-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ثورة دون تغيير؟!

الشروق أونلاين
  • 3534
  • 0
ثورة دون تغيير؟!

الأمين العام للمركزية النقابية عبد المجيد سيدي السعيد قال أنه يملك تفسيرا خاصا لرفض الحكومة تنفيذ مطالب النقابات المستقلة بالرفع في الأجور، وهو تفسير قد يغيب عن الحكومة ذاتها، ومضمونه، التساؤل التالي: ما جدوى الزيادة في الأجر إذا كان كل فلسٍ سيحصل عليه العمال في مختلف القطاعات، مآله جيوب المضاربين في السوق؟!

  • الكلام منطقي جدا لمسؤول يُوصف في الأوساط السياسية والنقابية بأنه رجل إطفاء من الطراز الأول، لكنه منطقي إذا ما قيس استنادا لنظرة قائله التي تهدف لتبرير صمت غير مبرر، أو للدفاع عن موقف يتطابق مع نظرة الحكومة، وهو منطقي أيضا، إذا ما قلنا أننا نعيش في دولة اللامنطق واللامفهوم؟!
  • بهذا المنطق كذلك، يمكننا أن نفهم تماما سرّ غياب الحوار الجدّي بين الحكومة والنقابات، فما فائدة الكلام والثرثرة ورفع الضغط وزيادة التوتر، إذا كان الوزراء في قطاعاتهم الهامة ينفذون ما يحبون تنفيذه في نهاية المطاف، بشكل يجعل ما تم صرفه على الاجتماعات والحوارات الثنائية ولقاءات الثلاثية، والرباعية والخماسية… يصلح لرفع الأجر القاعدي مرتين عما هو عليه حاليا وأكثر؟!
  • المنطق الحكومي القديم الجديد، يتمظهر في ترك الأطباء والأساتذة وإطارات الدولة، مرميين في الشارع، بذلك الشكل المهين، يتساقطون تحت هراوات قوات مكافحة الشغب، في الوقت الذي يُستقبل فيه لاعبو الكرة، والمغنون، والأقدام السوداء، بالورود في المطارات ومقرات الدولة الرسمية وغير الرسمية؟!
  • وحتّى إن كان تصرف وزير التربية الذي أضحى يمارس مهامه بالمراسلة، أخف ضررا من التطنيش الذي يتخذه وزير الصحة مذهبا وعقيدة مقدسة، فإن منطق النقابة العتيدة في فهم إشكالية رفع الأجور من عدمها، بالقول أن الحكومة خائفة على جيوب المواطنين، لا يمكن إدراجه إلا في سياق تسفيه الأمور، وصبّ الزيت على النار، فبدلا من تهدئة الجبهة الاجتماعية المتوترة، نزيدها اشتعالا، وبدلا من تسمية الأشياء بمسمياتها، نراوغ الحقائق ونُحجِّم الأوضاع.
  • ما يمكن فهمه من تردي الأمور في الآونة الأخيرة، هو أن تحقيق التغيير المنشود، بات يتم بوسائل غير مفهومة، ووفقا لمعايير غير مضبوطة، فلا الإضرابات ولا كثرة الأمراض، ولا ارتفاع المشاكل وتوتر الشارع، ولا حتى غليانه لهذا السبب أو ذاك، يكفي لإقالة وزير من منصبه، أو حتى استبعاد أبسط مسؤول في أصغر مصلحة وزارية بالحكومة، بل إن مشاكل كبيرة وخطيرة بوزارة التربية مثلا، وفي حجم العنف المدرسي وتزايد التسرب وغضب الأساتذة وانخفاض أعداد الناجحين في الامتحانات، وغيرها من المشاكل والعقد، لم تساهم إلا في تثبيت الوزير في منصبه، والأمر ذاته في قطاع الصحة، فكثرة الوفيات وانتشار الأمراض البدائية، وفضائح صفقات الأدوية، وامتهان كرامة الأطباء والجراحين، ضاعف من حجم ثقة الحكومة في وزيرها، وهكذا تتم الأمور، بالنسبة للقطاعات الأخرى.. بشكل يُفقد الشارع والنقابات والمجتمع المدني القدرة على التغيير الإيجابي، وذلك هو أكبر عامل مساعد على استمرار الأزمة وإطالة عمرها.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!