الشروق العربي
بعيدا عن حكم الدين ورقابة المجتمع

جزائريات ينزعن الحجاب في الخارج..هل هن منافقات أم ضحايا التحرر؟

فاروق كداش
  • 6137
  • 9
بريشة: فاتح بارة

تعيش العديد من الفتيات والنساء حالة من النفاق الاجتماعي، يتظاهرن بين العشيرة والقبيلة والعائلة والمجتمع بأكمله بلباس العفة، غير أنهن وبمجرد الخروج من حدود الجزائر، يقلبن “الفيستا”، عفوا ينزعن الخمار… الشروق العربي ترصد الظاهرة، وتترك لكم خيار الحكم وحرية التفكير.

تتحول العطلة الصيفية، وهي الآن في أوجها، إلى مرتع لموجة جديدة من الحرباويات، اللواتي يتلوّنّ بألف لون.. فما إن تطأ أقدامهن مطارات العالم وموانئه، يتحول الحجاب إلى جينز وتي شورت، ويتحول الخمار إلى عصابة رأس، على موضة فاشيونستات الخليج، الرقبة عارية والأذنان تنصتان إلى نداء التحرر، الواهي والواهم، ولا مجال لإخفاء الشعر أيضا، فخصلة متدلية من هنا وجديلة تشق طريقها من هناك.

إن سألت إحداهن، فستنسب فعلتها إلى ظلم الحرارة، وغلبة الرطوبة.. وأما الأكثر تحررا وجرأة، فسيفسرن هذا بالحرية الشخصية، وأنه لا دخل لأي رجل في لباسهن.

حجاب قاب قوسين من النار

موضوع الحجاب حرج للغاية، لذا، لا يتجرأ الكثير من الناس على الخوض فيه، ويكتفون بالقول بأن الحلال بيّن والحرام بيّن، لكن هناك من تراه قرارا شخصيا لا دخل لأحد فيه.. مثل سكينة، التي أسرت إلينا بأنها تخلع خمارها في عطلتها خارج الجزائر… “هذا تغيير لوك، ولا أضر أحدا إن خلعت خماري، فأنا في الخارج، ولن ألتقي بأحد من أقاربي المتشددين، وأنا شخصيا ارتديت الحجاب لتلافي القيل والقال”. أما رجاء، فتاة جامعية، فلديها نفس الرأي: “أنا من عائلة متساهلة، وعند السفر أضع وشاحا بدل الخمار، وبابا لا يمانع في ذلك”. وتضيف: “أنا لا أنزع هذا الوشاح إلا عند السباحة في البحر، حتى لا يعيقني عن السباحة بحرية”.

السيدة نورة، متزوجة، وأم لثلاثة أولاد، لا تلقي بالا لكلام الآخرين: “سنويا أزور أختي في إسبانيا… وفي السنوات الأولى، كنت أضع خمارا، غير أن الكل كان يرمقني بنظرات مستغربة، في ما بعد نزعته.. المهم، أنني بمجرد عودتي إلى البلد أرتديه”.

أما فضيلة، فكان تدخلها أكثر ضراوة: “من نحن حتى نحكم عليهن؟” وأضافت بالفرنسية: “هل يسمح الإسلام بالنفاق والخيانة والكذب والسرقة والتبرج وإظهار المفاتن والعورات أمام العموم والزنا والفحشاء والسكر العلني والمخدرات في أغلب الأماكن… أظنك طرحت الموضوع من الزاوية الخطإ”.

في زمرة المعارضين، التقينا خالد، في أحد المقاهي، وهو شاب ملتزم.. وفتحنا معه هذا الموضوع: “إن كانت المرأة غير قادرة على احترام ضوابط الحجاب الشرعي، فلا داعي لها لارتدائه أصلا، حتى تتفادى النفاق مع نفسها، وغيرها، سواء هنا أم في أي مكان في العالم”. أما عمي مصطفى، الذي التقط حديثنا، فقال: “يا بني، بما أنها مسلمة، فهذا ليس حرية أو استجماما، وإنما هو اتباع للهوى ورغبات النفس وإرضاء لأعين المجتمع، وفوق ذلك استجابة للشيطان”.

وعن مبررات الحرارة، تقول السيدة موني، البالغة من العمر 43 سنة: “لا أحد يصدق هذه الترهات‪.” وتواصل: “‬يمكن لأي امرأة أن تذهب إلى البحر، وتستجم بحجابها، على العكس، الخمار قد يقيها من أضرار السباحة ولفحات الشمس”.

حجاب أهل سمرقند

أغرب تعليق قرأته عن موضوعنا، عندما نشرته على الفايسبوك، ما قالته شهيناز، وهي جامعية مثقفة: “أنا أشبه هذه النسوة المنافقات ببعض سكان سمرقند وبخارى وطشقند، الذين كانوا يبدون الإسلام بقدوم المسلمين الفاتحين، في فصل الصيف، ثم يعودون إلى شرب الخمر، التي تصنع محليا لمقاومة قسوة المناخ في ظل غياب المسلمين، في فصل الشتاء البارد”. أما تعليق وردة، فانصب في نفس الفكرة: “لقد حدث هذا معي في عطلة العام الماضي، في حمامات تونس، فتصادف أن التقيت جارتي هناك مع زوجها وابنها، وكانت لا ترتدي حجابها، بل فستانا طويلا، وأسدلت شعرها أمام العامة، دون خجل، بينما كانت ترتدي حجابا ملتزما هنا”..

مسلمة في كل مكان

يقول الشيخ سعيد الرحلي، إمام مسجد الرغاية: “لا يجوز للمرأة المسلمة كشف وجهها، لا في المسبح، ولا في الهواء الطلق، ولا في غيره من الأماكن العامة، بل عليها أن تحافظ على دينها أينما كانت، سواء كانت في بلد إسلامي أم غيره، هذا الواجب؛ لأن هذا دين، واجب. يجب أن يحافظ عليه مطلقا، فيجب على المسلمة أن تحافظ على ما شرع الله لها من الحجاب في أي مكان كانت؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: “وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ”، الأحزاب 53، وهذا يعم جميع الأماكن وجميع الأزمان، ولأن الله سبحانه وتعالى قال: “وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ” النور 31.

ومعلوم أن الوجه هو أعظم الزينة، فليس لها أن تبدي وجهها للأجنبي، لا في المسبح ولا في العمل، ولا في البيت، ولا في غير ذلك، عليها أن تحافظ على الحجاب أينما ذهبت، والله يأجرها.”

مقالات ذات صلة