-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ثمنُ‮ ‬غياب الرئيس

حسين لقرع
  • 3728
  • 6
ثمنُ‮ ‬غياب الرئيس

تعيش البلاد منذ أيام وضعاً‮ ‬خطيراً‮ ‬أقلق كل الجزائريين وجعلهم‮ ‬يضعون أيديهم على قلوبهم خوفاً‮ ‬من الانزلاق نحو الفتن والفوضى‮..‬

في‮ ‬غرداية،‮ ‬تجدّدت أعمال العنف بعد أسابيع قليلة من‮ “‬الهدنة‮”‬،‮ ‬وعادت الأمور إلى المربع الأول،‮ ‬وعرفت المشادّة هذه المرة استعمال الأسلحة النارية بشكل لم‮ ‬يسبق له مثيل،‮ ‬وقُتل أحدُ‮ ‬الشبان بطلق ناري،‮ ‬وأصبح الجرحى‮ ‬يسقطون بالعشرات،‮ ‬وهو مؤشر خطير لمدى التدهور الذي‮ ‬بلغته المنطقة‮.‬

وفي‮ ‬نفس الولاية خرج مئاتٌ‮ ‬من رجال الشرطة في‮ ‬مظاهرة‮ ‬غير مسبوقة احتجاجاً‮ ‬على أوضاعهم المهنية والاجتماعية،‮ ‬وفي‮ ‬اليوم الموالي‮ ‬توسّعت رقعة مظاهرات الشرطة لتشمل العاصمة ومدناً‮ ‬أخرى‮…‬

وبقدر ما أذهلت المظاهرات ملايين المواطنين الذين استغربوا كيف تنتقل عدوى الاحتجاجات إلى سلك الشرطة النظامي،‮ ‬فقد بعثت الخوف في‮ ‬نفوسهم أيضاً؛ فحينما‮ ‬يقوم رجال الشرطة بمظاهرات فهذا‮ ‬يعني‮ ‬أن الأوضاع على‮ ‬غير ما‮ ‬يُرام،‮ ‬فهل كان أكثر الجزائريين تشاؤماً‮ ‬يعتقد أن الشرطة،‮ ‬التي‮ ‬عادة ما تُكلّف بقمع المظاهرات‮ “‬المحظورة‮” ‬في‮ ‬العاصمة بقرار سياسي‮ ‬تعسّفي،‮ ‬سيفيض بها الكيل وتتحدّى هذا الحظر وتخرج للتظاهر في‮ ‬العاصمة بنفسها؟

وفي‮ ‬الوقت نفسه،‮ ‬تتفاقم الاحتجاجاتُ‮ ‬الشعبية ومسلسل‮ ‬غلق الطرقات بمختلف أنحاء الوطن،‮ ‬كما تهدّد بعضُ‮ ‬نقابات التربية بالعودة إلى الإضرابات،‮ ‬وتكثر الاحتجاجات لدى مختلف الفئات المهنية للمطالبة بتحسين أوضاعها الاجتماعية والمهنية،‮ ‬في‮ ‬حين تستمرّ‮ ‬أسعار النفط في‮ ‬سقوطها الحرّ‮ ‬بشكل‮ ‬ينذر بدخول البلد في‮ ‬أزمة اقتصادية ومالية جديدة قد تكون أخطر من أزمة‮ ‬1986‮ ‬التي‮ ‬كان من نتائجها الوخيمة وقوع أحداث‮ ‬8‮ ‬أكتوبر‮ ‬1988‮.      ‬

المشكلة أن كل هذا‮ ‬يحدث في‮ ‬ظل تواصل‮ ‬غياب الرئيس بوتفليقة بسبب المرض الذي‮ ‬أقعده عن المتابعة الحثيثة اليومية لمختلف شؤون البلد كما كان الأمر في‮ ‬سنوات الصحة والعافية‮.. ‬الرئيس مريضٌ‮ ‬اليوم ومُقعَد ولا‮ ‬يستطيع النزول إلى‮ ‬غرداية والاجتماع بعقلائها وأعيانها أو إلقاء خطبة شعبية على سكّانها لتهدئة الخواطر والنفوس،‮ ‬وإخماد الفتنة التي‮ ‬عجز عن حلها سلاّل وغيرُه من المسؤولين الذين نزلوا إلى هذه المنطقة المضطربة منذ ديسمبر‮ ‬2013‮..‬

حينما كان الرئيس‮ ‬ينعم بالصحة والعافية في‮ ‬بداية حكمه،‮ ‬قام بجولات ماراطونية إلى أغلب ولايات الوطن في‮ ‬ظرف‮ ‬21‮ ‬يوماً‮ ‬في‮ ‬إطار حملته لإقناع الجزائريين بالتصويت بنعم لمشروع الوئام المدني،‮ ‬وأقنعهم فعلاً‮ ‬بخطاباته العصماء الطويلة،‮ ‬وأعاد الكرّة بعد سنوات مع مشروع المصالحة الوطنية،‮ ‬واستطاع بذلك تحجيم العنف إلى مستوياتٍ‮ ‬دنيا‮.. ‬أما اليوم فالرئيس لا‮ ‬يستطيع حتى القيام بجولةٍ‮ ‬صغيرة في‮ ‬العاصمة أو إلقاء خطبة للشعب لتهدئة النفوس‮. ‬

ما‮ ‬يجري‮ ‬الآن هو ثمرة‮ ‬ٌ‮ ‬مرّة لإصرار النظام الحاكم على ترشيح بوتفليقة لعهدةٍ‮ ‬رابعة برغم كل الاعتراضات وتصاعد التحذيرات من عدم قدرته،‮ ‬وهو على كرسي‮ ‬متحرّك،‮ ‬على إدارة بلدٍ‮ ‬يتخبّط في‮ ‬أزمات عديدة مستعصية‮.‬

كان واضحاً‮ ‬منذ البداية أن الرئيس‮ ‬غير قادر على أداء مهامه بهذه الكيفية إلى‮ ‬غاية أفريل‮ ‬2019،‮ ‬ولكن النظام حاول إقناعَ‮ ‬الناس بأن‮ “‬الرئيس‮ ‬يعمل برأسه وليس برجليه‮”‬،‮ ‬فأين هو الآن والبلاد تغلي‮ ‬والفتن النائمة استيقظت والأخطار تهدّد البلاد على حدودها الجنوبية والجنوبية الشرقية والاحتجاجات تمتدّ‮ ‬حتى إلى الأسلاك النظامية؟

بغض النظر عن خلفيات ما‮ ‬يحدث‮ (…)‬،‮ ‬فقد أثبتت الأحداث الأخيرة مدى حاجة البلاد إلى رئيس قويّ،‮ ‬معافى،‮ ‬دائم الحضور،‮ ‬ليتمكّن من حلّ‮ ‬معضلاتها المتفاقمة وتمكينها من اجتياز كل الأخطار بسلام‮. ‬

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
6
  • بدون اسم

    رانا نتفرجو على مهازل من مهازل العهدة الرابعة

  • جزااااااااااائررررية حقة

    اللهم احم بلادنا الجزائر وسائر بلاد المسلمين , اللهم أنت رب العزة ,وتقدر على كل شيء, لا تكلنا إلى أنفسنا أو إلى سفهائنا فنضيع, واصلح لنا كل أحوالنا, وانصرنا على أعداءنا والمتربصين بنا شرا ,واقض عليهم, وارنا الصديق الحقيقي من العدو, و اعد أخوة الإسلام إلى قلوبنا ,وانزع الغل والحقد من نفوسنا.

  • بدون اسم

    الله يهديك ادعو الله يسلكها على خير ماشي,آآآآآآآميييييييييييييييييييييييييييييييين

  • Dr Mohna3li

    الجزائر مريضة منذ التّسعينيات أي بعد الانقلاب المشؤوم على الشّرعية، و ازدادت مرضا بالانتخابات المزوّرة ثمّ اشتدّ مرضها حتّى الاقعاد بسبب العهدة الرّابعة و ازدراء كلّ معارض.
    و يقولون الجزائر بخير...
    لا حول و لا قوّة الّا بالله...
    يا ناس...ليس العيب أن نخطىء في التّقدير و لكنّ العيب كلّ العيب أن نركب رؤوسنا و نستمرّ في الخطأ.

  • مجيد

    احتجاجات الشرطةهي نتيجة الضغوط التي يتلقونها يوميا من طرف الضباط والسبب الرئيسي هم الضباط لاغير
    فالضباط يستفيدون من حقوق وامتنيازات من أكل وشرب ولباس وسكن الي لا حصر لها ومن راتب مرتفع ومن ترقيات لا حدود لها ومن ظروف عمل مريحة ثم من تقاعد محترم اما البسطاء الاعمال الشاقة والصعبة والبقاء في نفس الرتبة ثم العقوبات وطرده على اشياء تافهة وبسيطة جدا
    غلما ان المستوى الدراسي تقريبا هو نفسه بين الضابط والعون لكن الضابط تفتح له ابواب التكوين والترقية
    الضابط لايعاقب الضابط من باب التضامن السلبي

  • بدون اسم

    شكرا يا أستاذ حسين على مقالك الجيد الذي أصاب في تحليل مصيبتنا الذي أضحكت
    حتى أطفال العالم ولا أقول رجاله ونساءه !!!