
وقال بهذا الخصوص “هل للحكومة خاتم سيدنا سليمان، أم عصى سيدنا موسى.. أم هل ستذهب مضطرة نحو الاقتراض الخارجي لدى صندوق النقد الدولي والقبول بشروطه”.

قيطوني: واثقون من أن اتفاق فيينا سيعيد الاستقرار للسوق النفطية

قال وزير الطاقة مصطفى قيطوني إن اتفاق فيينا الأخير لتخفيض إنتاج النفط بين منظمة أوبك والمنتجين من خارجها ستكون له تداعيات ايجابية على استقرار السوق وأسعار الخام.
وصرح مصطفى قيطوني على هامش انعقاد اجتماع لمنظمة الدول العربية المصدرة للنفط “أوابك” بالكويت أن اتفاق التخفيض سيدخل حيز التنفيذ مطلع جانفي المقبل، وهو كفيل بإعادة الاستقرار لسوق النفط.
وحسب تصريح قيطوني المكتوب الذي تلقت الشروق نسخة منه، فإن الأسواق انتظرت 3 أشهر عام 2017 لتجدد العهد مع الاستقرار، بموجب اتفاق التخفيض المتوصل إليه في نهاية 2017.
واعتبر قيطوني أن إنتاج الأوبك وشركائها المنتجين من خارجها سيكون أقل بكثير من أكتوبر 2018 بالنظر إلى أن 21 من أصل 24 بلدا ستخفض إنتاجها بصفة طوعية اعتبارا من جانفي.

مقالات ذات صلة