اقتصاد
شركات النقل الجوي تسببت في عزوف الكثير منهم عن قضاء العطلة في "البلاد"

جريمة نكراء في حق المغتربين الجزائريين!

حسان حويشة
  • 16128
  • 43

عشية كل عطلة صيفية، تعيش الجزائر على وقع جدل حاد ومتكرر، مصدره شكاوى الجالية بالخارج من ارتفاع فاحش في أسعار تذاكر النقل الجوي خصوصا، وصلت 800 أورو بين العاصمة باريس والجزائر العاصمة، على حد تأكيد عديد المغتربين، الذي هو سعر يفوق وجهات أطول على غرار باريس نيويورك.. ودفع الوضع الكثير من المهاجرين إلى العزوف عن قضاء العطلة على أرض الوطن، بسبب هذا الغلاء غير المعقول بحسبهم.

وعلى الطرف الآخر، تؤكد شركة الخطوط الجوية الجزائرية أن أسعار تذاكرها خاضعة لقاعدة تجارية اقتصادية هي العرض والطلب، وهي قاعدة تسري أيضا على شركات منافسة لها على الوجهة الجزائرية، وتنصح زبائنها في كل مرة باقتناء التذاكر قبل حلول عطلة الصيف للحصول على أسعار في المتناول.

نائب الجالية عن منطقة فرنسا سمير شعابنة:
وزير النقل الحالي وعدني بحل المشكل في رمضان ورفض الرد علي لاحقا

قال نائب الجالية الجزائرية عن منطقة فرنسا، سمير شعابنة، إن وزير النقل الحالي وعده قبل أشهر بالنظر في قضية ارتفاع أسعار سفر المغتربين بالخارج، لكن لا شيء من وعوده تحقق، بل ورفض الرد على المكالمات في وقت لاحق.
وأفاد سمير شعابنة، في تصريح هاتفي إلى “الشروق”، بأنه كنائب وناشط في صفوف الجالية قدم مقترحات حلول عديدة للسلطات منها إطلاق شركة فرعية للخطوط الجوية الجزائرية بتكاليف منخفضة لكن كل المقترحات لم تجسد، وصار أبناء الجالية في معاناة متكررة عند حلول كل فصل صيف مع ارتفاع فاحش لتذاكر السفر.

وبحسب سمير شعابنة، فإن مطالب أبناء الجالية واضحة وهي “توضيح أسباب ارتفاع الأسعار الفاحش”، علما أن المغتربين لم يطلبوا تذاكر بـ 50 أو 100 أورو، لكن يريدون تذاكر تتماشى مع مستوى معيشتهم خاصة في ظل الأزمة في أوربا خصوصا، لكن السلطات حسبه لم تقدم الشروح الوافية، وفي كلب مرة تترك المهاجرين في غليان شديد كل صيف.

وطالب سمير شعابنة السلطات وشركات النقل بتوضيح قضية أخرى تتعلق بما يدور حول فرض دول أوربية على وجه الخصوص لرسوم على الطائرات القادمة من الجزائر باعتبارها بؤرة غير آمنة في شكل ضريبة أمنية، فرضت إبان العشرية السوداء وتدهور الوضع الأمني، وهل هذا الأمر صحيح أم لا، وإذا صح هذا الأمر لماذا الإبقاء عليه والجزائر مصنفة منطقة آمنة، والممثليات الدبلوماسية الغربية نزعت منحة الخطر لموظفيها العاملين في الجزائر.
وكشف سمير شعابنة عن لقاء جمعه بوزير النقل الحالي مصطفى كورابة خلال شهر رمضان الماضي، وطرح عليه مشكل ارتفاع أسعار تذاكر النقل للجالية خلال الصيف وإمكانية إيجاد حلول له، وهو اللقاء الذي حضره مستشارون للوزير أيضا.

ويضيف نائب الجالية سمير شعابنة أن الوزير كورابة استحسن الفكرة وقدم وعودا بدراسة المشكل وإيجاد حلول، لكنه رفض الرد على الاتصالات في وقت لاحق.

وتساءل محدثنا بالقول: “لماذا هذا السكوت من طرف وزارة النقل تجاه هذه الوضعية التي من المفروض أنها هي الوصية على القطاع؟”.

وتابع: “لو كنت مسؤولا فستكون تذكرة السفر للجالية بـ 100 أورو، نظرا إلى ما لقدوم المغتربين من تبعات اقتصادية إيجابية جدا على البلاد من خلال نفقات متعددة للمهاجرين”.

ووجه شعابنة نداء للسلطات العليا في البلاد بتوضيح سياستها تجاه الجالية وتعريفهم بحقوقهم وواجباتهم لأنه إلى حد الآن لا يفهم إطلاقا ماذا تريد الدولة من المهاجرين.

ويرى المتحدث أن غلاء تذاكر السفر يساهم حتى في قطع الأوصال بين الأجيال الجديدة من أبناء الجالية ووطنهم، وخاصة في فترة الطفولة، إضافة لكون السلطات تتجه صوب المغتربين خصوصا في وقت الانتخابات، وحتى فريق كرة القدم مشكل بنسبة كبيرة من أبناء الجالية.

نائب الجالية عن أوربا عدا فرنسا والأمريكيتين نور الدين بلمداح
المسؤولون وشركات النقل مقتنعون بأن الأسعار منخفضة!

قال نائب الجالية عن أوربا عدا فرنسا والأمريكيتين، نور الدين بلمداح، إن مشكل غلاء تذاكر السفر للجالية ليس من أولويات الحكومة، وشدد على أن الفكر السائد لدى المسؤولين أنهم ليسوا متقبلين تماما تخفيض تذاكر السفر ويعقدون أن أسعار التذاكر لدى الجوية الجزائرية منخفضة وبأسعار معقولة.

وأفاد النائب نور الدين بلمداح في تصريح هاتفي لـ “الشروق” بأن غلاء تذاكر السفر موضوع طرحه في لقاءاته بالجالية بالخارج ومع مسؤولي قطاع النقل في الجزائر، وفي كل تجمعاته بالدول الأوربية خصوصا يأتي على المشكل على رأس الأولويات بالنسبة للجالية، لكنه على ما يبدو ليس أولوية للحكومة على حد الآن.

ويشرح بلمداح: إنه إضافة لشركات النقل، فإن الرسميين مقتنعون بأن أسعار تذاكر السفر ليست مرتفعة، مشيرا إلى أنه سمع هذا الكلام منذ 2011 قبل أن يكون نائبا، وسمعه بعد أن صار نائبا وتحت قبة البرلمان من طرف وزراء في الحكومة.

ووفق بلمداح، فقد وجه سؤالا شفويا لوزير النقل الأسبق عمار غول لكن إجابته تحت قبة البرلمان كان مفادها أن أسعار التذاكر منخفضة بل هي جد معقولة مقارنة بالجيران والمنافسين، بل هي الأقل سعرا من 25 شركة جوية أجنبية تنافس الجوية الجزائرية على الوجهة الوطنية أو الدولية.

وحسب بلمداح فإنه يستشف من رد الوزير الأسبق عمار غول (مسجون حاليا في قضايا فساد)، كيف ينظر الرسميون لأسعار التذاكر، بالنظر على إشارته إلى أن النقل الجوي عملية اقتصادية وتجارية، الدولة تعمل في إطار استحداث ما أمكن من توازن في بعد اجتماعي للجالية، والتوازن المالي والاجتماعي للجوية الجزائرية.

وعن التخفيضات التي تعلن عنها الجوية الجزائرية في كل مرة وترافقها حملات إشهارية، قال بلمداح إنها إشهارات كاذبة ولما يتجه المسافر إلى وكالة الجوية الجزائرية يقال له إن العرض قد نفد.
وأوضح محدثنا أن الحملات الترويجية للجوية الجزائرية كانت تعني دائما المسافر من الجزائر وليس لأبناء الجالية بالخارج، وحسبه فإن الجوية ولا مرة تحدثت بإستراتيجية عن التذاكر الموجهة لأبناء الجالية.
وتحدث بلمداح عن غلاء التذاكر والوضعية المهنية والاجتماعية بالجوية الجزائرية، مشيرا إلى أنه صادف إطارا بالجوية الجزائرية يتقاضى راتبه لكن من دون منصب ولا يعمل إطلاقا.
وقال: “أؤكد أن عددا كبيرا من إطارات الجوية الجزائرية يتقاضون أجورهم دون منصب ودون أي عمل… ننتظر قرارا سياسيا شجاعا من طرف الدولة لإعادة النظر في تسيير الشركة وتنظيمها وهيكلتها وعدد عمالها”.
وأفاد بلمداح بأنه عكس الجوية الجزائرية، كانت شركة النقل البحري للمسافرين هذه السنة الوحيدة التي طبقت تخفيضات، موضحا أن أسعارها منخفضة بنحو 50 بالمائة مقارنة بشركات النقل البحري الإسبانية التي تعمل على الوجهة الجزائرية (الغزوات ومستغانم)، رغم أنها لا تتلقى نفس الدعم المالي الكبير الذي يذهب إلى الجوية الجزائرية.

الناطق الرسمي باسم الجوية الجزائرية أمين أندلسي:
لا نمارس أي احتكار وأسعارنا خاضعة لقاعدة العرض والطلب

أكد الناطق الرسمي باسم الخطوط الجوية الجزائرية أمين أندلسي أن الشركة لا تمارس أي احتكار على النقل الجوي، وشدد على أن أسعار التذاكر يتم احتسابها عبر قاعدة تنافسية تأخذ بعين الاعتبار العرض والطلب.
وأوضح أمين أندلسي في تصريح لـ “الشروق” أن الحديث عن احتكار الجوية الجزائرية للنقل الجوي تجاه الوجهة الجزائرية أمر غير صحيح في وقت تنشط فيه 25 شركة طيران أجنبية على الوجهة الجزائرية.

وأوضح أمين أندلسي أن سعر التذكرة لا علاقة له بتكلفة الرحلة لكنه مرتبط بالأساس بقاعدة العرض والطلب، والرهان حسبه واضح وهو الحصول على أكبر عائدات ممكنة لكل رحلة.

واعتبر محدثنا أن الارتفاع الكبير لأسعار التذاكر في الفترة الصيفية أمر طبيعي ومتعارف عليه عبر الدول، حيث ترتفع أسعار التذاكر لدى جل شركات الطيران عبر العالم.

وقال: “كل شركات الطيران العالمية ترفع أسعار التذاكر لديها في فترة الصيف.. أدعو المسافرين لإجراء مقارنة بسيطة على المواقع الرسمية لشركات الطيران للتحقق بأنفسهم”.

وعن الجدل الذي دار مؤخرا بخصوص ارتفاع الأسعار خصوصا مع عيد الأضحى المبارك، يشرح محدثنا أن الملاحظ هو الطلب الذي يفوق العرض بكثير، حيث كان طلب كبير للمغتربين على التذاكر من أجل قضاء عيد الأضحى المبارك على أرض الوطن ما يجعل عدد المقاعد المتوفرة أقل وبالتالي ارتفاع أسعارها.

ووفق مسؤول الجوية الجزائرية فإن الكثير من المغتربين دفعوا أسعار تذاكر معقولة جدا لسبب بسيط وهو أنهم برمجوا رحلاتهم بشكل مسبق واشتروا التذاكر قبل أشهر، أي في الوقت الذي لم لكن الطلب قد ارتفع.
ووجه أمين أندلسي نصيحة للزبائن الراغبين في السفر عبر رحلات الجوية الجزائرية بضرورة اقتناء التذاكر بشكل مسبق خارج الفترات الصيفية والحصول على أسعار جد تنافسية وفي المتناول.

وإضافة لقاعدة العرض والطلب التي تحدد كيفية احتساب أسعار التذاكر، فإن هناك عوامل أخرى تتدخل لتؤثر حسب أندلسي على طريقة احتساب سعر التذكرة وهي نسبة امتلاء الطائرة ونوعها أيضا، حيث إن الطائرات المتجهة إلى فرنسا مثلا في الصيف تكون فارغة عكس الرحلات التي تأتي من مطارات فرنسا.

رئيس المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك مصطفى زبدي:
فتح المنافسة حل جذري للغلاء والتخفيضات حلول ترقيعية

قال رئيس المنظمة الجزائرية لحماية المستهلكين مصطفى زبدي، إنه إذا ما أردنا حل مشكل تكلفة في الخدمة أو منتج ما، ما علينا إلا فتح باب المنافسة، وكذلك الشأن بالنسبة للنقل الجوي الذي يجب فتح المنافسة فيه.
وأفاد مصطفى زبدي في تصريح لـ “الشروق” بأن كثيرا من القطاعات التي تقدم خدمات عمومية يسودها احتكار، وهذا الاحتكار يعود بالسلب على المستهلك الجزائري ونحن نعيشه في عدة قطاعات ومنذ سنوات عديدة.
وأوضح مصطفى زبدي أن المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك دعت في أكثر من مناسبة ومن أعوام مضت، إلى فتح المنافسة في النقل الجوي (الجوية الجزائرية) والإنترنت والهاتف الثابت (اتصالات الجزائر)، لكن الاحتكار بقي واستمر وسيظل هذا الوضع متكررا دون حلول.
وشرح زبدي أن الجوية الجزائرية وشركات مماثلة (عمومية) هي مؤسسات ذات طابع اقتصادي تجاري تقدم خدمة وتبقى تأخذ مقابل تلك الخدمة، لكن إذا ما أردنا حلولا فهي في فتح المنافسة، أما المطالبة في كل مرة بالنظر في وضع الجالية وتخفيض الأسعار فهي حلول ترقيعية سطحية، ستزيد من إطالة عمر هذا الوضع ولن تقضي على المشكل إطلاقا.

مقالات ذات صلة