الرأي

حرب الدفاع عن “أداة الله”

مازالت الملحمة الكبرى في الأرض المقدسة التي يتأهب الإنجيليون المؤمنون بـ”الكتاب المقدس” لخوضها، مازالت بعيدة، وهم الآن منشغلون بحرب بقاء دونالد ترامب رئيسا في البيت الأبيض، فهو في نظرهم “أداة الله التي تقربهم من الحكم”.

هزم الإنجيليون، قبل الخوض في الملحمة الكبرى في الأرض المقدسة، في ظل حكم الرئيس الإنجيلي دونالد ترامب، المتخلي عن ليبرالية تحكم الحياة الأمريكية، لصالح عقيدة أصولية تستحضر الغيب، دخل رموزها البيت الأبيض ووضعوا جدولا زمنيا لتطبيق تعاليمها أملأ في تحقيق نبوءاتها المسطرة في “سفر التكوين”.

تجرد دونالد ترامب من قيم ديمقراطية لا تقترب من الأصول الدينية، باعتبارها خيارا عقائديا روحيا، واقترب بإيمان مطلق من عقيدة “إنجيلية” ترى أن الملحمة الكبرى في الأرض المقدسة قد اقترب موعدها، وأرادها “ترامب” أن تتزامن مع عهدته الرئاسية.

“الإنجيلية” كان لها الفضل في وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، مهتديا بتعاليمها وعقائدها المستنبطة من قصة الخلق الواردة في أساطير توراتية، ففسح لمعتنقيها المجال في الجمع بين المناصب السياسية والدينية في آن معا.

وصار الواعظ الإنجيلي روبرت جيفيرس ملازما للرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض، يفرغ كف البركات على رأسه، ويصغي لدروسه مثل تلميذ مريد مؤمنا بقدسية معلمه، وصدق تعاليمه الإنجيلية.

أيقن دونالد ترامب وفقا لما تلقاه من تعاليم أن “القدس هدف لمحبة كل من اليهود والمسيحيين خلال التاريخ ومحك النبوءة، ولكن الأهم من ذلك، أعطى الله القدس – وبقية الأرض المقدسة – للشعب اليهودي” الذي سيعتنق المسيحية عند ظهور السيد المسيح”.

اعتراف ترامب بالقدس عاصمة موحدة لـ”إسرائيل” على هوى المنحى العقائدي لم يكن قرارا سياسيا مجردا، فهو بداية التطبيق للرؤية الإنجيلية بأن “الكتاب المقدس يعد بالقدس للشعب اليهودي في كل العصور”، مستشهدة بآية من سفر التكوين جاء فيها: “اخترت أورشليم ليكون اسمي فيها واخترت داود ليكون على شعب إسرائيل”.

تشبع دونالد ترامب الرئيس المتمرد على الليبرالية الأمريكية بالتعاليم الإنجيلية، ووظف السياسة الحاكمة في تطبيق معتقداتها، معتقدا حد الإيمان المطلق أن “إنشاء إسرائيل والحفاظ عليها كدولة يهودية سوف يعجل المجيء الثاني للمسيح المسيحي يسوع المسيح”.

كان الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لـ”إسرائيل” القاطرة التي أوصلت ترامب للبيت الأبيض، بدعم إنجيلي لا محدود، من أجل انتزاع القرار السياسي وتوظيفه في إرساء قواعد المبادئ العقائدية المتطرفة بغيبيتها التي لا تستند على دلائل سماوية.

غرق دونالد ترامب بأوهام “الإنجيلية وخرافاتها، حتى آمن بأنه الشاهد المنتظر في الملحمة الكبرى بالأرض المقدسة”، مع بعث السيد المسيح من جديد، كيف لا وقد وصفه الإنجيليون بـ”أداة الله لتقريبهم إلى النشوة والحكم وإلى النهاية – آخر الزمان- و بداية مكافأتهم بالنعيم السماوي، حيث رفع الصالحين إلى السماء”.

أوهام جعلت ترامب يعتقد أن “الإنجيل” لن يتخلى عنه، فهو أداته في الوصول إلى حكم البشرية في آخر الزمان، وسيعيده بـ”معجزة” للبيت الأبيض في عهدة رئاسية جديدة، من أجل “إنجيلية” لا يهزمها جو بايدن الليبرالي الذي يسفه حقائق “الكتاب المقدس” ويبعد البشرية عن وقائع الملحمة الكبرى في الأرض المقدسة.

مقالات ذات صلة