-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
وضعوهم في مواجهة إخوانهم ثم تخلوا عنهم

جيل مانسيرون: هكذا غدر غلاة “الجزائر فرنسية” بالحركى

محمد مسلم
  • 5005
  • 0
جيل مانسيرون: هكذا غدر غلاة “الجزائر فرنسية” بالحركى
أرشيف

يصور غالبية السياسيين الفرنسيين اليمينيين وبعض المؤرخين غير المستقلين، “الحركى” على أنهم ضحايا جيش وجبهة التحرير الوطني، غير أنهم يتجاهلون المسؤولية الكبرى والأساسية للطرف الفرنسي، وهي الفكرة التي بلورها المؤرخ الفرنسي المعروف بمناهضته للاستعمار، جيل مانسيرون، في مقال دونه في صحيفة “ميديا بارت”.
وجاء المقال بمناسبة الاحتفال بذكرى اليوم الوطني لـ”الحركى”، وفيه لام المؤرخ الكيفية التي تعاطت بها فرنسا الاستعمارية مع الوضع في الجزائر غداة اندلاع الثورة التحريرية، والتي لجأت إلى ممارسات غير أخلاقية وغير إنسانية، بدفع الجزائري إلى مواجهة أخيه الجزائري من أجل تمديد عمر احتلالها للجزائر والاستمرار في نهب ثرواتها.
وكتب مانسيرون: “تشعر فرنسا بالحرج من التوظيف المكثف للفلاحين الجزائريين كمساعدين خلال هذه الحرب (الحرب التحريرية). تجنيد الجزائريين لشن حرب ضد الجزائريين”. وكشف المؤرخ عن حقائق كانت خافية عن الكثير من الجزائريين والفرنسيين أنفسهم، وهي أن الجنرال دي غول كان رافضا لإشراك “الحركى” في الحرب ضد الجزائريين إبان الثورة التحريرية.
ويقول مانسيرون: “ذكر العديد من الشهود أن الجنرال ديغول كان قد رفض تجنيد الحركى. بما أن فرنسا محرجة من المصير الذي احتفظت به، في منطق استعماري، لعائلات هؤلاء المساعدين الذين لجأوا إلى هناك في نهاية الصراع. تم اختراع قصة خيالية من قبل مؤيدي الحفاظ على الجزائر الفرنسية حتى النهاية، حول “اختيار هؤلاء الرجال لصالح الاستعمار”. لكن الواقع التاريخي كان مختلفًا ولم تكن كلمات وزير الدولة لشؤون القوات المسلحة مميزة بشكل واضح.
ويضيف المؤرخ أنه “بعد أحداث الأول من نوفمبر 1954، انتشرت أسطورة الانخراط العفوي لـ(الحركى) في الجيش الفرنسي. تم تقديمهم على أنهم مدفوعون بوازع تعلقهم بفرنسا، حتى من خلال ذكرى مشاركتهم، أو مشاركة آبائهم أو أجدادهم، في الجيوش الفرنسية خلال الحربين العالميتين. صحيح أن السلطات الفرنسية دعت في عدة مناسبات عددًا كبيرًا من الجزائريين إلى الالتحاق بالجيش الفرنسي..”
غير أن المؤرخ الفرنسي يشكك في دقة هذا الاعتقاد أو وجاهته بالقول “كان العديد من المبادرين بالانتفاضة التي أطلقها جيش وجبهة التحرير الوطني، مثل مصطفى بن بولعيد وكريم بلقاسم أو أحمد بن بلة، مجندين جزائريين سابقين في الجيش الفرنسي من 1943 إلى “1945”، ولكنهم فضلوا خيار الكفاح ضد المحتل.
ويؤكد جيل مانسيرون أن قادة الجيش الفرنسي اهتدوا إلى حيلة تتمثل في اختراع صيغة “المساعدين” الذين بقوا مدنيين حتى يسهل استخدام “الحركى” أو التخلي عنهم كما يحلو لهم. في عام 1962، كانوا قد حاولوا الهروب مع الجنود الفرنسيين إلى (الميتروبول) فرنسا. “لقد كان ضباط الجيش هم الذين اخترعوا لهم، في الفترة من 1954 إلى 1958، وضع المساعدين، القابل للاستغلال و”المتاح” حسب الرغبة”.
أما المسؤول العسكري الفرنسي الذي يتحمل كامل المسؤولية في هذه القضية، فهو القائد العام للجيوش الفرنسية في الجزائر من نوفمبر 1956 إلى ديسمبر 1958 والزعيم المستقبلي لمنظمة (منظمة الجيش السري OAS) الإرهابية، الجنرال راؤول سالان، الذي كتب في مذكراته: “أنا مصمم، خارج الوحدات النظامية، على استخدام المسلمون بمختلف أشكالهم (…) الحركى يقترنون بكتائبنا، المخازنية الذين يحمون مكاتب الأقسام الإدارية المتخصصة (SAS).
ويضيف المؤرخ أن الجنرال سالان رفض في جويلية 1957 فكرة الوحدات الجزائرية المستقلة، التي كان يخشى أن تتحول إلى نواة جيش جزائري قد ينقلب على الجيش الفرنسي، ولذلك ألحق وحدات من الحركى والمخازنية بالوحدات النظامية لجيش الاحتلال.
ولتمديد عمر الوضع القائم حينها، يؤكد المؤرخ أن قيادة الجيش الفرنسي عملت كل ما في وسعها لإخفاء الاستقلال الذي كان يتم الإعداد له بموافقة مؤسسات الجمهورية الفرنسية على الحركى، كما أمطرتهم بأكاذيب حول حقيقة أن “فرنسا لن تغادر (الجزائر) أبدًا” وأنها “لن تتخلى عنهم”، قبل أن تقدم على نزع سلاحهم (الحركى) في عام 1962.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!