الرأي

حينما اتّخذنا الدّين اللّهو واللّهو دينا!

سلطان بركاني
  • 3031
  • 11

كم هو محزن حالنا معاشر المسلمين في هذا الزّمان، يوم اتّخذنا ديننا لهوا ولعبا، وتعلّقت قلوبنا باللّعب وجعلناه دينا نوالي ونعادي ونفرح ونحزن لأجله، في هذا الزّمان العصيب الذي تكالبت فيه الأمم على أمّة الإسلام، وفي هذه السّنوات التي تتّجه فيها أوروبا للعودة إلى نصرانيتها المحرّفة، وفي الوقت الذي يصل أعداء هذا الدّين اللّيل بالنّهار لغزو الفضاء والسّيطرة على العالم، وينفقون البلايين لصدّ النّاس عن هذا الدّين العظيم.

ويزداد الطّين بلّة حينما يرضخ العلماء للواقع، ويجتهدوا في إصدار الفتاوى التي تبرّر تعلّق شباب المسلمين بحياة اللّهو واللّعب، وزهدهم في حياة الجدّ والنّصب، ولعلّ فتاوى إفطار الرياضيين لخوض معارك كرة القدم، وفتاوى تأخير صلاة التّراويح لأجل متابعة مباريات الكرة المستديرة، تعتبر النّموذج الأبرز في هذا الباب.

ليس حراما ولا منكرا أن يخصّص المسلم شيئا من وقته للتّرفيه واللّعب، ولكنّ المنكر أن يتحوّل اللّعب إلى دين وعقيدة، يستغرق الأوقات، وتزهق لأجله الأرواح، وتنفق في سبيله الأموال الطّائلة التي تحرَم منها المساجد والجامعات ومراكز البحث العلميّ.

لقد حقّ لنا معاشر المسلمين أن نتذكّر أنّ هذا الدّين الذي نتلاعب بأحكامه ونريد أن يكون تابعا لأهوائنا، لم يبلغنا في كتاب قرأناه، وإنّما بلغنا على دماء وجماجم الرّجال، قطعت لأجله رقاب وتطايرت جماجم وسالت دماء.

نبيّ الهدى – صلّى الله عليه وآله وسلّم – حوصر وطورد واتّهم بالسّحر والجنون والكذب، وبُصق في وجهه، ووُضع سلا الجزور على ظهره، ورمي بالحجارة وأدميت عقباه، وشجّ وجهه وكسرت رباعيته، وتعرّض لمحاولات القتل أكثر من مرّة، كلّ هذا في سبيل تبليغ هذا الدّين، ولأجل أن نكون من المسلمين الموحّدين.

صحابة النبيّ -صلّى الله عليه وآله وسلّم – عذّب منهم من عذّب، وقتّل منهم من قتّل، وشرّد منهم من شرّد. تركوا الأموال والدّور، وهجروا الأهل والأولاد، وخاضوا الفيافي والصّحاري مجاهدين في سبيل الله. مات منهم الآلاف في الحجاز والشّام وفي العراق وإيران، لأجل أن نعيش مسلمين.

التّابعون عليهم رحمة الله بذلوا المهج والأرواح وخرجوا مجاهدين في سبيل الله، ووصلوا بالإسلام إلى شمال أفريقيا، وحملوه إلى ديارنا على كواهلهم وجماجمهم، وبذلوا في سبيل ذلك أرواحهم ودماءهم.

هل نسينا ما بذله موسى بن نصير وإخوانه، وما قدّمه طارق بن زياد وأعوانه، وما عاناه عقبة بن نافع وخلانه، لأجل تثبيت الإسلام في بلادنا هذه؟ لقد استعصت بلادنا هذه على الفاتحين، وعانوا معها ما الله به عليم، ولكنّهم استعانوا بالله وصبروا وضحّوا لأجل أن تكون بلادنا هذه بقعة من بلاد الإسلام.

مقالات ذات صلة