-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

جزائر السيجار والانتحار

الشروق أونلاين
  • 6399
  • 0
جزائر السيجار والانتحار

يقترح الموقع الإلكتروني الشهير “يو توب” هذه الأيام على الملايين من مرتاديه فيلم فيديو، بطله مواطن جزائري أقدم على الانتحار بالرايس حميدو، غربي العاصمة..

  •  صور تفطر القلب وتصيب الرأس بالدوار، لهذا الشاب المعلق في حبل يتدلى على سور يطل على البحر، وحوله العشرات من الفضوليين المشدوهين، ورجال الشرطة والحماية المدنية المصدومين.
  • الأكيد أن الفيلم القاتل طاف العالم بسرعة البرق، والأكيد أيضا أن عشرات الآلاف من البشر الصفر والحمر والسمر والسود شاهدوا الفيلم، لا خيار.. إنها تبعات تكنولوجيا الاتصال الحديثة التي كسرت أبواب الأرض ونوافذها، وحولت الكوكب إلى عورة كبيرة يستحيل سترها ولو  بأطنان من أوراق التوت الأسطورية.
  • في مقابل هذه المشاهد الفادحة، والفاضحة يقف “الزوالي” الجزائري أمام تلفزته أو يحمل صحيفته، ليكتشف صورا لوزراء يهدون الحافلات الفارهة لنوادي رياضية تدفع للاعبيها ملايير السنتيمات من أجل الاستمرار في تمريغ وجه بلادهم في الوحل، وقبلها صور ابتلاع الملايير هي قيمة الرسوم الملغاة أو المخفضة على البطاطا وحديد التسليح والإسمنت، حتى يزداد الأثرياء الجدد ثراء، وحتى تصاب الحسابات البنكية للمضاربين والمستوردين بالتخمة و”العلة”. وبعدها صور لاجتماع منظمة الدول المصدرة للبترول بولاية وهران، وعلى هامشه نقاشات لا تنتهي حول ملايير الدولارات التي يدرها النفط على الجزائر كل سنة.. ملايير لم تمنع ذاك الشاب المسكين من تسليم حياته إلى حبل رخيس ربما استدان لاقتنائه. وقبلها وبعدها صور لعشرات اللصوص والصعاليك يرتدون أشيك البدلات ويدخنون السيجار الكوبي الفاخر ويسبحون في ملايير استدانوها من بنوك “البايلك” التي لا تضاهي سهولة التفلت منها إلا سهولة تفلت الإبل من عقالها.
  • في القديم كان هذا النوع من المتناقضات الصارخة يدفع بعض الجزائريين من ذوي النفوس المرهفة إلى الجنون، أما اليوم فصارت تدفعهم إلى الانتحار، والفرق بين الحالتين واضح وصريح.. فالأول كان محليا أمكن التعاطي معه ضمن قاعدة “زيتنا في دقيقنا”، أما الثاني فصار عالميا وينطبق عليه مثل مصري يقول “اللي ما شافش يتفرج”.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!