-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الدنيا مصالح..ودعاوي الخير بالدراهم

حينما يصبح المعروف لا يقضى لوجه الله!

الشروق أونلاين
  • 7496
  • 0
حينما يصبح المعروف لا يقضى لوجه الله!

نحن في مجتمع الماديات وزمن المصالح،تلاشت فيه القيم وانحطت فيه الأخلاق حتى صارالأخ يبتز أخاه لقاء مساعدة أو خدمة يكون فيها في خصاصة على شفى حفرة من نار، فكل شيء بالمقابل وتقوم العلاقات على أساس خدمة ما وتنتهي بزوالها، وأصبح الواحد منا يتفادى إلقاء التحية والسلام لكي لا تتبعها مصلحة.

وراء كل خدمة مقابل

في زمن لا يرحم، فقدت فيه معاني الإنسانية، فأصبح الأخ لا يساعد لوجه الله طمعا في حجز مكان في الآخرة، بل جشعا في  إغراءات الدنيا، فصرنا لا نسمع أحدا يخرج غيره من مأزق إلا وتبادر إلى أذهاننا سبب ذلك، وهو ما أكده لنا أمين 32 سنة الذي التقيناه أمام محطة الترامواي بحسين داي “أصبح عمل المعروف وما يقابله يتبعان بعضهما البعض، فعمل خدمة والمقابل عليها وجهان لعملة واحدة، بل يتعدى ذلك ليعاب فاعل الخير الذي يعطي دون أن ينتظر شيئا ويكنى في مجتمعنا بـ”النية”.

وعلى عكس هذا، نجد من يغتنمون فرصة من بهم خصاصة بابتزازهم بشتى الطرق وذلك بجعل مصالحهم الذاتية من أولوياتهم، وفي هذا يقول علي وهو عامل في قطاع الصحة “أقطن بعيدا عن العمل، حيث التجأت إلى رب العمل لطلب سكن وظيفي بعد أن أنهكني الإيجار لسبع سنوات متتالية فكان لي هذا، لكن بالمقابل ابتزني به ووضعه شرطا لتلبية طلبي أكون عينا له على كل أفعال وأقوال الموظفين من حولي، فقبلت شرطه رغما عني”.

ولعل اللوم هنا لا يقع على عاتق المبتز فقط، بل يقع أيضا على من طلب المساعدة، لأنه مدرك لشخصية ودناءة من طلب المساعدة منه.

على قدر ما تعطي تكون العلاقات

و يا للأسف في يومنا هذا أصبح مبدأ الحاجة تقابلها مصلحة أساس بناء العلاقات بين الناس في إطار المجتمع، فمتى كانت المصلحة متوفرة كان التفاعل بين الناس، وفي هذا يقول محمد 28 سنة والذي التقيناه ونحن في طريقنا إلى رويسو أن له صديقا يركض دوما وراء مساعيه الشخصية، متخطيا بذلك صداقتهما، وأصبح لا يهاتفه إلا ووراءه حاجة يطالبه بها، وإذا احتاجه في أمر طارئ إلا واصطحبه بمقابل ما، مستغلا طيبته وصبره على العشرة التي بينهما. 

ودائما في إطار العلاقات بين الأفراد، نجد من يأبى يطلب مساعدة وهو في أمس الحاجة إليها خوفا من أن لا يستطيع تلبية مقابل يعجز عنه أو يضعه في ضيق، وهو حال عمي سعيد الذي وقع في ضائقة مالية من جراء تأهبه لتزويج ابنته، لكنه فضل الخصاصة وتجهيز فلذة كبده بالقليل على أن يمد يده، لأنه في رأيه لم يعد يوجد لا رحمة ولا ثقة بين الناس، بالإضافة إلى خوفه مما قد يترتب عن سؤاله لتلبية حاجاته.

سلام فكلام فمصلحة

ومن جهة أخرى، نجد من يلقى في العزلة مأربه ويتخذ من مبدأ الغاب طريقا له، وهذا ما يفسر الأبواب الموصدة في وجه القريب والبعيد والوجوه العابسة والكلام القليل، حيث يأبون أي مبادرة منهم لربط الاتصال فيما بينهم، لأنه في نظرهم لا تكون أية صلة وصل بين شخص وآخر إلا وتكون هناك مصلحة ما معه، وهذا ما يعتبر مصدر إزعاج بالنسبة لهم وهو ما يؤكده جمال، حيث يقول أنه كثيرا ما تأتيه مكالمات توقعه في شباك المصالح والخدمات، حيث لا يستطيع الإفلات منهم وعلى اثر هذا يتجنبهم بعدم الرد عليهم، وقال بأنه يسجلهم باسم مزعج كي لا يرد عليهم نهائيا.

أما آخرون فيعمدون إلى مقاطعة الجيران والأصدقاء، وفي هذا يقول سيدعلي أنه مستأجر لمدة ثلاث سنوات في الكاليتوس بالعاصمة، وصادف هذا العام قدوم مستأجر جديد وتعجب أنه ولمدة شهرين لم يتشرف بمقابلته بعد، لأنه يتجنب إلقاء التحية والسلام لمجرد أن الزوج إطار في الشرطة والزوجة محامية، كي لا يطمع أحد في أي خدمة منهما.

ومن الطامعين وقصصهم الغريبة أنهم يتحججون بإلقاء التحية والسلام حتى في الشوارع من أجل طلب فلس أو استعارة هاتف.. أصبحت عادة كثيرا ما تصادفنا في الطريق حتى بين الأصدقاء وفي هذا يقول عادل 26 سنة والذي التقيناه ونحن في طريق عودتنا إلى حسين داي أنه لا ينفك يلتقي بصديق له حتى يلقي التحية ليتبعها خدمة ما، وكثيرا ما تكون طلب نقود قائلا “هل أجد عندك 20 دينارا لاحتساء قهوة ودفع ثمنها”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • الاسم

    ماااااااااااااااااااااااشييييييييييييييييي قاااااااااااااااااااااااااااااع الجزاااااااااااااااااايريييييييييييييييييييييييييييييييين هاكا يا صاحب المقال الله يهديك

  • الاسم

    يا صاحب المقال - اللذين ذكرتهم في مقالك هم فقط بضع افراد يعدون على اصابع اليد
    و لكن اغلبية الجزائريين تجدهم يتعاطفون مع الناس و يحسنون الى الفقير و المحتاج
    بل و يستحون ان يطالبون ثمنا مقابل /دعوة الخير/.
    و الجمعيات الخيرية و مطاعم الرحمة خير دليل على ذلك