-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حكومة الحاج موسى

حسين لقرع
  • 2442
  • 0
حكومة الحاج موسى

لم يفاجئ التعديل الحكومي الأخير أحداً من المتتبعين، كما لم تفاجئهم تعديلاتٌ كثيرة سابقة مرّت كلها مرور الكرام على الشعب والأحزاب السياسية دون أن تثير الانتباه أو يرى فيها أحدٌ منها بوادر تغيير حقيقي.

موسى الحاج يخلف الحاج موسى، وزراء يذهبون وآخرون يأتون، كلهم ينتمون إلى النظام نفسه الذي قولب نظريةتداول الحكمفي الأنظمة الديمقراطية، ليجعلها مقتصرة على رجاله فقط، وعلى بعض الأحزاب مكافأة لها على رضاها بالدخول إلى بيت الطاعة، والذوبان في هذا النظام والتخلي عن برامجها، وإن كانت نتائجُها في الانتخابات هزيلة، وهذا لتعميم الريوع والمكاسب على أكبر عددٍ ممكن من رجال النظام والموالين له.

لا شك أن المعارضة على حق حينما تصف هذا التعديل بـاللا حدث، وأنه لم يأتِ بأي تغيير، ولكن التغيير المنشود، لا يُنتظر من بوابة الحكومة، حتى وإن جاء نصفُ وزرائها من المعارضة، لأن النظام واحد. التغيير الحقيقي يأتي حينما يتغيّر النظامُ نفسه يوماً، ويصبح تنظيم انتخاباتٍ حرة ونزيهة يمارس فيها الشعب حقه في اختيار ممثليه في مختلف المستويات بكل حرية وشفافية، بديهية في كل موعد انتخابي، كما هو حاصل في بلدان الغرب الديمقراطية العريقة، ولا تحتاج إلى أيّ نضال حزبي وشعبي. وللأسف، لم يعد النظام يسمح بذلك منذ نحو ربع قرن، وقد رأينا في الانتخابات التشريعية والمحلية الماضية كيف جاءت النتائج مشابهة لفترة الحزب الواحد، وقُضي تماماً على أي أمل بالتغيير انطلاقاً من الانتخابات.

وفي ظل هذا الوضع الخانق، استقال الشعب من الحياة السياسية يأساً من التغيير، وبقيت أساليبُ التسيير البالية تنخر البلد وتتّجه به إلى الوراء في حين تتقدّم الشعوب والأمم وتخرج من تخلفها وتفتكّ لنفسها مكانة تحت الشمس، والمثل التركي معروفٌ للجميع؛ فقد كانت تركيا مضرب المثل في تخلّف اقتصادها ومعدّل التضخم فيها والذي حوّل عملتها إلى موضع تندّر بين شعوب العالم، ولكنها بفضل سماح الجيش، منذ عام 2002، بالتغيير الديمقراطي الحقيقي وإنهاء احتكار الحكم والوصاية على الشعب، انتقلت تحت حكم أردوغان إلى المرتبة 17 عالمياً من حيث التقدّم الاقتصادي، وهي تطمح إلى احتلال المرتبة العاشرة عالمياً بعد سنوات قليلة، في حين بقيت الجزائر غارقة في التخلف بسبب إصرار نظامها على الخلود في الحكم منذ 53 سنة كاملة، وغرقِها في الفساد الذي ينخر أيّ تنمية حقيقية ويبدّد مقدرات الأمة حتى أصبحت موضع دهشة السفير البولوني الذي استغرب كيف يستورد بلدٌ، وهو يحظى بهذه الأراضي الشاسعة والثروات المتنوّعة، الحبوب التي كان يصدّرها في العهدين العثماني والفرنسي؟.

 

ما نراه منذ 53 سنة إلى الآن، لا يبشّر بمستقبلٍ واعد للبلاد، وإن قامت بتغيير عشرات الحكومات، واستبدلت مئاتِ الوزراء في ظرف قصير؛ فالمشكلة في بنية هذا النظام الذي وصفه الهاشمي شريف ذات يوم بأنهريعيٌ بيروقراطي فاسدوليس في تغيير وزيرٍ بآخر، ولذلك لا نرى أيّ جدوى من الحديث عن أسباب إبعاد هذا الوزير أو ذاك.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • جزائري

    الدولة غير موجودة أصلا ..مجموعة من اللصوص يتناوببون على اقتسام الريع............ أين الحل ؟

  • جزائري

    الدولة غير موجودة أصلا ..أين الحل ؟

  • بدون اسم

    حكومة مدام دليلة ولاللحاج موسى اي شراكة فيها..مدامات لااكثر

  • أيوب الصابر

    "وقضي تماما على أي أمل في التغيير" هذا هو الهدف، زرع اليأس وقتل الأمل التي تعني دخول الشعب في كهف مظلم وانزوائه بعيدا لا يسمع و لايبصر شيئا ولا هم له إلا لقمة العيش وكلما أشع نور من ثقب ما في الكهف سارع النظام إلى سده على رأي أحمد مطر " من أي ثقب يا ترى توغل الفضاح ؟! من أي فج لاح؟! القاصفات في الذرى ، والراجمات في الثرى ، تسد كل منفذ ، حتى على الأشباح !" مصيبة الجزائر في غياب الوعي لدى عامة الشعب التي تجعله مقطوع الصلة بالنخب المثقفة و فريسة في يد المتلاعبين السياسويين وما أكثرهم في زمنهم.

  • عيسى قسنطينة

    أتفق في الكثير مع صاحب المقال و أشكره على تحليله، الكل يعرف المشكلة و لكن مــاه الحل ، هل نبقى نتفرج مكتوفي الأيدي ، ما نريد من مثقفينا إيجاد مخرج و الله القلب يحترق و نحن نرى هذا المنكر و التخريب الكبير لبلاد أعطاها الله كل الخيرات