-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حربُ الأعلام

حربُ الأعلام

اندلعت في القدس الشريف، في اليومين الأخيرين، حربٌ جديدة اشتد وطيسها، ولا نظن بأن ستكون لها نهاية في القريب العاجل ولا حتى الآجل، ونستشرف انتقالها إلى القارات الخمس، وانتشارها كالنار في الهشيم، وهي حرب الأعلام، إذ يقوم الصهاينة المدنِّسون للمدينة المقدسة، بمسيرات استيطانية كبرى يشارك فيها حتى وزراء الحكومة المتطرفة وأعضاء من الكنيست، حاملين الأعلام الإسرائيلية، وفي المقابل يردُّ الفلسطينيون المسالمون بحمل الأعلام الفلسطينية، في مسيرات فيها الكثير من الصفات الجهادية، إذ يصبح رفع العلم هنا جريمة، ورفع العَلم هناك بطولة.

يذكر التاريخ أن راية الوطن أو علمه، هو رمزٌ من رموز الأمم، فقد كان حمل الراية من فجر الإسلام إلى ثورات المسلمين المعاصرة في الجزائر وفي غيرها من البلاد، هو دليلٌ على وجود وهوية هذه الأمة أو تلك.

لقد تابعت وسائل الإعلام العالمية حربَ الأعلام المندلعة حاليا في القدس، بكثير من التركيز، خاصّة عندما دخل وزراء ورجال دين وعسكر من إسرائيليين في خضمّ المعركة، عندما حمل كل منهم العَلم الإسرائيلي، وساروا في شوارع القدس مردِّدين البقاء للكيان والهلاك للبقية، وكان واضحا اهتمام العالم بالحدث، الذي كان في السر أو بعيدا عن اهتمام الإعلام، أو أنه لم يخطف الصورة كلها إلا مؤخرا، وظهر الآن إلى العلن.

في سنوات السبعينيات من القرن الماضي، كان كلما لعب فريق أجاكس أمستردام الهولندي، بلاعبه الأسطورة كرويف أو فريق بيارن ميونيخ بلاعبه الأسطورة بيكنباور، إلا وشاهدنا في المدرَّجات مناصرا أو أكثر يحملون علم الكيان الصهيوني، عندما كانت هذه الدويلة في مراحل تكوينها الأولى، ويتواصل نفس السلوك في مباريات الكرة الحديثة، بالرغم من عدم وجود لاعب من الكيان في هذا الفريق أو ذاك، كما ظهرت نفس الأعلام في بقية الرياضات الشعبية من تنس وكرة سلة، وفي حدائق التسلية العالمية الكبرى وحتى في حفلات توزيع جوائز الأوسكار وجوائز نوبل في شتى العلوم، وليس بالضرورة أن يُرفع هذا العلم بأيد إسرائيلية، فقد تابعنا في منافسة كأس العالم في ألمانيا سنة 2006 كيف قام لاعبٌ من غانا، عندما سجل منتخب بلاده هدفا، بإخراج من جيبه علم إسرائيل ولوّح به.

هناك من يستصغر حمل جزائريي الغربة في مباريات كرة أوروبية كبيرة، علم الجزائر، ويرونه مبالغة من جزائريين يعيشون خارج الوطن، وهناك من يستصغر ما يسمونه “مبالغة”، عندما يقوم جزائريون برفع العلم الفلسطيني في مباريات الكرة المحلية والدولية، لأنهم لا يعلمون ما يفعله منظر العلم في قلب الصهاينة الذين كانوا يحلمون ببلاد من الماء إلى الماء، فإذا بالأعلام الفلسطينية تُحبط معنوياتهم وتُشكِّكهم في أنفسهم، وتعلن عن بقاء فلسطين في قلوب المسلمين أجمعين إلى الأبد، تماما كما بقي علم فلسطين مرفرفا في كل مكان وأيضا في كل زمان في حربٍ جديدة وهي حرب الأعلام.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!