الرأي

حول مسألة الحدود في الدّستور المغربي الجديد

محمد السعيد
  • 7656
  • 2

تضمّن مشروع الدّستور المغربي السّادس الّذي سيعرض على الاستفتاء الشّعبي في الأوّل من الشّهر القادم مادّة في السياسة الخارجية تهمّ الجزائر كدولة جارة للمملكة وعضو في اتّحاد المغرب العربي،

 فقد كرّس الفصل 42 من المشروع استمرار  تشبّث النّظام الملكي، كما في دستور1996 بسياسته التوسعية في المنطقة بالتّنصيص الصّريح على أنّ “الملك هو ضامن استقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقّة”، أي أن المملكة غير قابلة بحدودها  المعترف بها دوليا،وأنّها مازالت أسيرة منطق البيعة الّذي تجاوزه الزّمن؛  فكيف يمكن لها في هذه الحالة أن توفّق بين  أطماعها وبين “خيارها الاستراتيجي” بالعمل في ذات الوقت، كما ورد في تصدير المشروع، ” على بناء  الاتّحاد المغاربي الّذي يتألّف من دول معروفة بحدود معترف بها دوليا ؟
إنّ هذا الموقف يتناقض مع الشرعية الدولية التي لا تعرف في العالم سوى مثال واحد لدولة بلا حدود ثابتة و نهائيّة و هو إسرائيل الحالمة بكيان مساحته من النّيل إلى الفرات، كما يتعارض أيضا و في آن واحد مع إعلان مرّاكش الّذي دعا إلى جعل  منطقة المغرب العربي “موطن سلام و مرفأ أمن”، و مع معاهدة تأسيس اتّحاد المغرب العربي الّتي نصّت في مادّتها   الثانية على ” العمل تدريجيا على تحقيق حريّة تنقّل الأشخاص  وانتقال الخدمات والسّلع و رؤوس الأموال بين الدّول الأعضاء”. فبأيّ معجزة يمكن بناء فضاء سياسي و اقتصادي مدمج إذا كان أحد الأعضاء لم يتخلّص بعد من عقدة التوسّع   ويتمسّك بالاحتلال العسكري للصّحراء الغربيّة كاختيار لا رجعة عنه دون تمكين أصحاب الحقّ من حريّة الاختيار؟؛ وغنيّ عن البيان أنّه لا يمكن الاطمئنان إلى جار مازالت تراوده أحلام استعادة ” المغرب الكبير ” الّذي يمتدّ ّ من تخوم نهر السّينغال حتّى الأندلس و يمحو في طريقه من الخريطة دولا مستقلّة ذات سيادة  ويهدّد أجزاء من أراضي دول أخرى؛
 إنّ الإبقاء على عبارة ” الحدود الحقّة” في الدّستور دون توضيح و تحديد مجالها يؤكّد الشكوك   في صدق نوايا النّظام المغربي تجاه جيرانه و يعمّق أزمة الثّقة في المنطقة، وبالتّالي يضيف عقبة أخرى في طريق إنجاز الاتحاد المغاربي و يحرم شعوبه من فرصة جديدة للتلاقي والتّعاون على مواجهة تحديات  التنمية و بناء دول عصرية تحترم فيها الحريّات  وحقوق الإنسان.
 ,إنّه من المؤسف أن تبادر دول غربية لها التزاماتها في حفظ الأمن و السّلم في العالم إلى تزكية هذا  الانزلاق دون التّنبيه  إلى  حجم ضرره على مستقبل السّلم و الأمن في المنطقة، اللّهمّ إلاّ إذا كانت غاية هذه الدّول هي إجهاض أي مسعى وحدوي  حتّى  لا يكون للاتّحاد المغاربي وزن اقتصادي و سياسي يجعل منه شريكا فعّالا لمختلف التكتّلات الإقليميي . وأخيرا،نتمنّى أن يهتدي نظام البلد الشّقيق إلى طريق التعقّل فيكون شغله الشّاغل إنصاف الشّعب الصّحراوي واستعادة  سبتة و مليلة الّلّتين تحتلّهما إسبانيا واللّتين يظلّ تحريرهما مطلبا مشروعا دائما للشّعوب المغاربيّة.
       
*الأمين العامّ  لحزب الحرية و العدالة  ( غير معتمد ) 

مقالات ذات صلة