-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حلم المئزر الأبيض

حلم المئزر الأبيض

عادت الدموع، لتصنع الحدث العلمي مع نهاية الأسبوع، بعد ظهور نتائج التوجيهات الجامعية للناجحين في شهادة البكالوريا، الخاصة بسنة 2022، إذ اتَّضح أن الجزائريين، برغم إغراءات الشُعب التقنية والعصرية الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي والمدرسة العليا للإعلام الآلي، إلا أنهم مازالوا متشبِّثين بالطب وبجراحة الأسنان، إذ قارب تعداد طالبي مهنة المئزر الأبيض والحالمين بها، النصف مليون طالب، يأملون في فتح عيادة لممارسة الطب، مما جعل معدل الحصول على مقعد بيداغوجي في الطب يرتفع إلى أكثر من 16 من عشرين، ولكم أن تتصوروا طالب بكالوريا أسعد والديه ونفسه بمعدل قياسي بلغ 16 من 20 وبملاحظة جيد جدا، ومع ذلك لم يحقق حلم حياته في دراسة الطب.

ستبدأ الجزائر بداية من الموسم الدراسي القادم، في تدريس اللغة الإنجليزية في الطور الابتدائي، ومعروفٌ أن الطب وجراحة الأسنان والصيدلة والبيطرة، غير متوفرة إلا باللغة الفرنسية، ومقرراتها بالكامل منقولة عن مقررات كليات الطب الفرنسية، إذ تمتلك فرنسا باعا طويلا في عالم الطب، وسيكون من الصعب نقل دراسة الطب من الفرنسية إلى الإنجليزية، ووجب مباشرة العمل على ذلك من الآن، قبل أن نُصدَم بواقع مرير، عندما نفتقد أطباء يتقنون لغة شكسبير ونفتقد أيضا المناهج والمراجع المساعِدة لطلبة الطب أو البيطرة، في شُعبةٍ جامعية ومهنية مازالت تمثل فخر العائلات.

تمتلك الجزائر “شعبا” قائما بذاته، من الأطباء المغتربين، خاصة المتواجدين في فرنسا التي مازالت -برغم وجود 18 ألف طبيب جزائري على أراضيها- تصيح: هل من مزيد؟ وتراهن الجزائر على مشاريع تنموية في الطاقة الشمسية والمناجم والسياحة والفلاحة والخدمات، ولكنها تواجه عشقا غير طبيعي من المتفوقين لمهنة الطب، إلى درجة أن غالبية الأوائل الذين كرمهم رئيس الجمهورية، اختاروا مهنة الطب لينضمُّوا إلى الجيش الأبيض، وقد يتحوّلون إلى فرنسا بعد تخرُّجهم كما فعل أسلافهم.

على القائمين على الجامعة الجزائرية أن يعترفوا بعجزهم عن تقديم مختلف الشُّعب العلمية، التي يمكنها أن تطير بالجزائر إلى القمة، وإذا لم تنقذ نفسها، بكفاءات تنظيم فوضى أشيائها، فسنبقى نكرّر نفس الأخطاء ونستنزف المال العامّ والسنوات والجهد في طلبة دون ميولهم ومواهبهم ودون ما تحتاجه الجزائر لأجل التطور، وتبقى القطاعات الحاسمة التي تحقق النمو الحقيقي بين أيدي أصحاب شهادات جامعية في غير موقعها، أو من الذين خاضوا دراسة على معادلة “مُجبر أخوك لا بطل”.

سيبلغ تعدادُ الطلبة الجامعيين في الجزائر، خلال الموسم الدراسي القادم قرابة مليوني طالب، وهو رقم مهول، ولكنه للأسف لا يساير النوعية المطلوبة ضمن شراكة بين سوق العمل وحاجة الجزائر، بدليل أن الأوائل راحوا يبحثون عن وظيفة الطب وأخواتها، كما كان يفعل أسلافُهم في ستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!