حتى لا نضيع 1600 طالب!!…
سلسلة الفليم “الدرامي” لطلبة معهد البحوث والدراسات العربية بمصر، يبدو أنه مستمر لم ينته بعد، ولا في القريب العاجل، فأصبح الطلبة مقحمين في مسابقة الركض على الجواجز، بداية بمعركة الاعترافات والتي أدت إلى انتصار شكلي بإلغاء التعليمية الوزارية المؤخرة في 28 / 12 / 2008، بتعليمة أخرى في 18 مارس 2009 تعرف بالقيمة العلمية للمعهد، دون مفعول يذكر، فلم يتم منح أية معادلة حتى كتابة العمود، فالتعليمة كانت وسيلة “للتنويم”… و”الترويض”!!
-
الكابوس الدارمي الهتشكوكي متواصل مع “غوانتنامو القاهرة”، وما تعرض له العديد منهم من مآسي، وسب.. وشتم.. أدى بالعديد منهم إلى “ترك”، طوعا، مقاعد الدراسة والعلم، حيث أصبحت البيئة “خارجة عن القانون والأخلاق والعلم”.. في تلك اللحظة فرحنا “للكمندوس الميداني” المستقبل لطلبة العلم وإعادة إدماجهم في الجامعات الجزائرية مكرمين معززين، ومختلف “التصريحات” والتباشير التى تبعتها.. ولكن يبدو أن “السراب” مستمر ومتواصل بتغذية مقصودة، فندوات التعليم العالي ـ وهي سيدة ـ لم تترجم قناعات الدولة على الميدان، فالتعامل “السياسي” و”الميداني” مع الملف في جزائر العزة والكرامة ومع حالات طلبة القاهرة أصبح “بيروقراطيا” و”إداريا” رغم الاعتراف العلمي بالشهادة أو الدبلوم من طرف وزارة التعليم العالي بموجب التعليمة الوزارية رقم 334 / 2009 الصادرة في 18 مارس 2009.
-
وذلك قد يدفعنا للتساؤل عن الخلل؟! وما مصير الطلبة؟! فأغلبهم مبدئيا لا يطلب المستحيل، بحكم الاعتراف الأكاديمي بالشهادات من طرف الوزارة الوطنية.. فالمطلب الوحيد هو إعادة “إدماجهم” في الجامعات الجزائرية، ولكن “البعض” من مسؤولينا مازال يتفنّن في سياسة الإذلال وخلق الصعاب، وإدخال “البلبلة”، وعليه ما علاقة الوظيفة ـ محامي مثلا ـ المدوّنة في جواز السفر بإعادة الإدماج في الجامعة؟…! وما علاقة بعض “الشروط” التعجزية بحل “الحالات” وبالتحصيل العلمي…
-
فذلك يدفعني ـ بعيدا عن كل ديماغوجية ـ للقول إننا البلد الوحيد الذي هو في “نزاع دائم” مع كفاءاته، فاليوم الأطباء، ثم الطلبة، والمعلمون وهلم جرًّا… و”المستقبل” قد يخفي العديد من المفاجآت… الكل يعاني ويشتكي… فعيب هؤلاء الطلبة الوحيد، أن العديد منهم كان “ضحية” سياسة الزبونية، والكيل بمكيالين أثناء تقدمهم لمختلف المسابقات بالجزائر، ومن ثم، كرد فعل وإثبات الذات، الهجرة “لطلب العلم” كانت الوسيلة لاسترجاع ما ضيّعه في بلده، وبدلا من أن يلقي الترحاب بعد رجوعه القسري ومقامهم مقام الملائكة التي تضع أجنحتها على طالب العلم، رضىً بما يعمل، نلاحظ أنه يلقى الإذلال، والاستحقار واللامبالاة، بل “العنجهية” من طرف البعض!! فحوار الطرشان، والاستقالة من “التكفل” بالمشاكل، وسياسة “التعليق” و”التشيع”، وما أكثرها… هي التى ولدت الإرهاب، والحراقة والآفات الإجتماعية،..
-
وإنني من خلال هذا العمود ـ أحاول ـ، توصيل صوت العديد منهم الذين راسلوني، وطلبوا مني المساعدة وذلك أضعف الإيمان، كما أنني بحكم المهامي الأكاديمية ـ السابقة والحالية ـ اعتبر الكلام عن هذه القضية العادلة المكفولة دستوريا، والمعترف بها قانونيا، نقطة شرف، فالساكت عنها شيطان أخرس، فلنذكر الجميع أن الاستثمار الحقيقي في الأفراد والكفاءات، فالأمم والدول تبنى بالعلم والمعرفة وليس بالجهل والتدليس… فتجربة “معهد البحوث والدراسات العربية” كانت كاشفة للعديد من الحقائق، أهمها عدم وجود سياسة، واضحة المعالم للتكوين في الخارج، فالملف كان “عرضة” “للتخبط”، و”التخلاط”، و”التخياط” على مختلف المستويات، مما يوحي بانطباع بوجود صراع على خلفية أيديولوجية، أكثر من نزاع حول المقاييس العلمية، والضوابط الأكاديمية للاعتراف بهم، كما أنها كانت كاشفة للعديد من مؤسساتنا، وأحزابنا، وجمعياتنا على أنها بعيدة كل البعد عن الانشغالات الحياتية للعديد من شرائح المجتمع، بحكم عدم وجود “الفائدة” فيهم، فالمعيار المادي أو الربحي هو الطاغي والمسيطر… وأتمنى أنني أخطأت في تقديري.
-
وأخيرا بالنسبة للطلبة، فصبرا جميلا، فكل حق وراءه طالب لا يضيع، هكذا علمتنا الحياة وتجاربها، وبالله التوفيق…