الرأي

جمال” خديجة و”موت” منار… و”غباؤنا”!

ح.م
هواري منار

التصنيف البريطاني المعتمد على حركية مواقع التواصل الاجتماعي، عن أغبى شعوب العالم، الذي أوردته مجلات وقنوات تلفزيونية فرنسية ببهجة لا مثيل لها، ووضع الجزائريين في المراكز الأخيرة، يحاول البعض تأكيده بممارساتهم التي إن تواصلت بهذا الشكل الإلكتروني، ستجعل الغباء علامة مسجلة باسمنا.

فخلال الأسبوع الأخير، لم يشغل بال الجزائريين عبر هذه المواقع العابرة للقارات غير حدثين، وقعُهما الحقيقي لا يزيد عن الأخبار المُتبخّرة التي من المفروض ألا تستوقف أحدا. أولهما مسابقة بائسة لتعيين ما يسمى بملكة “جمال” الجزائر، التي منحت “التاج” لشابة سمراء من الجنوب تدعى خديجة، وبدلا من أن يُسأل عن محل هذه المسابقة في مجتمع جزائري غارق من رأسه إلى أخمص قدميه في المشاكل، وعن مصدر مثل هذه المسابقات التي تقام في العالم الغربي من أجل أهداف قد تكون فنية واقتصادية وسياحية، بينما تقام عندنا من باب التقليد وربما لأشياء أخرى.

وعندما نعلم بأن أهم مؤسسي مسابقة ملكة جمال الكون هو الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب، الذي نقل مقر المنظمة الذي هو أحد أعضائها الفاعلين من لوس أنجلس إلى نيويورك، ويحضر كل مسابقاتها التي تتوج “الجميلات” حيث يمتلك شركات في بورتوريكو وفنزويلا والفلبين وكولومبيا وأستراليا، ندرك أن “كبار” العالم لا يصغرون حتى في مسابقات الجمال، ويحوّلون كل شيء إلى مال وأعمال.

فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي حوّل سفارة بلاده إلى القدس هو نفسه من أسّس مسابقة ملكة جمال الكون، وما بين قُبح تهويد القدس الشريف وجمال ملكة الكون، شعرة أرهف وأليَن من شعرة معاوية أول الخلفاء الأمويين، وما بين انتقاد صورة “خديجة” وشتمها بطريقة جعلت الفرنسيين يصفوننا بالعنصريين وبين الغباء الفايسبوكي الذي اتهمتنا به دراسة بريطانية، أيضا شعرة أرهف من شعرة ابن أبي سفيان وهند بنت عتبة.

والحدث الثاني هو وفاة مغن يدعى “هواري منار”، حيث أعلن الآلاف عن “شِركهم” بخالق البشر الصافح والمعذب، يعلنون عن مكان المتوفى في السعير، ولا أحد تحدث عن العيادات الخاصة التي تمارس أنواعا جديدة من الأعمال، لا علاقة لها بالطب، أو عن الخطإ الطبي الذي أودى بحياة هذا المغني، وعن سبب ضياع المنظومة الطبية، والمنظومة الصحية عامة في الجزائر، فمات البشر بالكوليرا والعقارب وفي العيادات العامة والخاصة، وماتت الحيوانات بالطاعون والحمى القلاعية، ومات الشجر والنبات بالفطريات والنار والإسمنت.

لو كانت هذه النماذج السابحة في الفضاء الافتراضي، التي تفتي وتحلل وتفرض رأيها وتبني به جمهورية من الغباء، وتقيّم الجمال حسب مفهومها السطحي، وتلعن الموتى وتحاسبهم قبل الحساب، استثناء، لهان الأمر، ولكننا لا نكاد نجد في هذا العالم غير الإبحار خبط عشواء الذي يقرّبنا من صفة الغباء !

بربكم ألم نعط لمجلة “تيلي لوازير” ولقناة “تي.آف.1” المبرر ليبتهجوا بـ”غبائنا”؟

مقالات ذات صلة