-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

جريمة الساعة الثالثة والنصف فجرا

جريمة الساعة الثالثة والنصف فجرا

الساعة الثالثة والنصف فجرا، يُفَجَّر بابُ البيت وأَهله نِيام.. يقف الشاب محمد الشَّحام ليرى ما يحدث.. رصاصة من سلاح كاتم للصوت تستقر في رأسه مباشرة من مسافة الصفر.. يُترَك ينزف حتى الموت.. يُحمَل مِن قِبل مجرمي الحرب الصهاينة وهو جثة هامدة..
تُبَلَّغ عائلته أنهم اقتحموا البيت الخطأ واغتالوا الشخص الخطأ…!
أي ظلم أكثر من هذا؟ وأي امتهان للروح البشرية أكثر من هذا؟ وأي حِقدٍ أكثر من هذا؟ وأي اعتدادٍ بالقوة أكثر من هذا؟
الشهيد محمد الشحام شاب في مقتبل العمر، 21 عاما، يقطن ببلدة “كفر عقب” شمال القدس، الأكبر من بين إخوته الخمسة، يُعِين عائلته بالعمل في ورشات البناء كطَلاَّء في الداخل الفلسطيني، السند الأول للأسرة.. هكذا يتم اغتياله ببرودة ودون أسف، وكأنه ليس ببشر. وتَدَّعي القوات الصهيونية المحتلة بعد ذلك أنها حاملة لواء الديمقراطية في المنطقة، الأنموذج الأمثل للدولة الغربية العصرية، واحة تطبيق القانون والعدالة! ويُروِّج لذلك المطبِّعون من العرب ومن على شاكلتهم.. يُسارعون لربط علاقات الود مع الظلمة والمجرمين والمغتصبين، وقتلة الأبرياء، ويزهون بذلك! أي عار أكبر من هذا؟
ويتأكد لنا، مرة أخرى، أن ما كُنَّا نقرأه عن عصابات “الهاغانا”، و”الإرجون”، و”ليحي” التي أسست الكيان الصهيوني عبر الإرهاب والنهب والتهجير القسري لملايين الفلسطينيين إنما كان حقيقة ومازال إلى اليوم.
كل الوسائل مُستباحة بالنسبة لها للاستمرار في اغتصاب الأرض الفلسطينية. الضرب بأكثر الصواريخ تدميرا وقتل العشرات من بينهم أطفال ونساء قبل أيام قليلة بغزة، والقتل اليومي للأبرياء في كامل الإقليم الفلسطيني، وسجن عشرات الآلاف منهم في أقسى الظروف بمحاكمات صورية وتُهَمٍ باطلة مُصطَنعة، وممارسة كل أشكال الضغط والتجويع والمَنع من العودة على كافة الشعب الفلسطيني في الداخل وفي الخارج، وتأليب الغرب عليه، والاحتماء بأكبر قوة عسكرية في العالم الولايات المتحدة الأمريكية لتبرير كل هذا.
هل مازال البعض في حاجة بعد اليوم للتردُّد في الرفض الوجودي لهذا الكيان؟ هل مع كل هذا تبقى للبعض مبرراتٌ للتعامل والتطبيع والتنسيق معه، بما في ذلك السلطة الفلسطينية؟
يبدو أننا بالفعل أمام مرحلة تصعيد غير مسبوقة، مادام هذا الكيان الصهيوني قد عاد لممارساته الإرهابية القديمة، ومادامت كل الأرض الفلسطينية اليوم تَموج تحت أقدامه في الضفة والقطاع وكل الأرض المحتلة.
يكفي أن بلغ عدد شهداء الضفة 84 شهيدا منذ بداية العام وشهداء القطاع 50 شهيدا منذ أيام، فضلا عن آلاف المعتقلين والأسرى والمُعتَدَى عليهم عشوائيا، لنُدرِك أن معركة التحرير الكبرى بلا شك قادمة، ومعها سيزول ذلك الوهمُ بأبدية الكيان الصهيوني. وسيعرف الذين راهنوا على بقائه خنجرا في قلب الأمة العربية والإسلامية، أن رهانهم أصبح خاسرا، فقد اجتمع لدى هذا الكيان الطغيان والتجبر والظلم وهي من الصفات المؤذِنة بخرابه وزواله إن عاجلا أو آجلا.
لقد رأينا في الجزائر أثناء ثورة نوفمبر المباركة مثل هذه الممارسات، وسَجَّلها لنا التاريخ من قبل خلال الثورات الشعبية، وعرفنا أنه بقدر ما كانت عصابات الجيش الفرنسي تتفنن في التقتيل والذبح وقطع الرؤوس بالمقصلة بقدر ما كانت تَحفُر قبرها بنفسها ليتم دفنها فيه.
وكما دُفنت القوات الفرنسية الظالمة في أرض الجزائر، رغم ارتكابها آلاف المجازر والاعتداءات والقتل المباشر من مسافة الصفر، سـتُدفَن بإذن الله قوات الكيان الصهيوني الظالمة، ولن يذهب دم الشهيد محمد الشّحام هدرا، ولا دماء عشرات الآلاف من الشهداء الفلسطينيين الآخرين، ولا تضحيات الأسرى وباقي الشعب الفلسطيني المرابط في أرضه وفي كل بقعة من بقاع العالم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!