الرأي

حتى نتجنَّب فتنتهم

محمد سليم قلالة
  • 1216
  • 5
ح.م

كلما اطلعتُ على التهديدات التي باتت تَعرفها الدول الأكثر تصنيعا في العالم، والتي ما فتئنا نراها كنموذج أحيانا للرَّشَادة في التسيير وللديمقراطية، تأكد لي الخلل في الرؤية لدينا من حيث أولويات النقاش  السائد بيننا وطبيعة الحلول.

 كل دول العالم القوية تتحدث نخبها عن الخوف من الغرق الاقتصادي والاجتماعي، وأحيانا عن الخوف من الدخول في حروب أهلية نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بها، وليس لسبب آخر…

أمريكا القوة العظمى أصبحت تخاف من أن تتحول الثلاثمائة مليون قطعة سلاح التي يملكها مجمل السكان إلى أدوات صراع بينهم بعد أن كانت أدواة حماية، والرئيس دونالد ترامب يتحدَّث عن خوف من سقوط النظام الأمريكي اقتصاديا، ويعلن  يوم 25 جوان الماضي عن ضخه أكبر مبلغ  من الأموال لانعاش الاقتصاد الأمريكي لم يسبق له مثيلٌ عبر التاريخ أي 2200 مليار دولار لعل وعسى… 400 مليار دولار لدعم الشركات الصغيرة، و500 مليار للشركات الكبرى، فضلا عن المساعدة الاجتماعية للمواطنين وللبحث العلمي ولمكافحة كوفيد 19…

الصين من جهتها، لا تتوقع، رغم كافة وسائل التدخل لديها، أن تزيد نسبة نموِّها هذا العام عن 1% وهي النسبة الوحيدة الإيجابية في اقتصاديات العالم الرئيسة، التي ستكون بالسالب جميعها في حدود -4.9 بالمائة حسب التقرير الأخير لصندوق النقد الدولي الصادر يوم 24 جوان عن آفاق الاقتصاد العالمي.

وفي فرنسا يتحدث الخبير الاقتصادي  Olivier de la marche في حوار له يوم 18 جوان الماضي عن انهيار خطير وشيك لاقتصاد هذا البلد، بل ويشير إلى وجود مؤشرات على امكانية اشتعال حرب أهلية به بين ميليشيات الكاتون، اليهود، العرب، الشيشان… التي أصبحت تمتلك أسلحة كلاشينكوف كما حدث في مدينة Dijon منذ أسبوعين.

وهكذا في أغلب بلاد العالم، بما في ذلك المتقدِّم، تتزايد مخاطر الانهيار والتفكك، بسبب انعكاسات الوضع المالي والاقتصادي على الناس،  أن ننتبه إلى حالنا من هذه الزاوية التي بات يعاني منها أغلب الجزائريين، ونسعى إلى تركيز النقاش حول بدائل الحل الاقتصادي والاجتماعي، يدفعنا البعض، عمدا أو عن جهل، إلى طرح قضايا ليس هذا أوانها، كتلك التي تتعلق بالدستور والهوية والتاريخ…

والواقع أننا اليوم في سفينةٍ نُريدها أن ترسو على بر الأمان، علينا أن نبحث عن أفضل الحلول للمشكلات التي تعترضها، لا أن نثير فتنة بين رُكَّابها، مَن يكونون ومِن أين جاؤوا… ونحمد الله أن بهذه السفينة كافة الخيرات، وليس بها كثير التعقيدات، ولا أحد له عليها ديون، وبوعينا بما ينبغي أن تكون عليه أولويتانا، الاقتصادية والاجتماعية، سنفوِّت الفرصة عن مَن يريد لنا عكس ذلك، ونستعيد الأمل في أننا يمكن أن ننتصر، لا تحدث بيننا الفتنة التي عنها يبحثون.

مقالات ذات صلة