-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
انتهت من دون تحديد موعد لمحطة ماكرون في الرباط

حسابات فرنسا البراغماتيّة تُفشل زيارة بوريطة إلى باريس

محمد مسلم
  • 5135
  • 0
حسابات فرنسا البراغماتيّة تُفشل زيارة بوريطة إلى باريس
أرشيف

يجري التقارب الفرنسي المغربي تحت ضغط استشعار باريس احتمال تعرض علاقاتها بالجزائر لانتكاسة. فقد زار وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، باريس لملاقاة نظيره الفرنسي، ستيفان سيجورني، بهدف التحضير للزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى الرباط، غير أن الزيارة انفضت من دون أن يتفق الطرفان على موعد محدد لتلك الزيارة.
وعزت تقارير إعلامية مغربية وفرنسية فشل الطرفين في تحديد موعد زيارة ماكرون للرباط، إلى “مسائل خلافية” تسببت في تأجيلها إلى موعد غير مسمى، ما يؤشر على أن العلاقات المغربية الفرنسية لم تصل بعد إلى ذلك المستوى الذي حاولت وسائل الإعلام الدائرة في فلك القصر العلوي تصويره، منذ زيارة الرجل الأول في قصر “الكيدروسي”، ستيفان سيجورني، إلى المملكة المغربية في فبراير المنصرم.
ومنذ زيارة وزيرة التجارة الخارجية الفرنسي، فرانك ريستر، إلى الرباط، أوائل الشهر الجاري، وإدلائه بتصريحات تفيد باعتزام باريس الاستثمار في الأراضي الصحراوية المحتلة، اعتقدت الكثير من النخب السياسية والإعلامية في المغرب أن باريس باتت في جيب النظام المغربي، وراحت تتحدث عن اعتراف فرنسي وشيك بالسيادة المزعومة للنظام العلوي على الأراضي الصحراوية المحتلة، غير أن فشل زيارة بوريطة إلى باريس أيقظ هذه النخب على حقيقة مفادها أن السلطات الفرنسية تدير علاقاتها مع البلدين الجارين ببراغماتية محكمة، وذلك بالرغم من عدم تورعها عن إهانة أهم رموز المملكة المغربية، الملك محمد السادس، على خلفية تعرض هاتف الرئيس الفرنسي للتجسس من قبل المخابرات المغربية، فيما عرف بفضيحة “بيغاسوس”، كما جاء على لسان مثقف القصر، الفرانكو مغربي، الطاهر بن جلون.
ويمكن تلمّس الخيبة المغربية من خلال فشل زيارة بوريطة بحر الأسبوع المنصرم، إلى باريس، لأن الهدف منها كان إحداث اختراق في التحضير لزيارة ماكرون إلى الرباط، تكريسا لزوال الجمود الذي خيم على العلاقات الثنائية منذ انفجار فضيحة “بيغاسوس”، غير أن زيارة بوريطة انتهت إلى عدم تحديد أي موعد لزيارة ماكرون، فيما أرجعت تقارير إعلامية مغربية، على غرار موقع “أطلس إنفو”، الأمرَ إلى ما وصفتها “نقاط خلافية”، نقلا عن مصادر دبلوماسية فرنسية.
ويتضح من خلال حديث “المصادر الدبلوماسية” عن المسائل الخلافية بين باريس والرباط أن القضية تتعلق رأسا بالموقف الفرنسي من القضية الصحراوية، والذي لم يرق بعد إلى مستوى تطلعات النظام المغربي، الذي وضع المسألة معيارا لبناء علاقاته الخارجية، كما جاء على لسان الملك محمد السادس.
وتعتبر فرنسا من أوائل الدول التي تبنت مخطط الحكم الذاتي المغربي في الصحراء الغربية، وكان ذلك في عهد الرئيس اليميني الأسبق، نيكولا ساركوزي، غير أن الموقف الحالي بات متأخرا، في نظر القصر ومحيطه، مقارنة بمواقف بعض الدول الأوروبية، على غرار إسبانيا في عهد رئيس الحكومة الحالي، بيدرو سانشيز.
وعلى الرغم من إقدام باريس على لسان وزيرها للتجارة الخارجية، فرانك ريستر، خلال زيارته الأخيرة إلى الرباط قبل نحو أسبوع، على تقديم “نصف اعتراف” بالسيادة المزعومة للنظام المغربي على الأراضي الصحراوية المحتلة، بإعلانه الرفع الجزئي لحظر تمويل المشاريع في الصحراء الغربية المحتلة، إلا أن الرباط تنتظر موقفا صريحا ليس من مجرد مسؤول بحقيبة وزارية غير سيادية، وإنما من أعلى مستويات هرم الدولة الفرنسية، وهو الأمر الذي لم يحدث إلى غاية اليوم.
وتدرك باريس أن أي خطوة متهورة من هذا القبيل، من شأنها أن تفقدها مصالح حيوية في الجزائر لا يمكن أن تعثر عليها في أي دولة من الدول المغاربية الأخرى، وهو ما يجعلها تفكر ألف مرة، وذلك بالرغم من الضغوط التي تمارس على الرئيس الفرنسي، من قبل اللوبيات اليمينية والصهيونية في باريس، من أجل الحسم لصالح النظام العلوي.
ويشكل النظام المغربي في الرباط منذ تأسيسه من قبل الماريشال الفرنسي هوبير ليوطي قبل إعلان نهاية الحماية الفرنسية على المغرب في 1956، أداة طيعة بيد باريس وخنجرا مسموما في المنطقة المغاربية، ولذلك صُدم القصر العلوي ومحيطه من عدم انخراط إيمانويل ماكرون، في مسار دعم السيطرة على الصحراء الغربية، بالرغم من تحول المغرب على مدار عقود، إلى حديقة خلفية لدعم النفوذ الفرنسي في شمال إفريقيا ومنطقة ما وراء الصحراء الكبرى.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!