-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
حاول فتح الخزنة بعدّة التلحيم

حدّاد يتسلل من “تحت الأرض” إلى مركز بريدي بوهران

خ. غ
  • 4811
  • 0
حدّاد يتسلل من “تحت الأرض” إلى مركز بريدي بوهران
أرشيف

أدانت محكمة الجنايات الاستئنافية بمجلس قضاء وهران، مرتكب جناية محاولة سرقة مركز بريدي على طريقة أفلام السينما، بخمس سنوات سجنا نافذا، حيث كان المتهم قد نفذ جريمته تلك تحت ظرفي الليل والكسر وعن طريق استعمال مدخل تحت الأرض، ليسلط عليه القرار المنطوق عقوبة أشد وقعا من تلك التي قضت عليه بها المحكمة الابتدائية، ومقدرة بسنتين حبسا نافذا قبل أن تستأنف النيابة العامة الحكم.
تعود وقائع هذه القضية إلى صبيحة يوم 16-10-2021 بوادي تليلات في ولاية وهران، عندما تلقت مصالح الأمن اتصالا هاتفيا يبلغ فيه صاحبه عن تعرض مقر المركز البريدي الواقع بعمارة 3100 مسكن، ليلا، لمحاولة السرقة من طرف مجهولين، تمكّنوا من الوصول إليه عن طريق تحطيمهم الجدار الذي يفصله عن مسكن وظيفي تقطنه المسماة (ق. أ)، وهي الممثلة القانونية لمؤسسة “بريد الجزائر”، وهذا بعدما تسنى لهم في البداية التسلل إلى قبو العمارة سالفة الذكر، وبتنقل عناصر الشرطة للتحقق من المعلومة ومعاينة الموقع، تم العثور على آثار استخدام أداة تلحيم على هيكل خزانة المركز البريدي، التي تعد الغنيمة المستهدفة من وراء تلك المغامرة التي خطط لها ونفذها الفاعلون، بغرض سرقة ما في جوفها من مال، لكن اللمسة الأخيرة لبلوغ ذلك المراد لم تكتمل، بحيث تركت الخزانة في موضعها، ومن حولها حالة من الفوضى تعم المكان، أين سجل تحطم أجهزة وأضرار أخرى فيما نجت السيدة (ق. أ)، من خطر اللصوص، من حسن حظها، بسبب غيابها عن بيتها بتاريخ الواقعة.
في المقابل، مكّن استغلال كاميرا مراقبة منصبة بالموقع، وأيضا فحص البصمات التي وجدت آثارها في مسرح الجريمة، من تحديد الفاعل والتعرف على هويته، ويتعلق الأمر بشخص وحيد، يدعى (ت. ك)، في العقد الرابع من العمر، وهو لحام يقيم بنفس المنطقة، حيث اعترف هذا الأخير عند توقيفه، بعلاقته بالتهمة الموجّهة إليه، مصرحا أمام الضبطية القضائية، أنه اهتدى إلى فكرة سرقة خزانة المال الخاصة بالمركز البريدي سالف الذكر، عن طريق الوصول إليه من قبو العمارة، حيث كانت خطته في الأساس أن يفتح الخزانة بالاستعانة بأداة الحدادة خاصته، عساها أن تمكّنه من تذويب الجزء المراد إزاحته من هيكلها الفولاذي، لكنه واجه صعوبة في ذلك، ليقرر نقل الخزانة برمتها، وكان قد مهّد لذلك، قبل أن ينتابه شعور مخالف، دعاه إلى التخلي عن كل شيء وتركه وراءه، ثم ينصرف حالا عن المكان عبر نفس المسار الذي سلكه إليه، وهو ما فعله في نهاية المطاف، معتبرا تصرفه هذا صحوة ضمير باغتته قبل أن يتورط في جرم السرقة، ليتم على أساس اعترافه ونتائج التحريات المعززة بالأدلة العلمية، إحالة ملف المعني على القضاء لمتابعته عن ارتكابه جناية محاولة السرقة المقترنة بظرفي الليل والكسر وعن طريق مدخل من تحت الأرض، إلى جانب جنحة التحطيم العمدي لملك الغير.
أثناء المحاكمة، لم ينكر المتهم قيامه بالأفعال المنسوبة إليه، مبررا ذلك بالظروف المعاندة التي قادته إلى التفكير في المال الحرام لمجابهتها، ومن ذلك تلقيه إعذارا بالطرد من مسكنه المستأجر، وتعرض محله التجاري للغلق نتيجة تراكم الديون، مشيرا في المقابل إلى أن ما أقدم عليه ليس من شيمه، مستدلا في ذلك بتراجعه عن الفكرة وانسحابه من ذلك المكان في الوقت المناسب، ودون أن يقوم بسرقة أي شيء فيه، لكن رئيس الجلسة، وعلى ضوء ما جاء في ملف الحال من خطوات جريئة صال بها المتهم وجال لأجل الوصول إلى خزانة المال، فقد استفسره عما إذا كان من مشاهدي أفلام “الآكشن” بالجرعة التي جعلته يتأثر بها، ويقوم بمحاكاتها وتجسيدها على واقعه الشخصي، ليوقع من ورائها ضحايا لا علاقة لهم بخياله الجامح والجانح سوى ما جنوه منه من ضرر، لكن المتهم أخذ يتلعثم ويضرب أخماسا بأسداس، محاولا التركيز على جعل قلة حيلته وضعف حاله وراء اندفاعه لما لا يحمد عقباه وعلى عكس خصاله وطبعه، فيما رد عليه القاضي في سياق حديثه عن إحساسه بتأنيب الضمير الذي راوده في تلك الأثناء وجعله يستغني عن المال الحرام، ثم حمله ليقفل راجعا إلى بيته خالي الوفاض مثلما خرج منه، بالقول أن الثابت في الملف هو تنفيذه لجريمته وفق ما سطّره لها وأعد العدة لإنجاحها، لكن عدم حصول النتيجة التي أرادها منها إنما تم لسبب خارج عن إرادته، وهو فشله في محاولاته لفتح تلك الخزانة بكل الطرق التي لجأ إليها، وإلا -يضيف الرئيس- لكانت العملية مكتملة، وتواجهه هيئة المحكمة في هذه الحالة بجناية السرقة الموصوفة.
ونفس القناعة ركّز عليها ممثل الحق العام خلال مرافعته بشأن خطورة ما قام به المتهم، بداية من التخطيط للجريمة والتحضير لها، ثم الشروع في تنفيذها، قبل أن يخنه حظه العاثر في إتمام فصلها الأخير لسبب لا دخل له فيه، ليلتمس تسليط عقوبة 12 سنة سجنا ومليوني دج غرامة مالية في حقه.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!