الرأي

جزائريون.. على قلب واحد

محمد سليم قلالة
  • 2691
  • 13

شرعت أكتب عن موضوع آخر.. فإذا بابنتي الصغرى تقول: هل أنت تكتب عن الجنود؟ ولماذا لا تكتب عنهم؟؟ لم أتركها تُكمل وأعدت الكتابة من الأول أقول: لقد عدت للتو من صلاة الجمعة، وأنا أحس الآن أن كل من وقف وصلى صلاة الغائب هذا اليوم على أرواح هؤلاء من نحسبهم عند الله شهداء، إلا ودعا لهم صادقا من عمق فوائده بالرحمة والمغفرة، كل عائلة حزنت لهم وبكتهم تماما كما تحزن وتبكي أبناءها، كل شاب إلا ورأى فيهم نفسه أو صديقه، فحزن على الفراق وتألّم لهول الكارثة، الجميع تضامن مع الأمهات والآباء المكلومين والإخوة والأصدقاء المتألمين، وتمنى أن لو باستطاعته التوجه لهم لتقديم واجب العزاء، لقد كان الشعب الجزائري في هذه المصيبة الأليمة على قلب واحد بحق، وفي ذلك دليل آخر ليس فقط على وحدة الإحساس والشعور والانتماء، إنما على عمق الوعي لدى الجزائريين بأن هؤلاء الذي كانوا على متن الطائرة، إنما هم عائدون من مهمة كانوا فيها إما يدافعون عن أمن الوطن والمواطن، أو يتدربون للدفاع عن أمن الوطن والمواطن، وفي كلتا الحالتين كانوا يضحون من أجل شعبهم ورفاهيته واستقراره.

لم يكن هؤلاء في تامنغست للنزهة أو الترفيه، إنما كانوا في مهمة عنوانها التضحية والفداء من أجل الوطن، فكان لهم ذلك..

لقد ذكَّرت هذه الحادثة الأليمة الجزائريين بأنهم إذ ينعمون اليوم بالأمن والاستقرار في بيوتهم، إذ هم يعودون كل مساء إلى عائلاتهم يحتضنون أبناءهم وبناتهم، أو يُشبعون أعينهم برؤية آبائهم وأمهاتهم،  إذ يستمتعون بالدفء العائلي بكل ما يعني ذلك من معان، فلأن هناك من يقف ساهرا، صابرا، مرابطا في كل مكان، بعيدا عن والديه وأبنائه وعائلته، يحسب الأيام بل الساعات متى يعود، فإذا هو قبل أن يُتم طريق العودة ينتقل إلى جوار ربه في حادث أليم كالذي ألمّ بأبنائنا وعائلاتنا منذ أيام.

أي إحساس ينبغي أن يكون لدينا غير هذا الإحساس الموحد الذي نعيشه اليوم؟ أي وعي ينبغي أن يزيد على وعينا بقيمة الأمن الذي نعيشه اليوم؟ أي شعور بالتضحية ينبغي أن ندرك أكثر مما ندركه اليوم ؟ أي تضامن ينبغي أن يكون بيننا غير الذي نعرفه اليوم؟ أي عزاء ينبغي أن نقدمه لعائلاتنا التي فقدت أبناءها يكفي لننقل لهم كل هذا الشعور؟ أية رسالة ينبغي أن نوجهها لكل من أراد المساس بوحدة الجيش والشعب متشدّقا بذلك ذات يوم؟

ليس أكثر من أن نقول ها هم الجزائريون اليوم على قلب واحد، وليس أعمق من هذه رسالة، ورحم الله الشهداء.

مقالات ذات صلة