جزائريون يتحدون الغيب بتحدي الشيخوخة

لا يمر يوم علينا إلا ونسمع عن تطبيق جديد يلهب حماس الملايين، فتراهم يتسابقون في تقديم القرابين، لعل العالم الافتراضي يغدق عليهم بركاته، حتى وإن تطلب منهم الأمر تقديم عشرين سنة من حياتهم.. الشروق العربي تبحث في ظاهرة تطبيقات الشيخوخة وخطورتها على حياة الجزائريين.

ينعكس هوس التكنولوجيا لدى الملايين من الناس سلبا على نظرتهم إلى أنفسهم، فتراهم يسارعون إلى تحميل أي تطبيق جديد يدخل البلاي ستور، فبعد تطبيقات التجميل وتغيير الصورة والفوتوشوب المحترف، هاهو تطبيق الشيخوخة يشهد رواجا كبيرا في كل أنحاء العالم، ويعتمد على الذكاء الاصطناعي، فيتخيل صورتك في الخمسين أو الستين، وهناك نحو مليون شخص يحملون التطبيق الذي يطلق عليه الفايس أب يوميا، وهو محاكٍ تقريبا للواقع، إلى درجة أن كل من يستعمله ليكاد يجزم بأن هذه صورته الحقيقية في المستقبل متحديا الغيب…

نقرة من الشيطان

 هنالك الكثير من التطبيقات التي تطلب من المستخدم أن يسمح لها باستعمال قاعدة بياناته وصوره وحتى كلمة السر، ولا يأبه المستخدمون من أن تُخترق موبايلاتهم، لكن لا يدرون أن هذه البيانات يمكن أن تكون وسائل جوسسة متطورة.. وهذا ما يحذر منه الأخصائيون في هذا المجال، وتطبيق “السن” لا يختلف كثيرا عن هذه التطبيقات، فعندما تقوم بفتح البرنامج، يظهر لك “ككاميرا عادية” ثم يبدأ بالتعرف على ملامح وجهك، ومن ثم يرسل إليك صورتك في سن الشيخوخة… الأمر برمته لا يتعلق فقط بهذا التطبيق بل بالمئات من التطبيقات التي يحملها الجزائريون يوميا وليست كلها بريئة… وينشر بعض الشباب صورهم في الفايسبوك وهم في الخمسين، كما أنهم ينشرون صورا عنصرية لوجوههم بملامح آسيوية أو هندية أو سمراء، ‪كما تجاوز الأمر إلى نشر صورهم بشكل أنثوي مبالغ فيه، والعكس صحيح بالنسبة إلى الفتيات، تشجيعا من الشركة التي أطلقت هذا التطبيق على الخروج عن الفطرة الإنسانية.

ليلة القبض على صورة

ولمعرفة مدى خطورة هذه التطبيقات، سألنا أسامة، وهو شاب ضليع في المعلوماتية والإنترنت، فأكد لنا أن التطبيقات التي تطلب منك تصريحا باستعمال صورتك خطيرة جدا، إذ بمجرد أن تنقر على زر موافق، فأنت تتخلى عن حقوق هذه الصورة، ويمكن للشركة أن تستعملها وقتما تريد وأينما تريد، وليس لديك الحق في المطالبة بحذفها أو عدم استعمالها، وقد يصل الأمر إلى استعمال صورك في دعايات مغرضة أو غير أخلاقية.. ويستشهد أسامة بقصة فتاة من العاصمة، قامت بتحدي الشيخوخة، فوجدت صورتها في إحدى دعايات زواج المتعة.

نجوم في سن التقاعد

قام بعض نجوم السوشيال ميديا الجزائريين، بركوب الموجة العالمية باتباع تحدي الشيخوخة، كما قام اليوتيوبرز بتطبيق “الفايس آب” على صورهم التي يجدونها على النت، مثل دي زاد جوكر‪ ومراد أوديا والممثل مروان ڤروابي وأنس تينا… بينما أصر البعض الآخر على البقاء بعيدا عن “تقليعات” مواقع التواصل الاجتماعي مثل أمل بوشوشة وكنزة مرسلي وفرح ياسمين وسهيلة بن لشهب، رغم كونهن الأكثر متابعة على فايسبوك وإنستغرام.

قوارب النجاة من تطبيقات جهنم

أكد لنا الشيخ سعيد الرحلي، وهو إمام مسجد بالرويبة، أن هذا التحدي غير جائز شرعا، فلا يصح التلاعب بشكل الإنسان والتنبؤ بصورته في المستقبل، فالمستقبل بيد الله وحده فقط.. وأضاف أن مبتكري هذا التطبيق هدفهم الأساسي شغل تفكير الناس في ما لا فائدة منه. واستشهد الشيخ بقول الله تعالى: “وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّه”… ونصح الشيخ بضرورة التنبه إلى مثل هذه الفتن.. “هل هذه الصورة تمثل حقا ما سيكون عليه شكلنا في المستقبل؟ طبعا لا، فعلم ذلك عند الله وحده، ودوام الحال من المحال، فهناك من تبقى تقاسيم وجهه ولا تتغير كثيرا، وهناك من يختلف شكله تماما في شيخوخته..