جواهر
وجهات نظر

حين يتزوج الرجل بمن تكبره سنا!

وجيدة حافي
  • 10293
  • 18
ح.م

يحدث هذا في القصص والروايات، وحتى المُسلسلات أين تُتوج البطلة باللقب وتظفر بحبيبها الذي يصغرها بسنوات وسنوات، لكن ما هو الوضع والحال في الواقع المُعيش؟ وهل المرأة التي تتزوج رجلا أصغر منها واعية وغير مريضة نفسيا  أم أنها فتحت أبواب جهنم عليها ودخلت في بوابة القيل والقال؟

إن مُعالجتنا لهذا الموضوع جاءت بعد قصص واقعية سمعناها ورأيناها، قصص كانت المرأة في كثير من الأحيان الضحية والمُلامة الوحيدة من طرف عائلتها والمُجتمع، لا لشيء سوى أنها أحبت وتعلقت بقيسها، تحدت العالم وكل الصعاب من أجل العيش معه بسلام وطُمأنينة تحت سقف واحد، ولكنها للأسف تُفاجئ بأُمور خفية لم تكن تعرفها، فروميو هذا لم يُقدر التضحية ورماها كما تُرمى الزبالة أكرمكم الله.

 في الماضي كان تقبل الفكرة من المُستحيلات السبع، فالعائلة الكبيرة آنذاك لم تكن تعرف إلا ما تُمليه العادات والتقاليد، والخُروج عن الفكرة يعني التمرُد والعصيان، أما الآن ومع الانتشار الرهيب للعنوسة اختلف الوضع وأصبح من الأمور العادية والمقبولة، خُصوصا إذا كانت المرآة مُقتدرة ولا تكبره بسنوات كبيرة، فالرجل بطبعه واقعي غير رُومانسي، وقليلة هي الحالات التي نجد فيها رجلا يسمع لنداء قلبه قبل عقله، عكس المرأة تماما، وطبعا نفس الشيء يُقال عن الجنس اللطيف الذي  نادرا ما يستعمل عقله قبل قلبه.

 رسولنا عليه أزكى الصلوات والسلام تزوج من السيدة خديجة  المرأة التي تكبره بسنوات، وهو الشاب الفتي آنذاك، وتزوج من السيدة عائشة وهي الطفلة وقتها، ورغم هذا لم نسمع بطلاق ومشاكل كما يحدث الآن، لم تكن هناك مُعايرة، وتفاخر، مصالح وغيرها من  الأشياء التي تنكشف بعد الزواج، بالعكس المودة والاحترام، الحب والتفاهم طغيا على كل المشاكل واحتوياها.

 ولأنه لا مجال لمُقارنة كل الرجال بسيدنا رسول الله عليه أزكى الصلوات والسلام، إلا أنه دائما نجد الحالات الشاذة أين يكون الرجل بالحق تقي وعارف بقيمة تلك التي اختارته أو اختارها، فليس دائما الطمع والميراث هما سببا هذا النوع من الارتباط، ولهذا عملية الاختيار مُهمة جدا، فهي أساس بناء علاقة قوية وصادقة، ميزتها استمرار النسل وبناء مُجتمع خال من الشوائب والمشاكل.

فيا سيدي  كن رجلا معها، ولا تتركها في مُنتصف الطريق، فالرُجولة أخلاق، ولا تنسى أنك من اخترتها وقررت خوض التجربة الحياتية معها، لا تقل لها بعد سنوات أنا نادم، وأنت من لهثت ورائي وغيرها من الكلمات النابية والجارحة، ففي نهاية المطاف هي حياة واحدة نعيشها بحُلوها ومُرها، لا تكن سببا في تشرد ويتم أبنائك، نرجوك هذه المرة أن تكون رُومانسيا أكثر من عقلاني، فمن يدري ما يفعله القلب لحظة الضعف والوقوع في هذا الذي يُسمى حُبا وهوى، ونفس الشيء  يُقال لحواء، لا تركض خلف عواطفك وأحلامك، كوني عكسه تماما، عقلانية أكثر من رُومانسية، فالحياة ليست حفلة ضخمة وثوب زفاف، هي أكبر من هذا، هي روتين يومي يطغى بعد انقضاء شهر العسل والأيام الحُلوة.

وفي الختام نقول أن كل إنسان حُر في اختياره مادام مبني على الأُسس الصحيحة التي لا تُغضب الرب ولا عباده، كفانا جلدا للآخرين وحُكما قاسيا عليهم، فالعبرة بالخواتيم، وكم هي الزيجات التي نجحت رغم التباعد العُمري بين الزوجين، والعكس صحيح، فما نجده في النهر لا نجده في البحر، ولنترك لأبنائنا حيزا من حُرية الإختيار، لا نضغط عليهم باستعمال حق الأُبوة والدُعاء الذي ليس في محله، لا نغضب منهم لمُجرد أنهم قرروا لوحدهم، وفي نفس الوقت لا نتركهم للهاوية، يعني في هذه الحالة إمساك العصا من الوسط مُهم جدا..

يا آباءنا وأُمهاتنا، افرحوا معهم واعتبروا هذا الذي اختاروه سواء ذكرا أم أُنثى جُزء منكم لتستمر الحياة بسلام دون مشاكل تُعكر صفوها، وتُفسد المودة والاحترام بين أهلها، دعوكم من القيل والقال وكل الأفكار السوداوية، فالله الواحد الأحد الرزاق، ويُمكن لامرأة الأربعين والخمسين التي تزوجت بشخص أقل منها أن تُنجب دزينة أولاد والعكس صحيح، ففي زماننا هذا كل شيء مُمكن.. بنت العشرين والثلاثين لم تُرزق بأولاد رغم صغر سنها وزوجها والعكس صحيح، وهذا لحكمة لا يعرفها إلا الله، والخير لا نعرف أين نجده، ومع من، لذا التأني، الحكمة والتعقل وغيرها من الصفات والأفعال التي تُؤدي للخير وتُبعد الشر والكُره وكل ما يُفسد العلاقة العائلية، مُهمة جدا في هذه الحالات.

مقالات ذات صلة