الجزائر
لم يتحدث عن الرئاسيات وقدم تصورا عن بناء الدولة

حمروش يعرض مشروعه.. خلفية التوقيت ودلالة المضمون!

محمد مسلم
  • 16293
  • 22
ح.م
مولود حمروش

رمت المساهمة التي نشرها رئيس حكومة الإصلاحات، مولود حمروش، حجرا كبيرا في بركة الانتخابات الرئاسية الراكدة، فالرجل وإن لم يتحدث عن الاستحقاق المقبل، إلا أنه لفت الأنظار إليه.

حمروش الذي اعتاد أن يقضي وقته بعيدا عن الأضواء، فنال تسمية “المنضبط” اختار كالعادة التوقيت المناسب لنشر هذه المساهمة، التي جاءت على بعد نحو ثلاثة أشهر فقط من الرئاسيات المقبلة. ويعتبر خروجه في هذا الوقت بالذات رسالة للصالونات في الداخل، والممثليات الدبلوماسية الأجنبية التي عادة ما تتغذى من الجدل الذي تخلفه مثل هذه “الخرجات”.
الأمين العام الأسبق للرئاسة قدم تصوره لبناء الدولة وممارسة الحكم ودور المؤسسة العسكرية، وهو بذلك يعرض مشروعا سياسيا لمرشح لا يزال يبحث عن فضاء في مشهد مغلق، بل مشفر، من قبل ماسكين بمفاتيح العملية السياسية. المرشح في رئاسيات 1999، اعتاد الخروج في مثل هذا التوقيت، ولعل المراقبين يتذكرون إطلالة الرجل في جانفي 2014، كمرشح مفترض، قبل أن يصدم محبيه وأنصاره بعد نحو شهر من ذلك التاريخ (فيفري 2014)، متأسفا عن عدم تحمسه لخوض السباق، انطلاقا من اعتقاده بأن صناع القرار حسموا أمرهم في مرشح السلطة، وكان يومها مرشح العهدة الرابعة، الرئيس بوتفليقة.
مساهمة حمروش في يومية “الوطن” الناطقة بالفرنسية، الأحد، لا تعدو أن تكون محاولة لتلمّس اتجاه بوصلة صناع القرار بشأن الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهو بذلك يحاول تفكيك طلاسم الغموض الذي لا يزال يخيم على المشهد، حتى يتسنى له بناء موقف حاسم ونهائي بخصوص موعد أفريل المقبل.
الكثير من أنصار رئيس الحكومة الأسبق يضغطون عليه لدخول معترك السباق، فهم وإن كانوا غير مهيكلين في حزب سياسي، إلا أنهم موجودون في مختلف هياكل ومفاصل الدولة، وينتظرون فقط الإشارة منه، لكن حمروش يدرك أن أقفال السباق نحو قصر المرادية مشفرة، وهي موجودة بأيدي أطراف لا تقرر انطلاقا من الاعتبارات المتعلقة بالصندوق، بقدر ما تحكمها آليات سير النظام، التي تضع الانتخابات آخر محطة في مسار السباق.
“خرجة” حمروش، يمكن أن تشجع مرشحين محتملين للسباق، لمحاولة إثراء الممارسة السياسية بمواقف قد تفتح النقاش على مصراعيه بخصوص موعد أفريل المقبل، كما يمكن أن يعتبرها البعض الآخر مؤشرا على استمرار الغموض، لأن عدم تحمس رجل بميزات ومواصفات وطموحات رئيس الحكومة الأسبق، يعزز مخاوف المرشحين من ذوي الوزن الثقيل.
ومن سلبيات الاحتمال الثاني، أنه يساعد على تكريس الرداءة السياسية، لأن استمرار سيطرة الغموض، لا يخدم إلا من يسعى للاصطياد في المياه العكرة، كما يقول المثل، والمقصود هنا، هو تحمس “المترشحين الأرانب” لخوض السباق، محاولين تقديم أنفسهم كبدائل، ليس لتولي المنصب، وإنما لملء الفراغ الذي سيخلفه إحجام المرشحين الكبار عن خوض السباق، مقابل الحصول على مغانم مالية، وقد بدأ الكثير منهم في إعداد العدة.

مقالات ذات صلة