-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

جبهة التحرير أقوى من العدم

عابد شارف
  • 2869
  • 4
جبهة التحرير أقوى من العدم

لم تتمكن الحملة الانتخابية من إثارة اهتمام المواطنين. وبقيت الأجهزة السياسية تنشط في الفراغ، وكأن الأمر لا يهم إلا مجموعة قليلة من الجزائريين.

أعلنت جبهة التحرير الوطني مسبقا، وبكل اعتزاز، عن فوزها في أربع بلديات خلال الانتخابات المحلية التي ستجرى في 29 نوفمبر القادم. وقال مسؤول في الجبهة أن حزبه سيكون الوحيد الذي سيقدم مرشحين في أربع بلديات، بعد أن عجز الخصوم عن تقديم منافسين، سواء من أحزاب أو من قوائم مستقلة. وأضاف المسؤول: في هذه البلديات الأربع، لا يوجد إلا الله، والشعب، وجبهة التحرير الوطني.

وتمكنت الجبهة أن تفوز على الفراغ، دون أن تخوض معركة ودون أن تجد منافسا لها. وأكدت أنها أقوى من العجم، وأحسن من لا شيء. وفعلا، فإن جبهة التحرير عملت لمدة طويلة من أجل القضاء على أي بديل يمكن أن يصل إلى درجة من النضج ليتولى شؤون البلاد. ونجحت في ذلك، فهي تنتصر اليوم على أطلال السياسة، في مقبرة النشاط السياسي، الذي يتزعمه خالد بونجمة والسيدة الشالابية وغيرهم من المتطفلين على الساحة السياسية.

ويشكل هذا الانتصار الذي حققته جبهة التحرير الوطني هزيمة كبرى للجزائر، التي لم تتمكن من تنظيم نقاش سياسي محترم ولا أن تلد طبقة سياسية تملأ الساحة، ولا أن تصنع تقاليد سياسية جديدة تشرف البلاد وأهلها. واعترف بذلك الأمين العام لجبهة التحرير الوطني نفسه، حيث قال السيد عبد العزيز بلخادم أنه سيعمل لمحاربة “الشكارة”، معترفا أن الرشوة اجتاحت صفوف حزبه وأصبحت تشكل الوسيلة الأولى للوصول إلى المناصب. ومن جهته، قال غريمه في التجمع الوطني الديمقراطي، السيد أحمد أويحيى، بمناسبة الانتخابات التشريعية في ماي الماضي، أن المافيا أصبحت تحكم البلاد. وما عسى أن نضيف على كلام قادة أقوى حزبين في البلاد، مع العلم أن الرجلين تناوبا على رئاسة الحكومة منذ سبع سنوات؟

إن الجزائر مضطرة إلى متابعة المنافسة الكبرى بين جبهة التحرير وحزب خالد بونجمة، بين جبهة التحرير والصفر، ولا بد أن نعترف أن جبهة التحرير أحسن من العدم.

ويؤكد كلامهما أن الأحزاب تحولت إلى مدارس ابتدائية يتكون فيها رجال المافيا قبل أن يتحولوا إلى ميادين أخرى في الإدارة أو في تسيير شؤون المواطنين. ومع هؤلاء، فإن معنى الانتخاب يتغير جذريا، وبدل أن تكون العملية الانتخابية أسمى نقطة في الحياة الديمقراطية، وفرصة لاختيار أحسن المسؤولين بكل حرية، بعد منافسة بين البرامج السياسية والخيارات الاقتصادية والمواجهات الإيديولوجية، بدل كل هذا، تصبح العملية الانتخابية مسابقة للتحايل على الآخرين من أجل اكتساب ورقة الدخول إلى دواليب النظام.

ولا شك أن هذا ما يفسر علاقة الجزائريين بالعملية الانتخابية. فنجد من جهة أن حرية الترشح تبقى مضمونة إلى حد ما، وأن حرية التصويت خلال الانتخابات تبقى حرة إلى حد بعيد، ومن الصعب لأي طرف أن يفرض على الجزائريين اختيار هذه القائمة أول تلك. ولعل ذلك ما يفسر حيرة المراقبين الدوليين الذي لا يجدون أثرا للتزوير التقليدي رغم أن النتائج تبدو دائما مفبركة.

ورغم هذه الحرية النسبية في الترشح والاختيار، نجد أن الاهتمام بالانتخابات يقتصر على بعض الدوائر المعروفة في كل المدن والقرى، من منشطي الأحزاب والمنظمات المحلية وما يسمى بالمجتمع المدني وحاشية الإدارة، منهم من يبقى وفيا لجهاز إداري أو اقتصادي أو أمني، ومنهم من يطير من حزب إلى حزب بحثا عن مكان لائق. أما عامة الناس، فإنهم يتابعون العملية من بعيد، إما بسخرية أو بحزن وأسى، لأنهم يعرفون أنها ستؤدي في نهاية المطاف إلى تكريس تصرفات لم تنفع في الماضي ولن تنفع في المستقبل.

وهنا تكمن عقدة الانتخاب في الجزائر. فمن جهة، نجد أن الوضع الحالي لا يسمح للمواطنين أن يشاركوا في الحياة السياسية. ولكن دون مشاركة المواطنين، لا يمكن تغيير الوضع. ويبقى التساؤل: من أين تبدأ نقطة الانطلاق لتغيير الوضع؟ هل مشاركة المواطن تلد التغيير، أم أن التغيير يلد مشاركة المواطن؟

وفي انتظار ذلك، فإن الجزائر مضطرة إلى متابعة المنافسة الكبرى بين جبهة التحرير وحزب خالد بونجمة، بين جبهة التحرير والصفر، ولا بد أن نعترف أن جبهة التحرير أحسن من العدم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • cadre d'algerie

    pauvre algerie et particulierement pauvre FL N rien a présenté au citoyens sauf des critiques envers les autres , le partis dans une commune de la wilaya de constantine s'emprends au cadre et responsables locaux des differents secteurs dans sa compagne pour combler le vide qui existe dans son programme d'action attention chers citoyens et citoyennes de ce partis , la responsabilité se merite et ne s'arrache pas et ne se vend attention attention et attention

  • رفيق

    أويحي أصبح غير ملزم بواجب التحفظ ويعترف بأن المافيا تحكم البلاد أي أنه كان موظف عند المافيا إن لم يكن أحد أعضائها

  • Eddine

    Analyse très pertinente M. CHAREF. vous avez bien ciblé la source de ce "cancer politique" qui est en train de détruire le système de valeurs socio-économico-politiques que l'Algérie est censée avoir. Et comme d'habitude, c'est le F.L.N qui reste le seul acteur politique valable "par défaut" en raison de ces parasites du jeu politique dont vous avez cité quelques uns.

  • بدون اسم

    الاحزاب اليسارية هي خليفة الفلس الاخر نكلوه