الرأي

جريمة اسمها التقاعد في سنّ الـ65!

حسين لقرع
  • 5604
  • 8
ح.م

لم يكد ملايينُ العمال الجزائريين يتجرّعون مرارة فقدان التقاعد النسبي والتقاعد المسبق منذ 3 سنوات وإجبارهم على العمل إلى غاية سنّ الستين، حتى فوجئوا هذه المرة بما هو أدهى وأمرّ، ويتعلق بـ”اقتراحات” تحضّر لها وزارة العمل على نار هادئة لمراجعة قانون التقاعد مجددا في غير صالح العمال، بذريعة “الصعوبات المالية الكبيرة التي يعيشها الصندوق الوطني للتقاعد”، كما قال الوزير تيجاني حسان.

ما تسرّب إلى حدّ الساعة من “مقترحات” أوّلية وضعتها لجانُ وزارة العمل، يُعدّ صدمة حقيقية لملايين العمال الجزائريين؛ وأخطرها ثلاثة:

1- رفع سنّ التقاعد من 60 إلى 65 سنة. ويهدف هذا “الاقتراح” إلى ضمان الاقتطاع من أجورهم خمس سنوات إضافية، ومن دون أدنى اكتراث بالطابور الطويل للبطالين الذين ينتظرون خروج الكبار إلى التقاعد للحلول محلّهم، وكأنّ الحكومة تشجّع الشباب بذلك على “الحرقة”.

2- تخفيض نسبة معاش التقاعد من 80 إلى 60 بالمائة فقط من قيمة أجورهم، حتى يحتفظ الصندوق بـ20 بالمائة المتبقية بلا حقّ.

3- تمديد السنوات الأخيرة للعمل التي يُحتسب على أساسها معاشُ التقاعد من 5 إلى 10 سنوات، بهدف تخفيض قيمته إلى نحو 50 بالمائة أو أقلّ.

الواضح من هذه “الاقتراحات” الجهنّمية أنّ الحكومة تريد معالجة مشكلة الصعوبات المالية التي يعانيها صندوق التقاعد باللجوء إلى الحلول السهلة؛ وهي استغلال العمال وامتصاص عرقهم وجهدهم إلى أقصى درجة، فضلا عن إفقارهم.. كان بإمكان العامل الخروج إلى تقاعد مسبق في سنّ الخمسين بعد 20 سنة عملا، أو الحصول على تقاعدٍ كامل إذا اشتغل 32 سنة بغضّ النظر عن سنّه، وكان ذلك متنفسا حقيقيا للملايين من العمال الجزائريين، لكنّ كلّ تلك المكاسب ألغيت وأجبروا على مواصلة العمل إلى غاية الستين، والآن قد يجبَرون على الاستمرار فيه إلى غاية سنّ الـ65، ما يعني أنّ العامل الذي بدأ العملَ في سنّ العشرين سيُرغَم على الاشتغال 45 سنة كاملة ليحصل على تقاعده، وقد تُخفَّض قيمة معاشه في نهاية المطاف إلى نحو 50 بالمائة فقط من قيمة أجره.. أليس هذا إذلالا وتفقيرا واستعبادا مُهينا للعمال وتقصيرا لأعمارهم؟ ما الذي يمكن أن يقدّمه عمّالٌ فاقوا الستين من العمر لمؤسَّساتهم، وقد نخرتهم الأمراضُ المزمنة وضعف الأجور وسوء المعيشة؟ هل من المعقول أن تقتدي الحكومة بفرنسا في رفع سنّ التقاعد إلى 65 عاما، وكأّنّ مستوى المعيشة والأجور والخدمات الصحية واحدة في البلدين؟ وبأيّ حق يُجبَر بعض العمال على الاشتغال أزيد من 40 سنة للحصول على معاش هزيل في حين تحصل الإطارات السامية للدولة على معاش بنسبة مائة بالمائة بعد 6 سنوات فقط من العمل؟

الشارع يغلي كالمرجل منذ ثمانية أشهر كاملة لكن الحكومة لا تكترث وتطرح مشروع قانون جديدا للمحروقات، وتحضِّر لإعادة النظر مجددا في قانون التقاعد بما ينسف ما بقي من مكتسباتٍ للعمال.. وكأنها بذلك تصبّ المزيد من الزيت على النار!

مقالات ذات صلة