-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“جامعة” عرابية أو “جمعية” عرابية

‬فوزي أوصديق
  • 4978
  • 0
“جامعة” عرابية أو “جمعية” عرابية

خلال الأسبوع تجتمع “قمة” أو” نقمة” أو” غمة” جامعة الدول العربية، ذلك مما يدفعنا لطرح العديد من التساؤلات المشروعة!!! بحكم الانتماء الجغرافي والإثني لهذا الفضاء.

بداية أصبحت الاجتماعات على شاكلة “جمعية” معتمدة ليس من رؤساء وملوك العالم العربي، بقدر ما هي معتمدة من طرف “وكلاء العالم” فأصبحت أجندتها، توصياتها تخضع للتأثيرات الخارجية وللمصالح الدولية، وللتذبذبات الجيو -استراتيجية، بقدر ما تخضع لتطلعات المنطقة.

فكم من قمم بدون نهاية، وتوصيتها حبيسة أدراج الجامعة، ولا تتعدى عاصمة المقر، فأصبحت الاجتماعات رغم دوريتها عبارة عن حمام لغسل العظام، ورفع الضغط والحرارة فقط، ثم الكل يخرج عاملا ضد ما تم الاتفاق أو الإجماع عليه..!! …

لذلك أصبحت الاجتماعات شكلية، وأم المعارك تنصب على نوعية الحضور للدول، فالكل أصبح قبيل الاجتماع يعتذر بأعذار “دبلوماسية” و”وهمية” لعدم الحضور، خوفا من الإحراج، وما أكثر التجارب المريرة والعديدة في هذا الشأن..

وإن أردنا التقييم “الموضوعي” لمسيرة جامعة الدول العرابية، فإن مسيرتها متعثرة، عرجاء، مملوءة بالاختلافات، بقدر ما هي وعاء جامعا وجامحا، فمنذ الخمسينيات إلى يومنا لم يفعل بند واحد من اتفاقية الدفاع المشترك، رغم الاعتداءات المتكررة على أطراف العالم العربي وقلبه فلسطين الجارحة، والبعض يعتبر الجامعة العرابية في مختلف مراحلها كانت بعيدة عن الجغرافيا والتاريخ، فتوصياتها ساعدت على تفتيت الجامعة والدول العرابية، بقدر ما كانت “منظما” و”محركا” للعمل الجماعي، وإنني قد لا أسرد التجارب الفاشلة، رغم العوامل المشتركة والمتميزة لهذا الفضاء مقارنة مع باقي التجمعات الإقليمية الأوروبية منها أو الآسيوية والأمريكية…!!

أمام هذه الوقفة “المرة” والتي تدخلت فيها الأيديولوجية، والمطامع الشخصية (الزعامية والشخصية) في طبع مسيرة الجامعة العرابية، فالكل يريد أن ينصب نفسه على الآخرين، والكل يمتلك الحقيقة المطلقة دون غيره.. مما أدى في العديد من المرات إلى الملاسنات المباشرة وغير المباشرة، وذلك مؤشر على مستوى التردى والتدني العربي…

فالإدارة السياسية العربية أصابها “غبن” و”غش” و”تدليس” مما أفسد نوايا العديد منهم، فالبعض يتآمر على الآخر، وتلك قصة أخرى، تدفعنا إلى إشكالية أخرى، وهي انعدام “الآليات” الواضحة والشفاقة في معالجة الأزمات العربية، رغم كثرة الصناديق واللجان، واللجان الفرعية التي أصبحت أجساما بدون روح أو مفعول!!.. فالجامعة العربية “مريضة” وتحتاج ليس إلى تحديث فحسب، بل إلى انتفاضة على الركود، والعسبات على النصوص التي هي بعيدة كل البعد عن منطق ومنطلق الواقع العربي، فلا تدوير للمناصب العليا، وكأنها حكر على دول دون أخرى، ولا سياسة عربية موحدة في مواجهة الدسائس والمؤامرات!!.. وكل واحد يرفع راية “التحديث” للهياكل والنصوص.. قد يوصف “بالمعيق” أو “المشوش” للصف العربي…

فالشعوب العربية، أو التمثيل العربي غير الرسمي، والمجتمع المدني حسب قناعتي أكثر نضجا من التمثيل الرسمي، وقد أثبتت التجربة عن هذه القناعات في العديد من المناسبات، ولعل أزمة “غزة” كاشفة عن الانقسام الرسمي، وفي المقابل على الوحدة على مستوى جامعة الشعوب العربية، ففشل النظام الرسمي العربي يمكن إرجاعه للعديد من الأسباب منها الذاتية، وأخرى خارجية، بحكم العديد منهم -الحكام- سقوطه الحر متواجد في العديد من العواصم الأجنبية…

أمام هذا الوضع المتردى، البعض منكم قد يدفعه الفضول والمنطق للتساؤل هل من جدوى لوجود جامعة عربية، والتي كانت تلميذا غير نجيب في تلقين دروس الوحدة والمصير العربي المشترك من عدم جدوها؟!…

فحسب قناعتي، رغم الانتكاسات والكبوات العديدة، فإن قيام هذا الوعاء “الجامعة” أحسن من عدم وجوده، وعليه على كل واحد “منا” له مسؤولية في تفعيل هذا الوعاء!!… ففعلية الجامعة تعود على العرب، وفشلها يؤثر سلبيا على العرب كذلك، ولذلك أمنياتنا وجود جامعة قوية بمواقفها، وذلك ممكن أن يكون أمنية إبليس بدخول الجنة في ظل الواقع العربي المتردي.

إذن، خلال بحر الأسبوع سنستمع للعديد من الخطب، والكل يحاول “تبييض” وجهه، وتقديم العديد ثم العديد للقضية الفلسطينية… ولكن “الشعوب” واعية وأصبحت على مقدرة التمييز بين الخيط الأبيض من الأسود، لذلك أعتبر اجتماع “سرت” سيكون مجرد رقم يضاف لأرقام القمم الأخرى، “فالمفاجأة” الوحيدة هي حول طبيعة ونوعية الحضور، البعض قد يصفه بالمتدني، أما باقي التوصيات الأخرى فهي صور طبق الأصل للتوصيات السابقة، التي تراكمت عبر السنين نتيجة لعدم تطبيقها و تفعيلها، فأصبحت الجامعة العربية عبارة عن “نادٍ” مغلق للزعماء، لانفصامهم عن تطلعات الشعوبهم وآمالهم…

وأخيرا الكل ينتظر “فنزويلا” بفارغ الصبر تقديم ملفها للانضمام للجامعة العربية، نتيجة لمواقفها المشرفة مقارنة بالعديد من الدول العربية، رغم بعدها الجغرافي واختلافها التاريخي وعدم نطقها للغة “الضاد”، ولكن ما لا يوجد في البحر قد يوجد في النهر، وتلك حكاية أخرى… ولكل حدث حديث… مع أكذبة أبريل.  

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!