-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حكاية‭ ‬رجل‭ ‬مزواج‭ ‬مطلاق

محمد دحو
  • 14368
  • 20
حكاية‭ ‬رجل‭ ‬مزواج‭ ‬مطلاق

أنا رجل في الخمسين من العمر، تزوجت كثيرا وطلقت كثيرا، لكن الله لم يرزقني نعمة الأولاد، ولم أعرف من زينة الحياة الدنيا إلا المال والثراء الفاحش، نعم رزقت مالا وفيرا، وتمتعت بالحلال الطيب كثيرا، وبارك الله لي في ثروتي حتى أصبحت غنيا مشهورا، لكني لم أذق طعم الذرية، ولم أسمع حتى الآن كلمة بابا أو أبي، ولم أقل نعم طفلي أو لبيك يا بني، هذه قصتي ووجعي، وهذا هو ألم الحرمان الذي ظللت أخفيه في صدري وضلوعي، ولو كنت أستطيع شراء ذلك بالمال لدفعت كل مالي، من أجل صبي يولد من صلبي، أو طفلة تبتسم في وجهي، لكن ذلك كان من سابع‭ ‬المستحيلات‭.‬

  • لم أعرف في حياتي شيئا اسمه المستحيل، ولم أتأخر يوما عن أحلامي وطموحاتي، كنت أفيض إرادة وقوة، كل ما أردته وصلت إليه، المال والجاه والسمعة الطيبة، على العكس مما كان عليه إخوتي الأربعة، كانوا كما كان يقول أبي أرضيين لا طموح لهم ولا إرادة، وكنت سماوي العزيمة والهمة، مما جعلني أفوز بتقدير والدي ومحبته التي كانت تسري في عروقي، كانت لي القوة والطاقة، وحين سافر بعد الاستقلال إلى مارسيليا بكت عليه أمي وجدتي وبكيت عليه كثيرا، لكن الأمر عندي بقية إخوتي كان عاديا، بل إنهم فرحوا لذلك النبأ كل الفرح، ما دامت الساحة ستخلو‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬الأب‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬لا‮ ‬يحب‭ ‬أن‭ ‬يراهم‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬كانوا‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬ضعف‭ ‬في‭ ‬الإرادة‭ ‬والإقبال‭ ‬على‭ ‬الحياة،‭ ‬والجد‭ ‬فيها،‭ ‬والاستعداد‭ ‬للمستقبل‭.‬
  •  عاش أبي مغتربا وعشنا بعيدا عنه في كنف الأم والجدة. كنا لا نرى والدنا إلا مرة في عطلة الصيف، وكان إخوتي يفرحون بالهدايا والملابس وبالركوب في تلك السيارة التي كانت تقضي معنا العطلة ثم تعود إلى مكانها في مارسيليا مع والدي، كانت أشبه بالابن المدلل أو البنت المدللة في مرافقة والدي أينما حل أو ارتحل، ولقد كنت شديد الغيرة من تلك الآلة الحديدية العجيبة التي كانت دائما برفقة من كنا نفتقده كثيرا وكثيرا، كان أبي يحب الأولاد، وكان يكرمنا أيما إكرام، بل إنه دعا لنا قبيل موته بكثرة البنين والبنات عليه رحمة الله، عشنا بعد موته في بيت واحد وسقف واحد، لكن إخوتي تركوا بيت العائلة بعد الزواج، وانصرف كل واحد إلى عمله، كان منهم المعلم، وكان منهم الأستاذ، وسائق التاكسي، والمهندس، وكنت الثري على العكس من إخوتي الذين عاشوا حياة متوسطة الحال، لكن الله صرفني إلى الإتجار في الخضر والفواكه،‭ ‬وبارك‭ ‬لي‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بركة‭ ‬سريعة‭ ‬وواضحة،‭ ‬فما‭ ‬هي‭ ‬إلا‭ ‬سنوات‭ ‬قليلة‭ ‬حتى‭ ‬كان‭ ‬لي‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الأموال‭ ‬والمصانع‭ ‬والفلل‭ ‬والنساء‭.‬
  • كنت أزور إخوتي وأساعدهم بطلب أو بغير طلب، فرحت لزواجهم ووقفت معهم وقفة الإخوة والرجال، وقد أعطاهم الله الذرية والأولاد ما جعلهم يضجون من ذلك لقلة ذات اليد، كنت أنظر إلى أولاد إخوتي وقد كان (ما شاء الله) لكل واحد منهم السبعة والعشرة بين البنين والبنات، وكنت أسأل الله في قلبي أن يرزقني مثلهم من الأولاد، وذلك كان دعاء الوالد لنا جميعا، كنت أحب الأطفال وأرى فيهم متعة الحياة الدنيا وزينتها، وكنت أعطف على أطفال إخوتي وأكرمهم بمناسبة أو غير مناسبة، وكان إخوتي ينظرون إلى ما أعطاني الله من مال، وكانت عيني على ما أعطاهم الله من بنين وبنات، وكم كانت أمي تدعوني إلى الزواج، لما رأت في من حب للأولاد، لكني كنت أعتذر لها مؤجلا الزواج عاما بعد عام، الحق أني كنت منشغلا بجمع المال والإقبال على الثروة ليلا ونهارا، كنت أقول لأمي سأتزوج خلال هذا الصيف، ثم يمضي صيف ويأتي آخر، ومرت أصياف وجاءت أخرى، وأنا لا أزال على تلك الهيئة أجري وراء المال، إلا أن التقيت في سفري ابنة جزائري مقيم في فرنسا، فتزوجتها وعشنا معا سنتين أو أكثر، لكنها لم تحمل مني ولم تلد لي مولودا، فطلقتها، وتزوجت أخرى وثالثة ورابعة، وظللت أتزوج وأطلق حتى صار أمري معروفا بين الناس، لم أكن قاسيا مع زوجاتي لكني كنت أسرحهن سراحا جميلا، كنت أعطي كل امرأة أطلقها سكنا وسيارة، حتى صارت كثير من النساء يعرضنن علي أنفسهن للزواج طمعا في سيارة أو سكن، كل ذلك لم يكن يهمني، لا المال ولا السكن ولا السيارة، ولكني كنت فقط أنتظر ولدا أو بنتا، وهو ما لم يحصل مع كل من تزوجت من النساء، وشيئا فشيئا بدأت أشعر باليأس، وزادت غيرتي من إخوتي، ذات مرة عرض علي أخي الأصغر، أن يهبني طفلا من أطفاله أربيه، لكن الشيطان وسوس لي، فقلت لعله طامع في ثروتي، فأغلقت ذلك الباب، ثم إني فكرت في الحصول على طفل أو طفلة‭ ‬من‭ ‬المستشفى،‭ ‬لكن‭ ‬قلبي‭ ‬لم‭ ‬يطمئن‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الفكرة،‭ ‬وهكذا‭ ‬عشت‭ ‬بين‭ ‬وجعين‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحياة،‭ ‬وجع‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الأولاد،‭ ‬ووجع‭ ‬المال‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬أستطع‭ ‬أن‭ ‬أحقق‭ ‬به‭ ‬أمنيتي‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لي‭ ‬أولاد‭ ‬مثل‭ ‬إخوتي‭.‬
  • وذات ليلة من ليالي الصيف الحار أفقت على حلم مزعج، كاد يشق علي رأسي وقلبي، قمت مسرعا وقد رأيت أبي في المنام وهو يقول لي لا تبـتئس فإن الأولاد مثل المال هما من عند الله، فإن رزقت مالا فمن عنده وإن رزقت ذرية فهي من عنده. وحين أخبرني الطبيب بأن سبب عدم الولادة لم يكن من النساء اللواتي تزوجتهن، ولكنه كان مني لأني كنت رجلا عقيما، حينها أدركت أني أنا سر مأساتي، ولا ذنب لمن تزوجتهن وطلقتهن، وقلت ليت ثروتي تستطيع اليوم أن تفعل لي شيئا مما فعلت، لقد ندمت حقا فهل ستسامحنني تلك المطلقات البريئات؟ وهل سيغفر الله لي خطاياي‭ ‬وذنوبي؟‭ ‬حقا‭ ‬لقد‭ ‬أعماني‭ ‬المال،‭ ‬ألا‭ ‬تعس‭ ‬عبد‭ ‬الدينار‭ ‬والدرهم‭.‬
  • bendahoum@gmail‭.‬com
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
20
  • سارة

    الله يخلف لك خيرا اخي محمد وتاكد ان ما حرمك الله من شيئ الا كان لك فيه خيرا وهو اعلم بدلك فلو اعطاك اولاد لربما كانو موعاقين او عصات فليس كل ما يتمناه المرء يدركه اكثر من الحسنات ولا حرج ان تزوجت بارملة له طفل ورعيته فيكون لك الاجر العضيم وتعش سعيدا

  • feriel

    bonjour!! je sais bien que c pas facile moi personellemnt j'ai 2ans de mariage sans enfants deja !!!!!!!mais il faut traiter avec la la medecine c evoluer vous trouverai certainement un traitement qui vous conviens bon courage et bon courage

  • selma

    je suis sincerement toucheé par ta franchise le faite d'avoir reconnu ton tort et déja quelque chose ne perds pas éspoire etque dieu soit avec toi

  • مصطفى

    إذا كانت هذه القصة واقعية فلصاحبها مثال من عظماء خلد التاريخ ذكرهم لم يولد لهم من أصلابهم ولد غير أن لهم في بذور الخير من التلاميذ الاف بل عشرات الالاف, فسعد زغلول لم يرزق بأولاد ومن اكثر ذكرا في مصر والعالم العربي من سعد, ومحمد بوسليماني لم ىرزق بأولاد ومن أكثر من بوسليماني في الجزائر ذرية كل تلميذ يتخرج من مدارس الارشاد المنتشرة في ربوع القطر هو ثمرة لجهوده إذا كان الانسان يريد الخلود فليس شرطا ولد الصلب فكم من بارزين دس بنو اصلابهم رؤوسهم في الوحل وفهمكم كفاية

  • saloma

    slm khoy mohamed rabi ya3etike sabare ramame fi mosetakebale dayalake w tazawache wa rabi walad wala bate wa 3iche hanatake ana rani kifake saha wache dire maketoub rabi wa rani taba natakalaf fi walad anchalah la habe rabi

  • لمياء

    الله ينعم عليك بلخلفة صالحة انشاءالله

  • خديجة

    ارض بما قسم الله لك واكثر من الذكر والشكر تنال سعادة الدارين الدنيا والاخرة . فكم من انسان كان الاولاد مصدر شقائه . واعلم ان الله يختار دائما الافضل لعباده المؤمنين ولو علم الله في الاولاد خيرا لك لاعطاك اياهم ،

  • هشام البريكي

    ربي يصبرك اخ محمد

  • sellam

    لاتيئس من رحمة الله فالله يهب لمن يشاء ولنا في القصص القرانية خير مثال كقصة سيدنا زكرياء

  • kadiro

    salam bon courage ya akhi mohamed èna lah ma3ak ya mohamed

  • houdra

    sama7ak alahya a7'i

  • nassima

    nchalah le bon dieu vous récompensera pour votre patience
    et tout est possible vous pouvez vous remarier et demander le tout puissant de vous donner un enfant , il est capable j'en suis sure

    bon courage

  • ft

    اهنئك على هذه الشجاعة فقل من يبوح بما في مكنونه بكل هذه الصراحة هذامن جهة ومن جهة نلتمس ثقل الحمل من ندم وغم وكلاهما تخلص منهما الاول التوبة والثاني لا تدري اين الخير والسعادة بالبنين او بغيرهم المهم رضا الرب فيرزقك بما هو خير لك وحقا شفافيتك اذهلتني

  • katia

    ke dieu tt puissant t vienne en éd

  • ابو سارة

    قال الله تعالى في محكم تنزيله :( ... يهب امن يشاء اناثا ، ويهب لمن يشاء الذكور ، أو يزوجهم ذكرانا واناثا ، ويجعل من يشاء عقيما ...) هذه حكمة الله واردته ولا راد لقضائه ... ولا تدري موطن الخيرية ، فالخير فيما اختاره الله لك ... ولو اطلعتم على الغيب لاخترتم الواقع .

  • hocine

    بارك الله فك اخ محمد

  • Hanane

    ( الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ) آية 46 سورة الكهف

  • نجاة

    يقول المثل " هنيتك يا عاقر ماهنيتي روحك " واش نقولك امر ربي سبحانه وتعالى ربي يعوضهملك في دنيا اما اللواتي طلقنا منك فهدا مكتوبهم وليس الدنب دنبك وبمانك الله اعطاك الجاه والمال فهدا كدالك رزق من مولانا
    " المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات " صدق الله العظيم

  • منى بنت تيارت

    أخي في الله لا تقنط من رحمة الله فرحمته واسعـة وخذ العبرة وتزوج مرة أخـرى من امـرأة لديها أولاد وسيصبحون مثل أولادك

  • اسمهان

    ربي يكون في عونك ان شاء الله تمسك بطريق الرحمن اخي الكريم