-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حلقة جديدة في مسلسل المفاوضات العبثية

حسين لقرع
  • 2817
  • 1
حلقة جديدة في مسلسل المفاوضات العبثية

شكل قرار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، العودة َإلى مائدة التفاوض مع القادة الصهاينة مجدداً، مفاجأة كبيرة؛ إذ لم يلبّ نتنياهو أيا من شروطه لاستئناف العملية التفاوضية، ومع ذلك عاد إليها عباس وكأن شيئاً لم يكن.

   عباس اشترط قبل ثلاث سنوات أن يوقف الكيان الصهيوني الاستيطانَ في الضفة، وأن تُعتمد حدود 4 جوان 1967 أساساً للتفاوض، ولكن نتنياهو رفض شروطه طيلة هذه المدة وأصرّ على سياسته ومواقفه، ولم يمنح لعباس سوى عشرات الأسرى من ضمن 4700 أسير في سجون العدو، فما الذي تغيّر حتى ينكص الرئيس الفلسطيني على عقبيه ويعود إلى التفاوض مجدداً دون قيد أو شرط؟ بل ماذا حقق مسلسل التفاوض الماراطوني مع الصهاينة منذ 20 سنة كاملة حتى يقرر عباس استئنافه؟

    منذ عام 1993 والسلطة الفلسطينية تفاوض العدو الصهيوني على تطوير اتفاق “غزة- أريحا أولا” إلى ما يُسمى “الوضعُ النهائي”، أي اقامة دولة فلسطينية وحل مشكلة اللاجئين بتمكينهم من حقهم في العودة وحل مسألة القدس، والمياه…

   وبعد عشريتين كاملتين من التفاوض، لم تجن السلطة الفلسطينية إلا الريح؛ إذ لم يقدّم الصهاينة أي تنازل ذي قيمة للفلسطينيين، مقابل التنازلات الكثيرة المهينة التي قدمتها لهم السلطة، والنتيجة أن الكيان الصهيوني ابتلع معظم القدس، والأقصى أصبح على وشك الانهيار، والاستيطان تضاعف وتغوّل وقطّع أوصال الضفة، وعدد المستوطنين بلغ نصف مليون، وعدد الحواجز الأمنية بلغ 650، وحوّلت حياة الفلسطينيين إلى جحيم، كما انتهى عملياً كل أثر للمقاومة في الضفة، بعد أن أمعنت “شرطة دايتون” في مطاردة المقاومين واحباط عملياتهم ضد الاحتلال والزج بهم في السجون تحت مسمى “التنسيق الأمني؟” مع الصهاينة..

   والغريب أن هذه النتائج المرعبة لم تحمل عباس، على مراجعة مواقفه واعتماد خيار آخر يردّ  به على امعان الصهاينة في إذلاله وإهانته، فها هو يصر على تدشين “حلقة” أخرى من هذا المسلسل الماراطوني التفاوضي العبثي بقبوله العودة إلى مائدة التفاوض قريباً في أمريكا.

   رحم الله الرئيس ياسر عرفات، الذي خبِر المفاوضات مع الصهاينة لسنوات، كان آخرها مفاوضات الـ15 يوماً في كامب ديفيد مع باراك برعاية بيل كلينتون، ولكن حينما تأكد تماماً أن الصهاينة غير مستعدين لتقديم تنازل واحد للفلسطينيين، وأن كل ما يريدونه هو أن يتنازل لهم الفلسطينيون عن كل حقوقهم التاريخية مجاناً، عاد إلى بلده وأشعل الانتفاضة الثانية وأوقف “التنسيق الأمني” مع الصهاينة، وأطلق سراح المئات من ناشطي حماس للمشاركة في الانتفاضة، ولم يتراجع عن ذلك برغم الضغوط الهائلة التي تعرَّض لها من كل الجهات، حتى من القادة العرب، ودفع في الأخير حياته ثمناً لثباته على موقفه، وكسبَ احترام شعبه والعالم ودخل التاريخَ من أبوابه الواسعة.

 

   أما عباس، فيبدو أنه لا يجيد غير الذهاب إلى جلسات التفاوض تلو الأخرى دون أي فائدة، بينما تُقضم أراضي “بقية” فلسطين وتضيع مقدساتها، والغريب أنه يريد انتزاع مكاسب من هذه المفاوضات وهو لا يملك أي ورقة ضغط بعد أن تخلى طوعاً عن المقاومة، وتعهّد مراراً بأن يمنع اندلاع انتفاضة ثالثة في الضفة، فبماذا سيضغط على العدو إذن؟ ماذا يملك في جعبته من أوراق ضغط ما دام قد تخلى عن البندقية وحمل غصن الزيتون وحده؟ هل سمعتم بحالة واحدة في التاريخ تخلى فيها أحدٌ عن كل أسلحته وفاوض عدوا له مدجَّجاً بالسلاح، وانتزع منه مكسباً مهما؟ هل يُعقل أن تغيب هكذا أبجديات في علم السياسة عن عقل عباس؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • Djazaiiri Acil

    aller faire la guerre à Israel si tu as le courage.