-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حفل تخرّج دكاترة الطب

حفل تخرّج دكاترة الطب

شرّفتني جمعيتا “المعالي للعلوم والتربية”، و”جمعية العلوم الطبية – ابن سينا” بمدينة البليدة بدعوتي إلى مشاركتها حفل تكريم الخريجات والخريجات لهذه السنة في كلية الطب بجامعة سعد دحلب بالبليدة، وذلك يوم السبت 24- 9- 2022.

ما إن دلفتُ إلى القاعة الرحبة “قصر صهيب” حتى انبهرتُ بما رأت عيناي؛ إذ كانت القاعة وشُرفتُها ملأى بالأخوات الخرّيجات اللواتي كُنّ يشكّلن -في تقديري- نحو 80 بالمائة، وما يقرب من 95 بالمائة منهن من المتحجّبات.

لقد رجعتْ بي الذاكرة إلى أوائل الستينيات في جامعة الجزائر الوحيدة آنذاك، حيث لم تكن طالبة واحدة ملتزمة بالحجاب في كليات العلوم الاجتماعية، فضلا عن كليات العلوم التجريبية كالطب والهندسة، فقد كان الجميع –لانتشار الجهل – يعتقد أنّ “العلم التجريبي” يتناقض مع الدين، وهو اعتقادٌ خاطئ لم يُزَل إلا بعد جهدٍ جهيد من أساتذة لم يتجاوز عددُهم أصابعَ اليد الواحدة كانوا مدرّسين في هذه الكليات.. كما كان لحضور مالك بن نبي –رحمه الله- دورٌ هامٌّ في تهديم هذا الاعتقاد، إذ كان مهندسا ولكنه كان داعية إلى الإسلام ومقتنعا بأنه قادرٌ على حلّ “مشكلات الحضارة”.. ولولا دروس الأستاذ ابن نبي لمِلنا إلى صفّ “الحُمر” الذين كانت الجامعة تعجُّ بهم، فسلامٌ على تلك الأيام الخوالي. وفي ذلك المكان الشيّق المسمى “مسجد الطلبة” بُذرت بذور “الصحوة الإسلامية” التي سطا عليها –فيما بعد- طلابُ “الزعامة” فتسببوا –مع سفهاء آخرين- فيما أصاب الجزائرَ من فتنة.

تفضّل الإخوة المشرفون على هذا الحفل فطلبوا مني إلقاء كلمة في الحاضرين، ففتح اللهُ –عزّ وجلّ- عليّ بكلماتٍ جاء فيها بعد الحمْدَلة وتهنئة المحتفى بهم وبهنّ، وشكرِ الجمعيتين: يظنّ بعضُ الناس –جهلا منهم- أنّ علم الطب علمٌ بعيدُ عن الدين، وذلك لأنه يتعامل مع أعضاء وأجهزة، في حين أن الدين في ظنّهم –الذي لا يُغني عن الحقّ شيئا- يُعنى بـ”روح” الإنسان وأحواله وأوضاعه الاجتماعية والنفسية قديما وحديثا. لقد وجّه الله –عزّ وجلّ- الإنسانَ إلى قدرة الله الشاملة، الكاملة، وحكمته البالغة بهذا الإنسان نفسه، إذ جاء في القرآن الكريم قولُه تعالى: “وفي أنفسكم أفلا تبصرون”.. فهذا الجسمُ العجيب الذي هو من خلق الله –العليم القدير- هو “منطقة صناعية متنقلة”، فكم جهاز في هذا الجسم يعمل وصاحب الجسم قائم، وقاعد، ومتكئ، ونائم، ومُسرع… فـ”هذا خلقُ الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه”، وقد وفّق اللهُ –عزّ وجلّ- أحدَ عباده وهو الدكتور خالص جلبي، فدرس كلَّ هذه الأجهزة العجيبة المكوِّنة لجسم الإنسان، وانتهى من دراسته تلك بتأليف كتابٍ عنها اختار له عنوانا جميلا هو “الطبُّ محرابٌ للإيمان” كان رسالتَه للدكتوراه.

يبقى شيءٌ واحدٌ ينبّه العلماءُ أنظارَهم وأنظارَ الناس –عالمهَم وجاهلَهم- إليه، هو قول الشاعر:

لا تحسبنّ العلمَ ينفع وحده    ما لم يُتوّج ربّه بخلاق

ذلك لأنّ العلمَ نسبيٌّ “وما أوتيتم من العلم إلا قليلا”، و”فوق كلّ ذي علم عليم”، ولهذا ألّف أكثر من خمسين “عالما” في جامعات غربية كتابا مشتركا سمّوه: “موسوعة الجهل”، فاللهم علّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علّمتناـ وزِدنا علما.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!