-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ختان الأطفال في رمضان.. عادة بدلالات جميلة تحتضر

نسيبة علال
  • 458
  • 0
ختان الأطفال في رمضان.. عادة بدلالات جميلة تحتضر

ختان الأطفال في نصفية شهر رمضان، أو في ليلة السابع والعشرين، عادة جزائرية ضاربة في القدم، كانت تحييها العائلات بطقوس استثنائية. وهي فرصة كذلك للفقراء، الذين لا يملكون نفقات الاحتفال، للاكتفاء بما قل في شهر الصيام. ومع مرور الزمن، تكاد هذه العادة الجميلة أن تندثر طقوسها الرمضانية، لأسباب اجتماعية وأخرى اقتصادية.

كان لختان الأطفال في رمضان طقوس العرس المصغر، خاصة لدى سكان الوسط، كالعاصمة والبليدة والقليعة.. وبعض ولايات الشرق والغرب، على غرار قسنطينة ووهران، تختلف التفاصيل قليلا، لكن العادات هي ذاتها، تنتظر العائلات بلوغ رمضان منتصفه، أو ليلة السابع والعشرين منه، تبركا بهذه الأيام، وتكون الأم والجدة قد أعدتا جهاز المختون من أقمصة وألبسة تقليدية. بعد الإفطار مباشرة، تجتمع النسوة في بيته من جارات وقريبات متزينات بأجمل الحلل، وتأتي والدته بسينية الحنة، وهي سينية نحاسية كبيرة الحجم تحمل كل المعدات اللازمة، بما في ذلك ماء الزهر وقطعة من الذهب، وتقوم كبيرات السنة بربط الحنة للصغير ولبعض الحاضرات العزباوات أو اللواتي لم ينجبن بعد، كفأل طيب، حتى يحن الله عليهن، على حد قولهن، توزع الشاربات وهي مشروب بارد يصنع منزليا من الليمون والفانيلا أو الياسمين والنعنع، ثم تمتد السهرة بالحلويات التقليدية المعسلة والمكسرات مع الشاي، يلبس فيها الصغير ما أعد له من تصديرة، وتغني النسوة أغاني شعبية أو بوقالات حتى يحين موعد السحور فيفترقن، ليلتقين غدا على موائد وليمة إفطار دسم، بعد أن ينقل الطفل إلى المستشفى أو يأتي لختانه طبيب مختص.

إلغاء الختان في المستشفيات إلا للضرورة

تعود الجزائريون خاصة محدودي الدخل منهم والفئات الهشة على ختان أبنائهم في المستشفيات، لتفادي مصاريف العيادات الطبية الخاصة، التي تتراوح فيها هذه العملية البسيطة بين ثمانية آلاف دينار إلى ثلاثين ألف دينار، ومع الضغط الكبير الذي شهدته المستشفيات، خلال السنتين الأخيرتين، الذي وجب عليها تجنيد طواقمها لعلاج مرضى كوفيد 19، اتخذت وزارة الصحة جملة من التعليمات تمنع ختان الأطفال في المستشفيات إلا للضرورة

القصوى، حتى الجمعيات الخيرية التي دأبت على التكفل بنفقات وترتيبات ختان مختلف أطياف المجتمع ممن يقصدونها في رمضان، أصبح عليها الالتزام فقط بختان الأيتام والمعوزين، ووفق شروط دقيقة وصارمة.

العقيقة تتضمن الختان

اختصارا للطقوس التي كانت مفروضة على عائلة الطفل، من تحضير كميات هائلة للكسكسي وإعداد مختلف أنواع الحلويات التقليدية، ودعوة العائلة والأحباب إلى الأكل والرقص، على أنغام وإيقاعات الأغاني الشعبية، توجهت العائلات الجزائرية في الآونة الأخيرة إلى التملص من كل هذا، وجعله يقتصر على عشاء تغطيه أضحية العقيقة. تقول السيدة سعاد، مهتمة وباحثة في التراث: “طبيعة الجزائريين، أنهم يحبون المناسبات، لكن حياتهم العصرية أصبحت صعبة، وتحتاج الكثير من التكاليف.. لذا، من صالح الأمهات تحضير حفل واحد يتضمن العقيقة والختان، ويوفر للعائلة المصاريف.. كما أنه يسمح للأم بالاهتمام بصغيرها بعد ختانه، وكلما كان ذلك في عمر مبكر، قل التعب أيضا”.

غياب صلة الرحم والسباق نحو البرستيج

يقول الخبير الاجتماعي، الأستاذ لزهر زين الدين: “هذه المناسبات، كانت مقدسة لدى الجزائريين، لأنها تسمح لهم بلقاء بعضهم البعض، يختلقون الفرصة للفرجة والاطلاع على أخبار الأقارب وتقاسم الفرح، وقد كان البرستيج آخر همهم، في وقت تقوم كل العائلات بالعادات ذاتها، وتلبس أبناءها ملابس متشابهة من صنعة أيادي النسوة، وكانت المأكولات والحلويات المقدمة نفسها في كل مرة. أما اليوم، فقد تسارع السباق نحو الجديد والمبتدع، وأصبحت بعض العائلات تفضل عدم خوض هذا السباق، والانسحاب بشرف. كما أن صلة الرحم انقطعت بين الكثير من الجزائريين، وأصبحت هذه المناسبات البسيطة في طابعها العميقة في دلالاتها لا معنى لها تقريبا، ولا هدف من إنفاق المال والجهد لإحيائها، وقلة قليلة من ظلت وفية لهذه التقاليد”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!