-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ثورة السَّلطة وصمت السُّلطة

ثورة السَّلطة وصمت السُّلطة

ما حدث في إقامة جامعية بعاصمة الأوراس، في أيام ذكرى الثورة التي انطلقت من الأوراس، عندما تحوّلت وجبة عشاء، قدم فيها مطبخ إقامة جامعية في باتنة القليل من طبق السَلطة، لأحد الطلبة، إلى معركة عنيفة انتهت على وقع قتيل من خارج الإقامة، وتسعة جرحى، وتحطيم كلي للمطعم ولنادي الإقامة، وسرقة أطعمة اقترفها مجموعة من الطلبة، وشلل كامل في الدراسة لمدة يومين، يؤكد أن الذين يشكّكون في المنظمات الدولية التي منحت الجزائر رتبة جامعية بائسة، فوق الخمسة آلاف، إنما هم الذين استفادوا من هاته الوضعية الخطيرة، التي بلغتها الجامعة الجزائرية، التي مازالت تسير على طريقة العهد البلشفي والبريجنيفي، الذي حوّل الطالب إلى جهاز هضمي، يدخل الجامعة من أجل متعته الفوقية والتحتية، ويخرج منها ومستواه قد صار دون مستواه، عندما كان في القسم الثانوي، حتى لا نقول في الابتدائي.

لقد شارف الثلاثي الأول من الموسم الجامعي عن لفظ أنفاسه الأخيرة، والدراسة لم تنطلق بعد، في غالبية المعاهد، بما في ذلك معاهد بومرداس، حيث يتخرج مهندسو الطاقة، التي منها يأكل ويركب ويلبس الجزائريون، وكما صارت السُلطة تستمتع بالاحتجاجات الشعبية، التي أخذت الطابع الاجتماعي، فشلّت ما تبقى من بوادر عمل وبقايا العمال، من أجل رفع الأجور وتوزيع الرتب ومنح السكنات من دون أدنى مقابل، يبدو أنها تستمتع الآن بهذه الاحتجاجات الطلابية التي لبست الثوب الاجتماعي، ولا تتحدث سوى عن النقل الجامعي والوجبات الغذائية والشهادات المكتوب عليها لقب مهندس ودكتور دولة، من دون مقابل أيضا، ليستوي الشارع بالجامعة في هذا المستنقع الراكد، والآسن، الذي صار يميز الحياة بأكملها في الجزائر.

فإذا كانت جامعة الحاج لخضر في باتنة هي الأحسن في الجزائر، أو دعونا نقل الأقل رداءة في البلاد، يثور طلبتها ويعلنون عصيانا من أجل طبق السَّلطة، الذي يقدم لهم مع وجبات أخرى بمبلغ مالي انقرض من مصارف الجزائر، وهو دينار وعشرون سنتيما، فإن ما يحدث في بقية الجامعات التي صارت دولة قائمة بذاتها بسبعين جامعة ومليون ونصف مليون طالب، وميزانية دول بأكملها، يبعثنا إلى ضرورة التفكير في مستقبل الجزائر، ولو بزلزلة هذا النظام الجامعي، الذي ورثناه من زمن الثورة الزراعية، التي نقل فيها هواري بومدين الفلاح إلى الحياة المدنية، فأبعده عن الأرض والفلاحة، وحوّل الجامعة إلى ما يشبه “الديسكوتيك” الذي يتوجه إليه الطالب من أجل تحريك “وسطه” وليس فكره، فصارت الجامعة مكان ترفيه بالمجان، يُمارَس فيها التسكع بكل أنواعه، وكذا “الفايسبوك”، وتوفر فيه الدولة الإقامة والمأكل والنقل، لطالب وطالبة في ربيع العمر.

حالة الضياع الذي تعيشها الجامعة الجزائرية، هي مرآة الوضع العام في الجزائر، فالمنظمات الطلابية التي تدعّي بعضها بأنها إسلامية، وتدعي البقية الديمقراطية، لم يحدث وأن نقلت انشغالا واحدا عن مطالب طلابية بيداغوجية، من خلال تحسين المستوى، والمطالبة بالمراجع والأساتذة الأكفاء، ولو باسترجاع الأدمغة الجزائرية المهاجرة في الخارج، والنتيجة هي ثورة قاتلة من أجل طبق سلَطة في وجبة حياة، الرابح فيها هي السُلطة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • أبومحسن

    ما العمل ؟ ماهو المخرج ؟ هذا الأمر حله عند الطبقة المثقفة ، التغيير يكون من هنا ، الادمغة المهاجرة لماذا لا تكافح في بلادها ، إنها الأنانية ،مفكرنا يفكر في نفسه فقط ، في جامعاتنا لا تفرق بين الطالب والأستاذ ،.

  • جزااااااااااائررررية حقة

    بارك الله فيك ولا فض فوك،اللهم اصلح حالنا وأحوالنا ،واهدنا لديننا الحنيف يا رب العزة، آآآآآآآآآآآآآميييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييين.

  • سارة

    بارك الله فيك أستاذ لقد شرحت أوضاع الجامعة الجزائرية بالتفصيل . لقد وصلت جامعاتنا الى مستوى علمي و أخلاقي متدني فأبسط جولة في أي جامعة ترى فيها العجب العجاب لشباب و شابات - حتى لا نقول طلبة - أطلقوا العنان لنزواتهم . و الأدهى و الأمر أن بعض - الأساتذة و الأستاذات - يسيرون على هذه الخطى .