-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

جمهورية الـ “فيفا” الديمقراطية الشعبية

جمهورية الـ “فيفا” الديمقراطية الشعبية

كما يتابع عادة سكان المعمورة انتخابات الدول العظمى، تابعوا يوم الجمعة انتخابات تعيين رئيس جديد للاتحادية الدولية لكرة القدم، التي انقلبت فجأة على الحُكم الإمبراطوري، الذي ميّز مسار هذه “الدولة” غير الأممية في السنوات الأخيرة، وكما حرّكت الولايات المتحدة الأمريكية ربيع أوربا الشرقية فغيّرت جغرافيا ألمانيا الديمقراطية وتشيكوسلوفاكيا ويوغوسلافيا والاتحاد السوفياتي، ونسفت تاريخ لينين وإنجلز في أواخر ثمانينيات القرن الماضي.

وكما صنعت شمسا اصطناعية لربيع عربي مزيّف، حوّل بلدانا إلى أطلال وأودية من الدم، كان لها اليد الأولى في الربيع العاصف الذي هزّ أركان إمبراطورية “الفيفا” التي كانت الشمس الكروية لا تغيب عنها أبدا، وبنفس التهم التي وجهت إلى تشاوسيسكو وصدام حسين ومعمر القذافي وبشار الأسد من ديكتاتورية وفساد، تم إجبار هذه الدولة الكروية على أن تعيش الديمقراطية التي تريدها الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة أن الصين التي قيل إنها بلد مليار نسمة، الذين لا يعرفون دحرجة الكرة، قرّرت في هجوم معاكس، دخول عالم اللعبة “الجادة” من خلال ضخ أموال طائلة في شراء نجوم العالم، واستنساخ أمثالهم، ضمن مشروع غزو العالم الكروي، كما غزته صناعيا وزراعيا وتكنولوجيا، وقد تخرج الكرة من أقدام فنانيها ومبتكريها من إيطاليين وبرازيليين، إلى أقدام الولايات المتحدة الأمريكية والصين، بعد أن تابع العالم انتخابات شاهد فيها صورة مصغرة للكرة الأرضية بين عرب منقسمين، وأمير لم تزد نقاطه عن 27 وفرنسي بعلامة صفر كما هي الحال في المعارك الكبرى التي تقودها أمريكا، حيث لا يفوز سوى الأوربي المطيع لها وأيضا الكفء الذي يصعب الطعن في مقدرته، وتفانيه لعمله ولخدمة الديمقراطية على الطريقة الأمريكية.

من المنطقي أن تبقى قيادة الدولة الكروية، في أوربا، التي ابتدعت هذه اللعبة الجادة، وابتدعت أشهر المنافسات الجماعية والفردية من كأس العالم إلى رابطة أبطال أوربا والكرة الذهبية، ومن المنطقي أن يتغلب متنافس أوربي ينتمي إلى بلاد لعبت الكرة ونافست على البطولات واحتضنت كأس العالم قبل أن تنال بقية البلاد حريتها، لكن الإحراج الذي وقع فيه العرب هو تقديمهم أسماء لم يحدث أن لعبت بلادها كأس العالم، وبألقاب لا تعني العطاء والكدح مثل الشيخ والأمير، في الوقت الذي قدّمت فيه الفيفا المترشح “إنفاتينو” باسمه المجرد من كل لقب سلطوي أو عشائري، فجاء فوز الاسم على ألقاب المشيخة والإمارة، إهانة ضمنية لأنظمة حكم ومسار مجتمعات، لم يشفع لها سيرها الدائم في الفلك الأمريكي بالفوز.

لقد وضعت معركة الانقلاب على إمبراطورية الفساد أوزارها، وعاد كل رئيس اتحاد كروي إلى بلاده، تماما كما نجحت الانقلابات التي طالت اتحادات أخرى وعلى رأسها ألعاب القوى والسباحة، حيث اتهمت الصين وروسيا بالغش، وإذا كانت الولايات المتحدة قد فشلت أو أرادت لنفسها أن تفشل في احتضان كأس العالم لسنة 2022، فإن المؤكد أن البلد الذي له ألعابه الخاصة، سيلتفت هذه المرة إلى هذه اللعبة الشعبية وسيسيطر عليها، كما يفعل في كل الألعاب الأولمبية ولن يجد منافسا له سوى.. الصين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • الاسم

    أحسنت يا ناصر مقال سياسي بامتياز في قالب رياضي