الرأي

حاربوا التعنّت والتخوين!

قادة بن عمار
  • 1715
  • 5
ح.م

بغض النظر عن التحذيرات الأمنية التي تضمّنها الخطاب الأخير لقائد أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد قايد صالح، فانّ تمسك البعض بخيار المرحلة الانتقالية والمجلس التأسيسي يثير الكثير من علامات الاستفهام، ويُضفي على المشهد مزيدا من الضبابية والغموض، خصوصا أنّ هؤلاء يدركون تماما أن الجزائر عرفت في زمن قريب، الكثير من الخيبات جرّاء الابتعاد عن الإرادة الشعبية لسنوات، كما أن الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للبلد لا يحتمل المزيد من تلك المراحل الانتقالية.

أمر آخر قد لا يخفى على البعض، وينادي به عدد من السياسيين والفاعلين في المجتمع المدني، وهو ضرورة أن تكون عهدة الرئيس القادم أصلا “انتقالية”، حيث تُمكٍّنه وعقب ضمان انتخابه بطريقة شفافة وبنزاهة تامة، من استفتاء الشعب حول الدستور وتعديله، ومن اتخاذ قرارات أخرى قد يرى البعض أنها تمثل مطالب أساسية للحراك الشعبي، لكنه سيتخذها في ذلك الوقت بناء على مركزه القويّ كمالك للشرعية، وسيُجنبنا نقاشات طويلة قد يفرزها اختيار هيئة رئاسية انتقالية، جميعنا يعلم أننا سنُضيّع الكثير من الوقت معها في سبيل اتخاذ قرار واحد.

الأكيد أن التعنت في التمسك بالمرحلة الانتقالية عند البعض، لا يبدو مستندا على رأي الشعب برمته، تماما مثلما قد يقول البعض أن غالبية الشعب لا تناصر الخيار المعاكس، لكن الجميع متفق على وجود رغبة ملحّة بالتوجه لانتخابات قريبة، وبضرورة توفير مناخ يُعجّل ببدء حوار شامل، وتأسيس سلطة مستقلة لتنظيم تلك الانتخابات، ولعل الأمر الآخر الذي يجتمع عليه الجزائريون حاليا، هو ضرورة رحيل حكومة نور الدين بدوي، ففي ذلك، فرصة قوية لهيئة كريم يونس من أجل احتواء ضعفها، والتقدم خطوات في المفاوضات، بعد ما باتت هذه الهيئة مهدّدة بالتلاشي نتيجة فقدانها التأثير على أعضائها حتى وليس فقط على الآخرين.

يبقى أنه ومهما اختلفت الآراء وتباينت المواقف، فلابد من عدم استسهال تخوين الآخرين أو إسقاط صفة الوطنية عنهم، فالجميع ملزم اليوم بالبحث عن أيّ عامل لتقريب المسافات، واختصارها بين المتخاصمين، وليس بنشر التباعد وتراشق التهم، ولاشك أن باب الاجتهاد يبقى مفتوحا على مصراعيه، خدمة للوطن وليس للمصالح الضيقة، واحتراما لهذا الحراك الشعبي الذي حرّر الجميع ويُريد أن يبني وطنا جديدا دون التفاف أو مراوغة أو استغباء.

مقالات ذات صلة