الرأي

حتى لا تضيع الفرصة مرة أخرى!

محمد سليم قلالة
  • 779
  • 4
ح.م

كان الحل واضحا وبسيطا منذ تَفجُّر أزمة النظام، بل كان قبل تمرير العهدة الرابعة بالقوة، إلا أن سوء تقدير الموقف، وضعف التكَيُّف مع المستجدات، وقبل ذلك إهمال عامل الوقت، أدى بجميع الأطراف إلى فقدان الكثير من نقاط القوة، الشعب والسلطة والمعارضة… لقد ضعفنا جميعا من قبل، ونضعف اليوم ومازلنا سنضعف أكثر في تقديري، إن لم نتدارك جميعا الوقت الضائع ونجد الحل الواقعي والعقلاني في أقرب الآجال.

كان المطلب الشعبي واضحا منذ البداية، لا للعهدة الخامسة. نحتاج رئيسا منتخبا يكون في مستوى المرحلة القادمة وعفا الله عما سلف. وكان بإمكان السلطة القائمة آنذاك إعلان التخلي عن العهدة الخامسة وترك الأمور تجري على طبيعتها، وما كُنَّا سنصل إلى هذا السيناريو. هذا لم يحدث.. وبدل أن نُسارع بالبديل الطبيعي المقبول ونُقلِّل من الخسائر بالتركيز على اختيار لجنة مستقلة لتنظيم الانتخابات نُجريها في التاريخ المُحدَّد وفقا للدستور، ويحرص الشعب على نزاهتها حتى في ظل الحكومة القائمة، كما حدث في انتخابات 1991، الوحيدة التي كانت حرة حقيقة وجرت في ظل حكومة النظام القائم، بدل ذلك تم تغيير هذا المطلب واستُبدل بالدعوة إلى مرحلة انتقالية وإلى مجلس تأسيسي حتى أصبحت الدعوة لتنظيم انتخابات مهما كانت نزيهة تُعد خيانة وخروجا عن الخيار الشعبي.

وظن البعض أن المرحلة الانتقالية ستَتَحقق في أقرب الآجال، فإذا بالعقلانية تعود قليلا للجميع، ويكاد يُجمع الكل أننا في حاجة إلى انتخابات رئاسية في أقرب الآجال، فقط ألا يُشرف عليها النظام القائم. واقتنع الكثير أخيرا أن التأسيس لنظام جديد أو الانتقال إليه ينبغي أن يُدرَج ضمن صلاحيات الرئيس القادم المُنتَخَب بشفافية، إلا أن هذه العودة إلى العقل سرعان ما تلاشت هي الأخرى في ظل تغليب الدعوة لرحيل الباءات الثلاث على العمل لأجل توفير الشروط الضرورية لنزاهة هذه الانتخابات.. ويَضيع مِنَّا وقت آخر ضَعُف فيه الجميع أكثر…

وأخيرا ننتبه إلى أننا قاب قوسين من انسداد ثالث، فنهتدي إلى ما يطرحه العقل السليم كما في كل مرة: إلى الحوار للبحث عن حل.. وتبادر إلى ذهن العقلاء والشرفاء أنه أثناء الحوار سنناقش كل شيء، وبالتنازل لبعضنا البعض يُمكننا أن نهتدي إلى خارطة الطريق التي تكون طوق نجاة بالنسبة لنا جميعا… فإذا بنا نَمنع بعضنا البعض من القيام بهذه الخطوة أيضا… وبذلك نقترب من الدخول في منطق “اتفق الجزائريون الا يتفقوا”. وهنا أقصد شعبا وسلطة معا، ولا اقصد شعبا مع السلطة أو شعبا مع شعب… ومعنى ذلك أننا سنضعف أكثر، ونتعب أكثر، وإذا وصلنا إلى حل عن طريق الحوار والتوافق أو عن طريق المُغالبة والصراع فلن نصل إليه إلا ونحن منهكين سياسيا واقتصاديا وأمنيا… أي لن يكون سوى حل ضعيف في ظل دولة أنهكها الصراع حول السلطة وكشفت عورتها الصراعات والتجاذبات…

مَن له مصلحة في ذلك؟ الشعب؟ المعارضة؟ السلطة القائمة؟ لا أظن ذلك. مَن لا يريد ببلادنا خيرا حتى يدفعنا نحو هذا المأزق الجبان؟.. أُفضِّل أن يُجيب كل مِنَّا عن هذا السؤال بنفسه، وألا يعمل على تعميق الأزمة إذا لم يكن لديه الحل… كل في مستواه… وعلينا أن نتذكَّر مسؤوليتنا جميعا في هذه الأزمة على الأقل منذ 2014 عندما كان الحل بين أيدينا وتقاعسنا عن رفض العهدة الرابعة أو التنديد بها وإن كان ذلك باللامبالاة القاتلة للغالبية مِنَّا (انظر مقالنا في حينه “لا مبالاة كلية”)… وكان لدينا قبل شهور من خلال إجراء انتخابات والانتصار فيها تحت حماية الشعب حتى وإن كان ذلك في ظل قوانينهم وإدارتهم، وأجَّلنا.. وهو لدينا الآن من خلال الحوار، ونكاد نُضيِّع الفرصة مرة أخرى… فهلاّ انتبهنا إلى أين نحن سائرون، ومَن خلف مَنع أي اتفاق؟

مقالات ذات صلة