الجزائر
تنتهي عقود إيجارهم للسكنات خلال فترة الحجر الصحي

جزائريون بين رعب “كورونا” وهاجس الطرد إلى الشارع

وهيبة سليماني
  • 5241
  • 10
ح.م

كورونا، هذا الفيروس المستجد، الذي أحدث زلزالا قويا في النظام الحياتي، وفِي كل النشاطات الاجتماعية، والاقتصادية، الثقافية، والسياسية، وعطل المشاريع الفردية والجماعية، وأدخل الأفراد في دوامة الخوف، لا من إصابته بالعدوى ، فقط، بل الخوف أيضا من مصير مجهول ينتظر فئات كثيرة من المجتمع.

عقود كراء المنازل والشقق، وحتى المحلات، تنتهي صلاحيتها بالصدفة مع مرحلة الحجر الصحي المنزلي، وغلق الموثقين مكاتبهم وتعليق نشاطهم، إلى تاريخ لاحق، تتحكم في مدته كورونا، هذا الأمر الذي شكل حالة توتر وقلق المستأجرين الذين لم يجدوا وكالة عقارية، مفتوحة يبحثون عندها عن عروض كراء، خاصة أن جملة “سنة غير قابلة للتجديد” المكتوبة في وثيقة العقد الذي بحوزتهم، تشكل لديهم مطرقة ثقيلة تضرب على رؤوسهم، كلما اقترب موعد انتهاء مدة الكراء.

رعب الطرد إلى الشارع، هذا الأخير الذي هجره الناس، وعجلوا ليله الدامس، هربا من عدوى كورونا، والتزاما بقرار الحجر الصحي، يباغت المستأجر ويبعث فيه رعشة أشبه بحمى الفيروس المستجد، فيختلط خوفه من الإصابة بالعدوى بخوفه من مصيره المجهول.

سيدة اتصلت بجريدة “الشروق”، بعد أن وصل بها هاجس تهديد صاحب الشقة، بطردها، مع نهاية الشهر، وهذا بحجة خلافات بينهما، وإخبارها الشهر المنقضي، عدم تجديد عقد الكراء، تحول إلى فوبيا، قالت بصوت مضطرب وفِي حالة القلق الواضح: “الكل الْيَوْمَ خائف من العدوى، مكاتب الموثقين موصدة والوكالات العقارية علقت نشاطها، وحتى لو وجدت واحدة منها لديها عروض كراء، من سيرافقك إلى بيت أو شقة للاطلاع عليها، ثم هل أنا سأقبل على نفسي أن أتعرض للعدوى!؟”.

واستمرت في عرض الظروف التي وقعت فيها مع هذا الظرف: “لم أكن أتوقع هذه الجائحة التي حلت بالبلاد، والوضع المالي عرقلني، وحتم علي تأجيل البحث عن منزل آخر، أستأجره أنا وأولادي، وحتى لو عادت الأمور إلى حالتها الطبيعية، فسوف أكون تحت رحمة صاحب الشقة، ولا يمكنني أن أعثر وبأريحية على شقة أخرى مناسبة، وبالسعر المناسب”.

وأشارت هذه السيدة إلى أن انتهاء مدة صلاحية العقد، وبقاءها ولو برضا صاحب الشقة لأيام، حتى تتحسن ظروفها، يجعلها ضحية له، ولا تملك حقوقا تحميها منه.

وهذه الحالة التي اشتكت منها هذه السيدة، ليست الوحيدة، فالكثير من الحالات الشبيهة لظروفها أو الأكثر منها مأسوية، ويكون ضحاياها الأكثر من النساء، أو عائلات من الفئات الضعيفة.

المطلوب إجراءات قانونية استثنائية

وفِي هذا الصدد، دعت رئيسة فدرالية الوكالات العقارية، زهوة معمري، إلى اتخاذ إجراءات قانونية استثنائية، لحماية المواطنين، الذين يجدون أنفسهم خارج مدة عقود موثقة تتعلق بالكراء أو بمهام أو نشاطات أو تأمينات، وهذا نظرا، حسبها، لتعليق الكثير من النشاطات والخدمات وتوقيف وسائل النقل العمومي والخاص للأشخاص في خضم تطبيق برنامج الوقاية من كورونا، حيث إن هؤلاء المواطنين تعطلوا عن خطوات ومساع، كان يمكن القيام بها، في. وقتها، كما أن عمليات تجديد الكراء، تضيف السيدة معمري، تحتاج إلى التحضير لها، واتخاذ فترة طويلة، يبحث فيها زبائن الوكالات، عما يناسبهم من عروض، ويملكون حق زيارة المحل أو المسكن والشقة المعروضة للاستئجار، وهذا لا يمكن تحقيقه خلال مرحلة الحجر الصحي والخوف من العدوى.

وأكدت، زهوة معمري، أن طرد المستأجرين في المرحلة الراهنة، أمر مستبعد، خاصة أن مكاتب الموثقين والمحضرين القضائيين، مغلقة، كما لا يمكن، إعطاء تسخيرة للقوة العمومية وتنفيذ أمر الطرد، موضحة أن هذا الإجراء الأخير لا يمكن أن يطبق، حتى بعد شهرين أو أكثر ابتداء من انتهاء مدة السيطرة على كورونا، لكون الأشخاص الذين تنتهي صلاحية عقودهم يتواجدون في ظرف قاس، قد تستمر تأثيراته لوقت طويل.

وكشفت معمري، عن إجراء استثنائي، قامت به فدرالية الوكالات العقارية، يسمح لبعض الزبائن، الذين، يجدون أنفسهم مضطرين إلى الكراء، والذين يبحثون عن مسكن، حيث تضمن لهم الفدرالية، من خلال تعهد كتابي من صاحب الشقة أو المحل أو المنزل، يبقى في مكتبها إلى غاية فتح الموثقين مكاتبهم.

انهيار أسعار الكراء بنسبة 50 بالمائة

وأشارت،رئيسة فدرالية الوكالات العقارية، زهوة معمري، إلى أن أسعار الكراء انخفضت بنسبة 50 بالمائة خلال فترة الحجر المنزلي، ولكن العروض حسبها، قليلة جدا، وتتم عن طريق الاتصال الهاتفي مع صاحب الوكالة العقارية، أو تعرض على موقع واد كنيس.

مواطنون في حاجة إلى حماية قانونية

ومن جهته، قال رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، نور الدين بن يسعد، إن الظرف الحرج الذي تسببت فيه كورونا، يستدعي أخذ إجراءات قانونية إضافية وخطوات وتدابير جديدة تأخذها وزارة العدل على عاتقها، خاصة حسبه، أن الكثير من المواطنين، قد يتضررون في حقوقهم بعد الخروج من أزمة فيروس”كوفيد 19″، وخاصة، حسبه، أن المحاكم ومكاتب المحامين، والمحضرين القضائيين، والموثقين، ومكاتب الترجمة الرسمية، علق نشاطها خلال مرحلة الحجر الصحي.

ودعا الجهات القضائية، إلى حفظ حقوق المواطنين، من خلال تمديد فترة استدراكهم لبعض الواجبات والالتزامات القانونية، وعدم تنفيذ إجراءات ضدهم تتعلق بانتهاء العقود أو تاريخ محدد لتطبيق قانون لا يكون في صالحهم.

ويرى المحامي بن يسعد، أن إجراء الطرد من السكنات أو المحلات لا يكون مباشرة بعد الخروج من أزمة كورونا، حيث بالنظر إلى تعطل المصالح ومنذ بدء تطبيق إجراء الحجر الصحي، يكون المتضرر بالدرجة الأولى وإلى حد كبير هو الشخص الذي ينفذ ضده هذا الإجراء، لاسيما أنه غير مسؤول عن التأخر في قضاء مصلحته.

مقالات ذات صلة