-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

جيواستراتيجيّـات

الحسن بن طلال
  • 4015
  • 6
جيواستراتيجيّـات
الحسن بن طلال

“من يحكم أوروبا الشرقية يسيطر على الأراضي الوسطى؛ ومن يحكم الأراضي الوسطى يسيطر على جزيرة العالم؛ ومن يحكم جزيرة العالم يسيطر على العالم”. (السير هالفورد ماكندر؛ 1919)

  • كان السّير هالفورد ماكندر جيوسياسيًّا، وليس جيولوجيًّا. لم يكن لديه أدنى فكرة ـ  فيما نعلم ـ أنّ الـمِنطقة القاحلة الموجودة في الأراضي الوسطى تحتوي في باطنها على معظم نفط العالم. لكنّه كان متأكّدًا من أنّ تلك المنطقة ستكون جيوسياسيًّا المفتاحَ للنفوذ العالميّ. إنّ المعارك الماكرة وغير الماكرة التي سوف تندلع بين القوى العظمى للسيطرة على “جزيرة العالم”، التي تسيطر على “الأراضي الوسطى”، ومعها نصف الموارد العالمية، كانت متضمَّنة في أعمال ماكندر؛ وكُشف عنها بمرور الوقت.
  • بإسقاط نظريّة هذا الجيوسياسيّ من القرن العشرين على ألعاب القوة السياسية اليوم، وبافتراض أنّ الخيار النوويّ محصور بين القوى العالمية والقــوى الإقليمية الناشئة (إسرائيل، وباكستان، والهند)، فإن الصراع للسيطرة على إهليلج الطاقة، مـن أورآسيا إلى مضيقِ هُرمز، قد ينبثق الاختبارَ الأكثر حسمًا لميزان القوة العالمية بين الشرق والغرب في هذا العَقْد. فإنّ وقت الحساب يقترب في غرب آسيا (بما فيها تركيا، وإيران، وباكستان، والبلدان العربية من المناطق الداخلية إلى دول مجلس التّعاون الخليجي)، خصوصًا مع استمرار دول الخليج في تنمية القوة الاقتصادية والمالية للإقليم.
  • إن مبادرات الولايات المتحدة والأمم المتّحدة للسلام، وخُطة السلام العربية، والردود الإسرائيلية حتى الآن، قد أضافت عناصرَ جديدة إلى معادلة حل المشكلات الإقليمية والحرب الخطيرة على التطرّف. فاستراتيجيات التطرّف ضدّ المتمرّدين، ومن ضمنها الحرب المحدودة التي استقطبت قوات نظامية في فلسطين وأفغانستان والعراق على سبيل المثال، يرجّح أن تعرقل الأمل في تقارب متنامٍ بين العالم العربي والغرب. علاوة على ذلك، تستوجب أي سياسة أطلسية أوروبية حصيفة تجاه إقليم غرب آسيا عَلاقات مستقرّة مع روسيا، والهند، والصين، ومناطق “الإسكاب” ESCAP ذات التأثير في جنوبيّ آسيا وشرقيّها.
  • مع قدوم الخريف، بعد التأثير المثير لخطابات الرّئيس أوباما، يبدو أن المزاج السائد هو من نوع “لننتظرْ ونرَ”. إن ظهور إقليم حر ومستقر على الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي، وعلى طول خطوط الاتصال بين الشرق والغرب، يُمكن أن ينظر إليه كرادع قوي للانتهاكات المستمرة للأمن الإنساني، ويمكن أن يخلق قوة إقليمية ذكية ومطّلعة. إلاّ أنّ تحدّيًا مستمرًّا للتقدّم هو قلة التماسك أو الترابط المنطقيِّ ضمن مِنطقة غرب آسيا. فهذه المِنطقة غير ممثلة بمجلس “احتوائي” اقتصادي واجتماعي، حيث يمكن التعامل مع القواسم الإقليمية بشكل منهجي. بالأحرى، تحضر دول غرب آسيا اجتماعات الأمم المتّحدة في نيويورك وجنيف كدول منفردة وبجداول أعمال منفردة.
  • في مفهومِ المُحاصّة “المُحاصصة”، أو الاشتراك في الحصص في العراق، يتم العمل على قضايا مثل النفط والانتخابات المحلية على “الجانب السياسي”. وقد صرّح الرّئيس أوباما مؤخراً: “لم أرَ القدر نفسه من التقدّم السياسي في العراق، أي المفاوضات بين السنّة والشيعة والأكراد، كما كان بُودّي أن أرى”.
  • إن مخاوف الرّئيس أوباما هي مخاوف يشترك فيها البعض منّا ممن يشهدُ رعب العنف الطائفي في العراق الذي تصاعد في السنين الأخيرة. وكما لوحظ في نتائج اجتماعات المؤتمر العالمي للأديان من أجل السلام، التي جرت مع زعماء دينيين عراقيين عامي 2003 و2004، فإننا نحتاج إلى إدراك جمعي بأن تمسّك المرء بمذهبه الديني ونشره والدفاع عنه عن طريق الحوار الهادئ هو أمر مقبول. أما انتهاك حقوق الآخرين ومصالحهم، والاندفاع الديني المفرط، ونكران الآخر، فهي أمور غير مقبولة وتُعتبر جوهر الهياج الطائفي.
  • أقترح أن يتجاوز تشظي الأرخبيل الفلسطيني ـ كما صُوّر في رسم كاريكاتيري مؤخرًا في صحيفة لوموند، حول الفلسطينيين في مواجهة الفلسطينيين والإسرائيليين في مواجهة الإسرائيليين (المستعمرين/المستوطنين) ـ المجابهة الإسرائيلية الفلسطينيّة.
  • وإذا كان للانفراج الهشّ أن ينمو بين ثلاثة من أمور الأمن الإقليمي: إدارة المصادر الإنسانية والطبيعية والاقتصادية، فإنه من الممكن إنشاء مجلس إقليمي يؤدّي إلى الانخراط في عملية على غرار سيرورة هلسنكي. القضايا السياسية ـ الفيدرالية، والوحدة الوطنية، والسلطة المركزية، وانتقال السلطة ـ يجب أن تصبح أهدافًا مرغوبًا فيها من أجل تقرير المصير لفضاء ثالث، مكوّن من الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني، يعمل بتناغم. فلا يمكن للديمقراطية أن تهبط بالمظِّلة، أو من خلال صناديق الاقتراع وحْدَها.
  • نحتاج إلى ترسيخ آليات للعمل المشترك من أجل منع هذه الأعمال الوحشية الطائفية المستمرة. غير أن أموال النظام القديم مازالت خارج العراق. وإلى حين عودتها، لن نرى إعادة بناء البنية التحتية الضرورية ـ من مساجد وكنائس وغيرها ـ لخلق الاستقرار المادي الذي يحتاج إليه الأفراد؛ أعني المعرفة بأن بلداتهم ومدنهم قد تعود في يوم من الأيام كما يتذكرونها.
  • على المدى البعيد، يمكن تحقيق الاستقرار في المِنطقة فقط على أيدي قيادات المجتمعات الإقليمية عن طريق ممارسة مسؤولياتهم المشتركة. فالفكرة المضللة بأن الكراهية السائدة حاليًّا لدى مجموعات “أحاديّة” مثل “الإسرائيليين”، أو “الفلسطينيين”، أو “العراقيين”، ستُعالج بالتوصل إلى اتفاقية تعتمد فقط على “المساعدة” الأمريكية، هي فكرة خاطئة. إنّ دور القوى الخمس P5 (الصين، وفرنسا، وروسيا، وبريطانيا، والولايات المتّحدة) هو بالتأكيد دعم شعوب المنطقة كي يساعدوا أنفسهم. كما إن الدور الأساسي للأمم المتّحدة، مَعَ أنها الآن هي الأخرى عضو في اللجنة الرباعية، هو رصد الاتفاقيات التي تم التوصل إليها ضمن المنطقة في عناقيد الأمن والاقتصاد وأطر العمل المُلزمة قانونيًّا.
  • إن روحانية القدس ومكة المكرمة والنجف وكربلاء ليست رمزية فقط للحجّ وحقوقِ التعبد. فإذا أردنا أن نسمو بالدين فوق السياسة، فإن إحياء روح العمل الخيري الديني سوف يُنهي الاستغلال المستمر للحرمان الأخلاقي والاقتصادي. لابد من صندوق للتضامن الاجتماعي يرعى المواطنة ويركّز على تدريب 50 مليون شابٍ عربي تحت سنّ الثامنة عشرة سيكونون عاطلين عن العمل بحلول عام 2050، ويوفر لهم ضمانات اجتماعية لعودتِهم الآمنة من المناطقِ التي تعاني نقصًا في الأيدي العاملة في آسيا والغرب. علاوة على ذلك، لابدّ من ميثاق اجتماعي يضمن حقوق الإنسان، ويُثبّت القوّة الناعمة، ويعيد الشباب المغتربين من برودة الغربة.
  • إنّ رؤية المرحلة النهائية للسلام في الشرق الأوسط والعالم تعتمد علينا الآن. من المحتمل أننا نعيش حاليًّا في “وقت ضائع”. ولا يمكن للقوميات الضيّقة أن تتعامل منفردة مع القضايا التي تواجهنا. فقط بواسطة التعاون عبر القطريّ وفوق القطريّ والإقليميّ فيما يتعلّق بالموارد الطبيعية والإنسانية وقضايا الأمن البيئي والإنساني، يمكننا أنْ نضمن أنْ يتحوّل تنبؤ السّير هالفورد ماكندر إلى نعمة، وليس نقمة.
  • _________
  • (*) رئيس منتدى الفكر العربيّ وراعيه؛ سفير الإيسيسكو للحوار بين الثقافات والحضارات؛ رئيس شرف منظمة المؤتمر العالمي للأديان من أجل السلام.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
6
  • شاوية

    التحليل منطقي و لكنه متأخر جدا فهذا واقع نعيشه و نتعايش معه

    4 - عبد الباسط الاول : الجزائر >>> شكرا على عنوان الكتاب الذي أشرت إليهو ان كانت كتابات مالك بن نبي معقدة نوعا ما و مع ذلك ان شاء الله سوف احاول الحصول عليه

    صيامكم متقبل ان شاء الله

  • mounir

    كلام عام اتمنى ان تبحث الشروق عن اقلام متخصصة، الجامعات الجزائرية و العربية تزخر بالخبراء في مجال الدراسات الاستراتيجية، و المقال يحوي اخطاء كثيرة ، ففي اللغة العربية لا يقال جيو استراتيجيات، بل الجغرافيا السياسية ، ثم ان االمقال يفتقد الى الى وحدة الموضوع ، فقد ادمج قضايا كثيرة ببعضها البعض، و ليس فيه عنصر التحليل .
    ارجو من الشروق ايقاف نشر كلام المترفين

  • عبد الباسط الاول

    لا يوجد عربي لديه رؤية مستقبلية واضحة لبلاده والمنطقة اكثر من اسبوع ..
    انصحك يا سيدي الكريم ان تقراء كتاب ميلاد مجتمع لملك بن نبي الذي كتبه سنة 1945 وتوقع ان تكون النهضة الاسلامية من شرق اسيا ...

  • farid de paris

    salam a tous les musulmnas du monde.
    sahha ramdan'koum, excusez moi si je n'ai pas pu ecrir en arabe, je n'ai pas de clavier en langue maternelle.
    j'espere que l'auteur de cet article fera bien attention d'aurenavant à ce qu'il (elle) dit, d'abord monsieur el hassan b'nou talal est le frere du roi de jordanie el malik hussein (rahmatou allahi aalay'h) et donc lui qui etait pendant de longues années l'heritier du trone hachemite. des l'auteur de cet article n'a pas copier l'article entierrement comme il le fallait: des erreurs de syntaxe, de grammaire et d'orthographe en langue arae sont courantes maintenanat chez nos journalistes, donc l'article à mon avis n'a pas eté ecris par el hassan b'nou talal, de plus, je ne vois pas l'utilité de cette analyse car c'est trop tard d'affirmer ces choses en l'an 2009, les juifs c'est clair sont derriere tout cela, et notre cher oncle du roi abdallah le savait bien avant 2009, n'a t'il pas eté avec son frere derriere les accords d'oslo et qui etait parmi les premiers arabes a demander a baisser les mains et de reconnaitre israel comme etant un etat juif? n'a t'il pas eté avec son frere el mali, hussein derriere les massacres des palestinies durant les années 70?? comment se fait 'il qu'il devient maintenant(apres avoir eté mis à l'ecart)notre analyste?? merci à l'auteur de cet article de me contacter sur mon adresse mail privée: f-ammani@hotmail.fr car je voudrais repondre a ce hassan ibnou talal que je considere comme l'un des personnalités qui sont derriere les ennuis et la pauvreté dans laquelle tous les musulmans et arabes vivent, merci à vous d'avance.

  • mourad

    esalam 3alikoum walahi had elmakal kabir 3alaya wa lakin . akoul li halouf el ghaba(el irhabiyin) anahoum houm man yousa3id 3ala had elmoukhatat wa bidoun chak anahoum houma yad el gharb eladi ydrabouna biha fi biladi walakin mthla ma yakoul el3aziz eldjzair wa ma adraka ma eldjazair inani atakalam 3ala ezawaliya lianahoum houma li yadihoum anif 3ala lablad..vive wlad lablad izawaliya

  • اوب ايناس

    السلام عليكم..
    رمضان كريم الى كل الامة الاسلامية جمعاء و ان يعوده علينا سنين وم رات عديدة باذن الله.
    اعجبني الموضوع كثيرا ، و اتمنى ان تستمر مثل هذه المواضيع لجريدتنا المحبوبة ، و اصبحت الشروق الجريدة الاولى عربيا تضاهي العالمية.
    او ايناس..